الأزمة الديموغرافية

يبدو أن جهود الحكومة الروسية لمعالجة الأزمة الديموغرافية، والانتقال من مرحلة تراجع أعداد السكان إلى النمو، لم تؤتِ ثمارها حتى الآن. وعبّر مسؤولون روس عن قلقهم إزاء ارتفاع نسبة الوفيات في عدد من الأقاليم الروسية، وتزايد أعداد المواطنين كبار السن بالنسبة إلى أعداد المواطنين في سن العمل.ويحذّر مراقبون من أن الإصلاحات التي تبنتها الحكومة بهدف زيادة أعداد العاملين خلال السنوات القادمة لن تحقق لهم النتائج المطلوبة. ولمواجهة هذا الوضع، وتحفيز نمو معدل الولادات، تخطط الحكومة لاتخاذ تدابير إضافية، خدمية ومادية الطابع، تعزز من شعور الأسرة بتوفر شروط لضمان حياة كريمة لأطفالهم. وتعلق الحكومة الآمال على أن تؤدي تلك التدابير إلى تحول إيجابي، ليس بغية توفير القوة البشرية الضرورية للنمو بعد عقدين من الزمن فحسب، بل من أجل «الحفاظ على الأمة الروسية»، على حد تعبير مسؤولة حكومية رفيعة المستوى.

في تقرير توقعات الميزانية حتى عام 2036، حذرت وزارة المالية الروسية من أن «تهرُّم المواطنين»، أي زيادة عدد كبار السن على المواطنين في سن العمل، يشكل تحدياً لنفقات الميزانية. وخلال 17 عاماً سيصبح عدد النساء في عمر حتى 55 عاماً والرجال حتى 60 عاماً، أي في سن العمل، أقل مما هو عليه الآن بنحو 2.7 مليون رجل وامرأة. وتتوقع الوزارة أن تتراجع أعداد هؤلاء بصورة خاصة خلال السنوات الخمس القادمة. في المقابل يتوقع أن يزداد أعداد المواطنين كبار السن إلى أكثر من 5 ملايين مواطن. وسيؤثر تراجع أعداد المواطنين في سن العمل بصورة سلبية على العملية الإنتاجية، والنمو الاقتصادي بشكل عام، بينما ستكون الحكومة مضطرة إلى زيادة الإنفاق على كبار السن، مع تزايد أعدادهم.

ولتفادي هذا الوضع أقرّت الحكومة إصلاحات شملت رفع سن التقاعد للرجال حتى 65 عاماً، وللنساء حتى 63 عاماً، منذ بداية العام الجاري، وتقول إن هذه الخطوة ستسهم في زيادة عدد المواطنين في سن العمل بقدر 1.8 مليون مواطن بحلول عام 2024، وأقصى حد حتى 1.5 مليون مواطن بحلول عام 2035، إلا أن مراقبين، ومنهم روستيسلاف كابيليوشنيكوف، نائب مدير قسم العمل في المدرسة العليا للاقتصاد، يشككون في إمكانية تحقيق تلك النتائج، ويشيرون إلى أنه حتى لو تحققت، فإن المشكلة ستبقى قائمة، لأن معدل زيادة أعداد المواطنين في سن العمل أدنى من معدل تراجع أعدادهم. وتشتكي وزارة المالية الروسية من تهرب المواطنين في سن العمل من تسديد الضرائب، كلها أو جزء منها، وقالت إن حجم التهرب الضريبي لهذه الفئة بلغ 10 تريليونات روبل سنوياً، محذرةً من أنه إذا استمر الوضع على حاله فإن حجم دخل الميزانية «الهارب» قد يصل حتى 1.5 نقطة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2034.

أقرا أيضا" :

رئيس البرلمان اللبناني يطالب الحكومة بإقرار الموازنة الجديدة في أسرع وقت

في سياق متصل حذرت تتيانا غوليكوفا، نائبة رئيس الحكومة الروسية، من ارتفاع معدل الوفيات في روسيا، وقالت في كلمة أمام البرلمان إن معدل الوفيات ارتفع العام الماضي في ثلث أقاليم ومقاطعات الاتحاد الروسي، وأشارت إلى أن «معدل الوفيات بين المواطنين في الأرياف أعلى بنسبة 14% من معدل الوفيات في المدن. ويعيش سكان الريف بعامين أقل من سكان المدن». وأكدت للبرلمانيين أن الحكومة تتخذ تدابير لمعالجة هذا الوضع، وأشارت بصورة خاصة إلى خطة لتحسين الرعاية الصحية في الأرياف وافتتاح دور جديدة للولادة.وفي حديث لوسائل إعلام روسية، توقفت غوليكوفا بصورة خاصة عند خطوات ترمي إلى زيادة معدل الولادات، بغية ضمان تقليص الفارق بين كبار السن والشباب في سن العمل، وقالت إن الحكومة تنظر في إمكانية منح «رأس مال الأمومة» عند ولادة الطفل الأول. وتمنح الدولة حالياً رأس مال الأمومة، وقيمته نحو 8 آلاف دولار أميركي، فقط عند ولادة الطفل الثاني في الأسرة، لمرة واحدة، وتحدد استخدامه إما لشراء السكن وإما للأنفاق على التعليم الجامعي للأبناء. وشددت نائبة رئيس الحكومة الروسية على ضرورة اتخاذ تدابير إضافية «لتحفيز الأسرة على الإنجاب»، وقالت إن «هذا مرتبط بكثير من الجوانب، بما في ذلك ما يرتبط بضرورة الحفاظ على الأمة الروسية».

قد يهمك أيضا" :

عجز الموازنة الأميركية يصل إلى 234 مليار دولار خلال شباط 2019

الأردن تعوّل على "مبادرة لندن" لمنحها تمويل كافٍ للسياسات الإصلاحية