الذكور يمتلكون حلمات ثدي مثل النساء

قد أتفهّم وجود هذه الأعضاء عند الأنثى بحكم الوظيفة المُوكلة إليها خلال عملية الرضاعة مِن أجل إطعام الوليد وتأمين ركائز نظام تغذيته وجهازه المناعي الداعم، لكن عندما يصل الأمر إلى الذكور يجب أن نقف قليلًا ونتساءل، لماذا يمتلك الذكور أشياء غير مفيدة لديهم؟

هل مِن الممكن للذكر أن يُرضع؟ إذن، لماذا يمتلك حلمات ثدي على الرغم من أنّه لا يُرضع أبدًا!

الإجابة على هذا السؤال تكمن في العودة إلى الحالة الرحميّة للجنين البشري، هناك حيث كائن يسبح في السائل المغذّي بعيدًا عن كل صخب العالم وتعقيداته. في الأساس نجد أنّ كل الأجنة سواءً ذكورًا أم إناثًا تنشأ من مُخطط جيني عام مُتقارب، لكن فيما بعد، يسلك أحدهم اتجاهات مُغايرة لتلك التي يسلكها الآخر.

خلال الأسابيع الأولى يكون الجنين الذكري مُماثلًا للجنين الأنثوي تمامًا، وفي هذه المرحلة بالتحديد يتم تطوّر حلمات الثدي لدى كل من الأجنة على حدٍ سواء، لكن بعد حوالي 6 إلى 7 أسابيع من الحمل يبدأ التمايز الجنسي بتدخل الكروموسوم Y الذي يقوم بجعل الذكر ذكرًا، وذلك من خلال بداية نمو الخصيتين وبقيّة أعضاء الجهاز التناسلي الخاص به.

بعد تشكّل الخصيتين، يقوم الجنين الذكر بإنتاج التستوسترون عند حوالي الأسبوع التاسع من الحمل مُغيّرًا بذلك النشاط الجيني للجهاز التناسلي والدماغ معًا، أمّا الحلمات فتكون قد بقيت في مكانها دون أي تغير، لأنّها نشأت في مرحلة ما قبل التمايز، فكان الجنين الذكر يُعامل كالأنثى، فبقيت الحلمات في مكانها كتذكار على بداية التطوّر الجنيني.

لربما الآن فهمنا سبب وجود الحلمات في مكانها عند الذكور، لكن ما الذي يدفع الناس لإبقائها؟ هل هناك فائدة مرجوة أو ضرر ما؟

الأمر أقل تعقيدًا من هذا، فالحلمات عند الذكور غير ضارة وليس لها أي قيمة استقلابية في نظام أيض الإنسان، وكونها غير ذات أهمية قصوى أو ضرر بالغ، لم يُوجد توجّه تطوري قوي من أجل التخلص منها واستئصالها من مكانها.

هذا كله في الحالة الطبيعية، لكن في بعض الأحيان ومع انخفاض معدل هرمون التستوسترون لدى الذكور، تنشأ حالة تعرف باسم التثدّي Gynaecomastia أو أثداء الرجال، وهي تضخم في أثداء الذكور بحيث تقارب نوعًا ما الأحجام الموجودة لدى الأنثى.

وتحدث حالة أثداء الرجال هذه بسبب اختلال التوازن لدى هرمونات الجسم بحيث ينخفض هرمون الذكورة ويزداد هرمون الأنوثة، وبالتالي تبدأ الأعضاء التي لها قرابة أنثوية بالنمو وزيادة الحجم، وفي بعض الأحيان تلعب البدانة وزيادة الوزن دورًا في نشوء هذه الظاهرة أيضًا.

أمّا من ناحية العلاج فالأمر قد يسلك سلوكين: الأول علاج تنظيمي يتلخّص في تناول عقاقير لها علاقة بتنظيم هرمونات الجسم وإعادة التوازن فيما بينها إلى الحالة الطبيعية، أمّا الثاني فعلى علاقة بالاستئصال الجراحي لا سيما إن لم ينجح العلاج الأول.

ومن هنا يمكن القول أنّ حلمات الرجال ما هي إلّا تذكار صغير من بداية المرحلة الجنينية للتطوّر البشري، إذ أنّ الكروموسوم Y لم يكن متواجدًا حينها فخضع كل من الذكور والإناث لنفس المخطط الجيني ونشأت الحلمات حينها، لكن فيما بعد تغيّر المسار وبقيت هي كشاهد على ما حدث في بداية الرحلة بأكملها.

وقد يهمك أيضا:

علماء أيرلنديون يؤكدون أن الرضاعة الطبيعية تحمي قلوب الأطفال المبتسرين

متغيّر جديد وثوري يوضح سبب العقم لدى الذكور في الولايات المتحدة