التظاهرات


يبدو أن محاولات الاغتيال المتكررة في العراق والتي نتج عن آخرها مقتل عضو مجلس محافظة بابل السابق، لم تعد مقتصرة على الشخصيات السياسية أو الرياضية أو حتى الشخصيات المشهورة، فبعد أن اغتال مسلحون الشيخ عامر المرشدي، ولاذوا بالفرار، وجد الأهالي جثة أحد المتظاهرين مخفية بصندوق سيارته في كربلاء، وعثروا معها على عبارة: "هذا مصير كل من يتظاهر في كربلاء".

في التفاصيل، فُقد فراس الجبوري المتظاهر الذي اعتاد أن ينه عمله على سيارته التكسي ويحضر إلى ساحة التحرير في مدينة كربلاء كي يطالب بالحقوق مع المحتجين منذ 3 أيام.

وفيما تيقنت عائلة فراس أن ابنها خطف على يد الأحزاب المناهضة للتظاهرات بعد بحث عنه في مراكز الشرطة والمستشفيات دون جدوى، كانت المفاجأة حين وجد شقيق فراس سيارة القتيل مركونة في "حي الحسين"، ووجد في صندوقها جثة أخيه ميتا وعليها آثار التعذيب والطعن بالسكاكين حتى الموت، كما عثر على العبارة المذكورة.

تعليقا على الحادث، أوضح الناشط والإعلامي وليد الصالحي لـ"العربية نت" أن فراس واحد من شباب كربلاء الناقمين على الوضع الراهن، ومن سرقة الأحزاب لمقدرات البلاد، هو متظاهر سلمي يعمل سائق تكسي، عندما اختفى 3 أيام ظن الجميع أنه ذهب إلى بغداد للتظاهر في ساحة التحرير، مؤكدا أن ميليشيات الأحزاب هي من تعمل على قتل المتظاهرين والناشطين، وأن تلك الميليشيات ترتدي الزي المدني وتلاحق الناشطين وتقتلهم أو تختطفهم.

يذكر أن عدد الناشطين والمتظاهرين الذين سُجل اختفاؤهم وقتلهم في مراكز الشرطة في العاصمة بغداد وجنوبي العراق ووسطه ارتفع إلى أكثر من 30 عراقياً، بين ناشط ومدون ومتظاهر، ومنهم ناشطات نساء، وذلك وسط حملات شعبية نظمت للضغط على السلطات بهدف الكشف عن مصير المختطفين والمختطفات الناشطين في التظاهرات والجهات التي تقف وراء اختطافهم والتي عزاها البعض إلى عصابات ميليشياوية مرتبطة بالأحزاب الحاكمة في السلطة، والتي تمتلك أسلحة وأجنحة مسلحة ترتبط بها أو بالحشد الشعبي مباشرة المرتبط بإيران.

الدولة وأجهزتها الأمنية!

وأكد الناشط والصحافي منتظر الزيدي لـ"العربية نت"، "أن المسؤول عن اختطاف الناشطين هي الدولة العراقية والأجهزة الأمنية، فهي من تملك أوامر باعتقال واختطاف الناشطين بصورة هادئة، ومن ثم تلفيق التهم عليهم، فالدعاوى جاهزة، ولكل جهاز أمني قاضي تحقيق خاص به، وبعد إلقاء القبض على أي من الناشطين يتم جلبه وكتابة أمر قضائي بعد اعتقاله".

كما أضاف: "من يعتقل ويختطف الناشطين أيضا هم ميليشيات الفاسدين التي تحاول أن ترهب وتخيف الناس، فبعد أن تقوم الميليشيات باعتقال الناشطين وتعذيبهم، تلتقط لهم فيديوهات سيئة، ومن ثم تطلق سراحهم، بعدها تبدأ عملية الابتزاز، حيث يقال لهم: "لو تكلمتم سننشر الفيديوهات، ناهيك عن عمليات القتل التي تطال الرافضين لهذه السلوكيات، لذلك نرى بعض الناشطين الذين اعتقلوا لدى الميليشيات يخشون التصريح والظهور أمام الإعلام".

في السياق ذاته، أكد الزيدي أن كل هذه الأفعال لن تؤثر على سلمية التظاهرات ولا على زخمها، منوّها: "تم اعتقال شقيقي دون أمر قضائي، ودون أي تهمة أو جناية، والسبب في ذلك أنهم يحاولون الضغط علي، واستخدام اعتقاله ورقة ضدي، وقد اتصلوا أكثر من مرة طالبين التخفيف من حدة الخطاب، أو التواصل للتفاوض، وبعد أن رفضت لجأت الحكومة لأسلوب الترهيب".

