الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي

لمّح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إلى اعتزام الحكومة اتخاذ إجراءات تقشفية جديدة خلال الفترة المقبلة، إذ أعلن في اليوم الثاني لفعاليات "منتدى شباب العالم" المقام في مدينة شرم الشيخ أنه "لن يتم صرف علاوة سنوية لموظفي الدولة هذا العام".

وزاد السيسي الذي كان يتحدّث خلال ندوة عن "بناء قادة المستقبل" أن البلاد "بحاجة إلى توفير 250 ألف فصل دراسي بتكلفة 130 مليار جنيه (7.3 مليارات دولار) لمواكبة الزيادة السنوية في أعداد الطلاب"، وقال السيسي إن "تحدي (إصلاح التعليم) كبير، لكن الأكبر منه عملية التشغيل"، وواصل متسائلا: "يا مصريين قولوا لي: أعمل إيه؟ وفي قطاع واحد".

وأردف الرئيس: "التحدي لا بد أن يكتمل حتى نهايته، والقضية (توفير الفصول الدراسية) يلزم حلها وتوفير تكلفتها، وهذا كلام صعب لكل الوزارات، وأقول لكم الأصعب إننا لن نوفر علاوة سنوية للموظفين هذا العام"، واختتم الرئيس مخاطبا مواطنيه: "خلّوا بالكم من بلادكم (خذوا حذركم) البلاد تُبنى بالمعاناة والأسى".

وينفّذ السيسي منذ وصوله إلى سُدة الحكم عام 2014 مجموعة من الإجراءات في إطار ما يصفه بـ"برنامج الإصلاح الاقتصادي"، والذي كانت ذروته قبل عامين بإعلان قرار تحرير صرف العملة المحلية، أو ما بات يُعرف بـ"قرارات التعويم" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، والتي أعقبتها زيادة غير مسبوقة في الأسعار.

وتحدّث الرئيس المصري، مساء الأحد، وقال إن "10% من الإجراءات (الإصلاح الاقتصادي) لم يمكن أن تمر إلا بقبول المصريين (...) ولم يخرج مصري أو مصرية رفضا للقرارات رغم معاناتهم، وإذا وجدتُ الناس لا تتقبل الإجراء فلن أنفذه (...) ورهاني على وعي المصريين".

وقال رئيس مجلس الوزراءمصطفي مدبولي، في يوليو/ تموز الماضي، إن "الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الأخيرة سوف تؤتي ثمارها خلال الفترة القادمة، إذ تم تنفيذ 85% من برنامج الإصلاح الاقتصادي (...) ولم يبقَ إلا القليل والنتائج الجيدة قادمة".

وتطرق الرئيس المصري إلى أثر "مواقع التواصل الاجتماعي" في المجتمع، قائلا إنه يجب "التوصية بتشكيل لجنة قومية أو مجموعة بحثية قومية لوضع استراتيجية للتعامل معها وتحقيق الاستفادة الممكنة منها"، وأضاف أن "أي محاولة منا لمجابهتها (مواقع التواصل) لن تنجح".

وأبدى السيسي في نهاية يوليو/ تمُّوز الماضي، غضبا تجاه حملة إلكترونية دعت إلى رحيله عن الحكم، قائلا: "عندما أريد أن أخرج بكم من الفقر والاحتياج وأجعل منكم أمة ذات شأن تقولوا هاشتاغ (ارحل يا سيسي).. في دي (هذه) أزعل".

وعقد السيسي لقاء مفتوحا مع عدد من الشباب المشاركين في أعمال "منتدى شباب العالم"، وبثته القنوات المحلية مُسجَّلا الأحد، تطرق خلاله إلى الأوضاع الإقليمية عامة والعربية خاصة، ورأى أن "المشكلات الموجودة في المنطقة معقدة بشكل كبير وتحتاج إلى جهود كبيرة".

ودعا الرئيس المصري إلى عدم استباق نتائج التحقيقات في قضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وتطرق السيسي إلى تكوين الجيش المصري، وقال إنه "انتشر في كل مصر حتى لا تنهار، ولم يكن مُسيسا (يعمل بالسياسة) أو مذهبيا أو طائفيا، لكن انظروا إلى سورية، الدولة دُمِّرت تماما، ولا يمكن لوم أحد على ما حدث.. وانظروا كذلك إلى ليبيا والعراق واليمن والصومال وأفغانستان.. الدول التي تذهب لا تعود".

وحذّر السيسي الشباب العربي المشاركين في أعمال المنتدى من جماعات الإسلام السياسي، وقال: "تجنبوا الدخول في أزمات كبيرة.. والتجربة في المنطقة العربية أكدت أنه بمجرد أن يكون هناك فراغ تنقضّ جماعات الإسلام السياسي للسيطرة على الدولة وقياداتها لعمل الدولة الدينية، وبالتالي أي شخص يعترض يتم التعامل معه ويقتلونه ثم يصبح التدمير ذاتيا، ولا يمكن لوم أحد على التدمير في سورية.. ولا أتصور أن هناك أحدا يمكن أن يدمِّر دولة (كاملة) في أي حرب تقليدية، مثلما حدث في العراق وليبيا واليمن وسورية والصومال وغيرها".

وحظيت القضية الفلسطينية بنقاش واسع في لقاء الرئيس المصري مع الشباب المشاركين في المنتدى، وقال السيسي إن القاهرة "تتحرك بشكل مستمر للحرص على تهدئة الأوضاع وتحقيق المصالحة، وفتحنا معبر رفح منذ شهر رمضان الماضي حتى الآن من أجل التخفيف على أشقائنا الذين يعانون من آثار النزاع والصراع الموجود في غزة".

وشدّد على أن السعي إلى تحقيق المصالحة يستهدف "وجود سلطة واحدة وقيادة واحدة للفلسطينيين في القطاع والضفة، وأن الإصرار على عدم التجاوب يفقد القضية قيمتها، ولذلك يجب أن نتنازل جميعا من أجل المصلحة العليا للقضية الفلسطينية"، وأكد أن "مصر لن تتفاوض أو تقبل بشيء إلا بما يقبله الأشقاء في فلسطين".

وتحدّث السيسي عن مصطلح "صفقة القرن" قائلا: "إنه تعبير أطلقته وسائل الإعلام، وقد يكون الهدف منه اختبار ردود الفعل، لكن لا أمتلك معلومات عن ذلك، وما أعرفه هو دور ورأي مصر في القضية الفلسطينية، وهو أننا مع ما يرتضيه الفلسطينيون لأنفسهم وداعمون لهم، لكن لن نتحدث باسمهم ولن نفرض عليهم شيئا".