"روبرت بانسكي" رسَّام الجدران البريطاني

ترك الرسَّام البريطاني روبرت بانسكي، رسوما كثيرة على جدار الفصل العنصري الذي يقسم مدينة بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة.

ووُلد بانسكي في بريستول قبل 48 عاما وهو اليوم أشهر رواد ما يسمى بفن الشوارع أو "الغرافيتي"، لكن عمره وهويته تبقى ملتبسة لأن من النادر أن تجد صورة له، وهو لا يميل لتقديم نفسه خارج أعماله، واعتاد التغيب عن المعارض والاحتفالات التي تقام له.

يحتفي متحف لافاييت لـ«الغرافيتي» في باريس ببانسكي، ويخصص معرضا لفنان استثنائي اكتسب شهرته من خلال الأفكار الإنسانية التي يضمنها رسومه، وكذلك لمواقفه السياسية المنحازة للمقهورين والمهاجرين وضحايا العنصرية. ولعل أشهر تلك المواقف الفندق الذي موّل تشييده على مسافة أشبار من الجدار العازل في بيت لحم، ففي بهو الفندق وغرفه تتوزع أعمال مدهشة للفنان جرى تنفيذها من مواد مختلفة ومن مخلفات الشوارع المعتمة. ومع مرور الأيام تحول هذا الجانب من الجدار إلى صرح سياسي ومزار يقصده الآلاف لكي يكتبوا عليه رسائل تندد بالعنف.

يصف دليل المعرض بانسكي بأنه الفنان الملتزم والأكثر غموضا وشهرة في القرن الحادي والعشرين، ومن غرائبه أنه رسم الموناليزا وهي تحمل رمانة يدوية.

وتمكن من فرض «الغرافيتي» على المتاحف وصالات العرض، بعد أن كان فنا مهمشا، تجري ممارسته في السر وعتمة الليالي على واجهات المباني والأنفاق وممرات المترو بواسطة بخاخات لأصباغ مختلفة الألوان. ومن الصالات انتقلت أعماله إلى المزادات الكبرى. وعندما بيعت جدارية له في مزاد من تنظيم شركة «سوذبيز»، كانت المفاجأة أن العمل الفني مصمم بطريقة يدمر فيها نفسه بنفسه حال انتهاء البيع.

على مساحة 1200 متر مربع، أقيم تجهيز مستلهم من قرابة 100 صورة بالحجم الطبيعي لجداريات الرسام. وبهذا فإن المعرض يأخذ زواره في جولة لأشهر ما تفتق عنه ذهن بانسكي من متناقضات، ومن الطبيعي أن جمهور الفنان هو جمهور مختلف أيضا، لا يشبه رواد عموم المعارض الفنية، بل يتشكل من الشباب بصورة رئيسية ومن الناشطين في ميادين العمل الإنساني والبيئي والسياسي. إنهم أمام أكبر لوحة تختصر مسيرة بانسكي وتجمع رسومه الموزعة على جدران مدن العالم، ما بقي منها وما اضمحل، فمن مقدرات فن الشوارع أنه يتعرض لعوامل الطبيعة ويفقد نضارته مع مرور الوقت وقد لا يبقى منه سوى أثر زائل. أما خارج هذا المعرض فترك بانسكي بصماته على أكثر من جدار في باريس، لكنها تبقى أعمالا قلائل. من ذلك لوحة جرى اكتشافها في العام الماضي في بولفار «ناي» بعد تفكيك مخيم للمهاجرين.

وتمثّل اللوحة طفلة سوداء مغطاة برموز نازية مرسومة بلون الورد، وفي شارع فيكتور كوزان في الدائرة الخامسة، رسم بانسكي رجلا يطعم كلبا عظمة مستلة من ساق كلب. وفي جادة «فلاندر» نجد توقيعه على جدارية تستعير لوحة شهيرة لنابليون، لكنه يلتحف عباءة حمراء هذه المرة، إشارة إلى الحروب الدموية التي خاضها الإمبراطور الفرنسي.

قد يهمك أيضًا:

عروض "متروفون" الفنية عودة إلى أغاني الزمن الجميل في لبنان والعالم العربي

حفلات متحف "الفن الإسلامي" التراثية تجتذب الجمهور في القاهرة في تقليدٍ جديد