الفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا

في حي الزمالك الهادئ وسط القاهرة، يستضيف غاليري خان المغربي معرضاً فنياً للفنان التشكيلي المصري محمد أبو النجا بعنوان «نحن والدوائر». يضم أكثر من 20 عملاً فنياً، ويمزج بين التشخيص المتمثل في عدد من البورتريهات المستلهمة من الفنون المصرية القديمة برؤية معاصرة، فنجد نفرتيتي القديمة والمعاصرة في آنٍ واحد، كما نجد أخناتون أيضاً بشكل معاصر ومختلف.

ينقسم المعرض إلى قسمين، الأول، قسم اللوحات، بشكله التقليدي، والثاني الدوائر المعلقة، وظهر بوضوح تركيز أبو النجا على الوجوه الفرعونية المعروفة، فرسم نفرتيتي وأخناتون أكثر من مرة، بأشكال متنوعة مغلفة باللون الذهبي. بينما ركز قسم التجهيز بالفراغ على الأشكال الدائرية المصنوعة من الخامات اليدوية بلورت اهتمام الفنان بالكتب، وما تطرحه من أفكار وتأملات.
ويمزج أبو النجا بين عدد من البورتريهات المستلهمة من الفنون المصرية القديمة، وزوايا وأفكار معاصرة وتقنيات وخامات جديدة في رسم وتنفيذ لوحاته. وهو ما تبرزه بوضوح لوحتا نفرتيتي وأخناتون، حيث تظهر خلفيتهما القديمة وطابعها الأثري والتاريخي بعيون حديثة، عبر استخدام أدوات وخامات من البيئة المصرية، خاصة الأوراق التي يصنعها ويبدعها بنفسه، من نباتات البردي، والكتان، والقطن، وقش الأرز. بالإضافة إلى استخدام أوراق ومعجون عالميه من خامة الكوزو الياباني، والأمانة المكسيكي وغيرها لكي يحقق حواراً عالمياً بلغة محلية صافية، حسب تعبير يمنى شريف، منسقة المعرض في غاليري خان المغربي، التي أضافت لـ«الشرق الأوسط»: «استدعاء الخامات في رسم الأشكال الفنية يأتي من قلب الفلسفة التي يتبناها أبو النجا، حيث يريد أن يقول إن الفن لغة عالمية بمفردات من بيئة وثقافة مكان الفنان، لتكون جزءاً من تاريخه الشخصي، وتعبر عن أفراحه وآلامه، بجانب رصده للتغيرات السياسية والاجتماعية التي يعيشها الفنان».

من جهته، قال الفنان التشكيلي محمد أبو النجا  «الأيقونات التي أطرحها في المعرض مستلهمة من الدوائر الذهبية التي تحيط برأس القديسين، حيث تعمدت وضع الشخوص التي أرسمها داخل هالة ذهبية، لتصبح أيقونات من نوع خاص». 

وأضاف: أن «الدوائر في حياتنا لا تنتهي، فالشيء القديم يصبح حديثا مع الوقت، وكأن الزمن يدور داخل حلقة لا يخرج منها أبداً، مثل مستعمرة حلزونية، أو كرقصة المولوية التي تصعد للسماء بشجننا وتهبط للأرض أحزاننا، فلوحات المعرض تبرز تلامس الدوائر مع وجوهنا لتأخذنا في رحلة الحياة اليومية وما وراءها».

وتابع أبو النجا: «أمزج شخوصي بين الدوائر بتقنية (الترانسفير) عبر استخدام الفوتوغرافيا مع الرسوم والكتابات المختلفة على المسطح الذهبي، لأحقق عالما مختلفا يسبح في دوائر من الذهب».
سبق لأبو النجا إقامة الكثير من المعارض الفنية بأكبر وأشهر دور العرض في مصر، وإيطاليا، وتركيا، والأردن، وأميركا، وحصد خلال مسيرته عدداً من الجوائز الدولية مثل جائزة بيكاسو الشرفية من إسبانيا، وجائزة حوض البحر المتوسط 1997. بالإضافة إلى جائزة «الإيكوم» بينالي القاهرة الدولي 1999. واقتنى أعماله أفراد من اليابان، وألمانيا، وفرنسا، وإسبانيا. بينما اقتنت دار الأوبرا المصرية، ومتحف الفن المصري الحديث في القاهرة، ووزارة الثقافة، ومكتبة الإسكندرية، بعض أعماله الفنية. ويهتم أبو النجا بشكل خاص بخامة الورق وعجائنه، إذ نفذ أعماله الأخيرة بهذه الخامة في رؤية حديثة تتسم بالثراء الشكلي، بعدما تحرر من التقنيات التقليدية.