رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

للمرة الأولى منذ 54 عاما، كشف الموساد الإسرائيلي، الثلاثاء، عن تفاصيل ملف أخطر جاسوس اسرائيلي وهو الجاسوس إيلي كوهن في دمشق، الذي انتحل في خمسينيات القرن الماضي اسم كامل أمين ثابت، ونقل معلومات حساسة عن سوريا لإسرائيل، حتى ضبط وتم إعدامه في ساحة المرجة عام 1964.

وأوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تقريرا مقتضبا هو جزء من تقرير أكبر ينشر، الخميس القادم، في ملحقها الأسبوعي، وكشفت فيه عن “ملف المحارب 88″، وهو الملف السري للجاسوس إيلي كوهن الذي تعتبره إسرائيل أهم وأخطر جواسيسها منذ قامت غداة نكبة 1948.

وقالت “يديعوت أحرونوت” إنه بعد 54 عاما من إعدام أخطر جاسوس إسرائيلي، استكمل الموساد كتابة تقريرين واسعين عن نشاطه ومساهماته الاستخباراتية.

وحسب الصحيفة، يستند التقريران إلى آلاف المستندات التاريخية التي تتيح النظر لعالم السرية، منذ تم اختياره واعتماده وتدريبه وخلق هوية مزورة له وتشغيله في قلب دمشق، حتى نجح ببناء شبكة علاقات مع قيادات عليا في المستويين السياسي والعسكري في سوريا.

وخلال عملية تدريب “كامل أمين ثابت“، تم إدخال كوهن لشقة في تل أبيب لثمانية شهور (مايو/أيار 1960 – يناير/كانون الثاني 1961)، وهناك تمت صياغة وتذويت هويته المزورة كتاجر سوري قادم من أمريكا الجنوبية، وسط سرية عالية جدا، لدرجة إخفاء أمره عن معظم زملائه، ولم يطلع على السر سوى قادة الموساد، كما يؤكد غداليا حلاف، أحد مدربيه ومشغليه.

وتنقل “يديعوت أحرونوت” عن بعض من تولوا تدريبه وتشغيله أن توديعه لزوجته ناديا كوهن، شقيقة الأديب اليهودي من أصل عراقي سامي ميخائيل، ولابنته الطفلة صوفي، لم يكن أمرا سهلا. وتابعت: “ناديا لم تعرف إلى أين كان زوجها سيذهب وقتها، حينما ودعها، وكي لا تعرف الحقيقة تم توكيل أحد مسؤولي الموساد بمهمة تنسيق الرسائل بين كوهن وزوجته، وقد كتبت معظم الرسائل هذه قبل أن يغادر تل أبيب إلى دمشق، وقد وقعت بتواريخ مختلفة.

ويشمل “ملف المقاتل 88” أسماء 50 شخصية سورية بارزة تمكن كوهن من نسج علاقات صداقة معها خلال إقامته في دمشق في النصف الأول من عام 1962.

وحسب تقرير الموساد، اعتبر كوهن هؤلاء مصادر معلومات أو مساعدات، خصوصا مساعدته في التعرف على دمشق والتجوال فيها.

وتقول الصحيفة الإسرائيلية إن القائمة تحتوي على أسماء بارزة، منهم جلال السيد نائب رئيس حكومة سوريا، ومعزة زهر الدين ابن شقيقة قائد الجيش السوري، والحاكم العسكري في منطقة إدلب، وغيرهم كثر.

وحسب التقرير، فقد كان من المخطط أن تستمر زيارة كوهن الأولى لدمشق ثلاثة شهور، لكنه طلب التمديد لأنه سعيد وينجح بنسج علاقات واسعة فيها.

ويتابع: “في أيلول/سبتمبر 1964، كان لكوهن ابنتان، صوفي وإيريت، فيما كانت زوجته حاملا بابنهما شاي، وتم الاتفاق على تمديد إقامة كوهن في البلاد كي يشارك في حفل طهور نجله ويرافقه في أيامه الأولى، وكانت الاستعدادات لعودته لدمشق اعتيادية، وطلب منه جمع معلومات عن أمور وشخصيات مختلفة في سوريا وأرقام هواتف ومعطيات عن حزب “البعث” وعن مدى استقرار نظام الحكم وغيره.

و”لم يشِ أي شيء بأن الجولة الوشيكة من الزيارات لدمشق ستكون الأخيرة”. وفعلا بدأ كوهن زيارته الأخيرة لدمشق كبقية الزيارات السابقة، حيث سافر من تل أبيب لعاصمة أوروبية، وبدأ بإعداد تبريرات لغيابه كل هذه المدة عن سوريا.

وتنقل “يديعوت أحرونوت” أن كوهن غادر تل أبيب إلى دمشق بمعنويات عالية، واهتم بترك رسائل وهدايا لأفراد أسرته لدى رجال الموساد، من أجل إيصالها لزوجته وأبنائه وكأنها مرسلة منه من الخارج.

لكن زوجته ناديا كوهن تقدم رواية مغايرة حول معنوياته قبيل سفرته الأخيرة، فتقول إنه قال لها وهو يودعها: “قدماي في النار”، معتبرة ذلك تلميحا منه وقتها أن هناك من يراقبه ويشك به في سوريا.

وتستذكر “يديعوت أحرونوت” أن إرساليته الاستخباراتية الأولى لمقر قيادة الموساد من دمشق في زيارته الأخيرة تمت في مطلع ديسمبر/كانون الأول 1964.

ومن البرقيات التي أرسلها حتى 20 يناير/كانون الثاني 1964 (البرقية التاسعة والعشرون)، التي يستدل منها أنه قد واصل تجسسه من دون أن يجد سببا للتطرق لأي مسألة أمنية تتعلق به.

وتخلص الصحيفة الإسرائيلية للقول: “في 19 يناير/كانون الثاني، وفي اليوم التالي، أرسل كوهن برقية دون مضمون: كانت هذه إشارة إلى أنه تورط في ضائقة.

في 26 يناير/كانون الثاني، أبرق السوريون برقية قاسية جدا وساخرة تفيد بأن كوهن بين أيديهم”.

وستنشر “يديعوت أحرونوت” تفاصيل كثيرة حول هذه القضية التاريخية في ملحقها الأسبوعي.

 

قد يهمك أيضًا:

اختفاء أعضاء هيئة التفاوض بعد أن خرجوا من السعودية

دمشق وبيونغ يانغ تؤكدان أهمية التنسيق لمواجهة الإجراءات الأحادية ضدهما