الحشد هو المسؤول!

من جانبه، أكد الخبير الأمني مؤيد الجحيشي لـ"العربية نت" أن من يخطف المتظاهرين هم أمن الحشد الشعبي واستخباراته، وأن عمليات الخطف تتم على طريقة المافيا، كما تمارس مع المختطفين أساليب الابتزاز، وانتزاع الاعترافات بطرق فاضحة إضافة إلى تصويرهم والاحتفاظ بفيديوهات معيبة لاستعمالها ضدهم مثل الاغتصاب أو غيرها، بحسب تعبيره.

بدوره، قال الناشط في الحراك الشعبي علي عزيز إن عمليات خطف ممنهجة بحق الناشطين تقوم بها عصابات مسلحة ميليشياوية مملوكة للحكومة وأحزابها، ولا يوجد طرف ثالث.

كما نوّه عزيز إلى أن تصريح رئيس الوزراء قبل أيام الذي ظهر فيه مناشدا خاطفين قاموا بخطف ضابط كبير في وزارة الداخلية وفي وسط بغداد معيب لشخصية تحمل هذا المنصب، كما أنه لم يناشدهم بإطلاق سراح ناشطين اختطفتهم نفس الميليشيات.

يذكر أن العاصمة بغداد تشهد احتجاجات وتظاهرات يومية للمطالبة بالإصلاح السياسي عبر إقالة الحكومة والبرلمان ومكافحة الفساد الإداري والمالي المستشري في البلاد وتغيير قانون الانتخابات واستبدال المفوضية العليا للانتخابات.

حكومة عبدالمهدي

وأشار الناشط الإعلامي محمد عماد لـ"العربية.نت" أن هناك حالات كثيرة للاختطاف، خصوصا في العاصمة بغداد، كما لا توجد أعداد دقيقة لهذه الحالات".

وبين عماد أن ساحة التحرير فيها صور لعشرات المفقودين من النساء والرجال، ولا أحد يعرف أين هم، فلا أثر لهم في المستشفيات أو دوائر الطب العدلي، أو الأجهزة الأمنية، وهذا يدل على أن هناك جهات خارجة عن القانون تقوم بأعمال خطف من أجل الترهيب وتهديد المتظاهرين بهدف خفض حدة التظاهرات.

وأضاف عماد أنه التقى عددا كبيرا من الناشطين والمتظاهرين الذين كانوا مخطوفين، قالوا له إنهم مهددون بالقتل والتصفية في حال كشفوا تفاصيل الاختطاف أو حتى التحقيق، وأوضح الناشط أن الفاعلين هم جماعات مسلحة تابعة لأحزاب سياسية، داعمة لحكومة عادل عبدالمهدي".

كما أكد عماد أن هناك حالات اعتقال أيضا تقوم بها جهات أمنية لا تكشف عن هويتها، تقوم باعتقال متظاهرين وناشطين، وتوجه لهم اتهامات بالعمالة والتخابر مع دول أجنبية، وهذه تهم لا أساس لها من الصحة، ولهذا يتم إطلاق سراحهم بعد أيام من التحقيق معهم، لكن هناك عمليات اعتقال تتم دون أوامر بالقبض، وهي عمليات لا تختلف عن عمليات الخطف التي تقوم بها الجماعات المسلحة الخارجة عن القانون.

غير معروفة

إلى ذلك لفت الناشط والإعلامي سعدون محسن إلى أنه تهديدات بقضايا خاصة وفضائح مفبركة توجه للمخطوفين، خاصة بعد مصادرة هواتفهم النقالة أو تعرضهم للتعذيب الشديد أو الصعق الكهربائي بمناطق حساسة من الجسم، وقد تم نشر بعض صور التعذيب، مؤكدا أن الجهات الخاطفة معظمها جهات غير معروفة، أو غير رسمية، كما أن معظم عمليات الخطف تمت بشكل خفي وبدون مذكرات قبض، وحتى إطلاق السراح كان بشكل خفي والخاطف خطف وهدد وأخاف من خطف دون أن يعلن عن نفسه، والمهم في هذه القضية أنه لا جهات رسمية أعلنت عن اعتقال الناشطين ما يؤكد وجود خرق في المؤسسة الأمنية العراقية، وأن من أهم مسؤولياتها الحفاظ على أمن المواطن العراقي، بحسب تعبيره.

وقد يهمك أيضا:

التشيك تطالب بوقف العدوان التركي على الأراضي السورية

بريطانيا تعيد أيتاما من أبناء مسلحين في داعش من سوريا