المايسترو طاهر مامللي

عوامل الجذب والاستقطاب أصبحت صناعة مهمة، تتطور بها شركات الإنتاج يوما بعد يوم، وتتنافس في أسواقها مقتنية كل جديد على مدار الساعات، كي تحلّ بالمراتب الأولى في سباق المتابعات. ومن الغايات والوسائل التي تخدّمها شركات الإنتاج خلال تحضيرها للدراما التلفزيونية، وعلى الخصوص الأخيرة التي تدخل في السباق الرمضاني، الموسيقا التصويرية فكما العين يجذبها الحُسن، كذلك الأذن تَعشق، لهذا يكون السعي لاختيار أجمل أنواع الموسيقا التصويرية وكذلك الشارات-التترات- التي تدخل في السباق الرمضاني ولها أهميتها كما المسلسل، أو حتى في بعض منها تتفوق على العمل الذي سُخّرت له، أو تكون مفتاحاً ناجحاً لفتح باب القلوب للعبور والاستيطان، ومن ثم الذاكرة لتبقى الدليل على جود الإبداع وحسنه في أعمال دخلت التاريخ وحملت أسماء مبدعين، همّهم تقديم المتعة والإفادة عبر نوتات-لكوننا نتحدث عن الموسيقا التصويرية التي وظّفت في مكانها لتخدم المشهد وتحقق عامل الجذب المطلوب في إغناء المشاهدة البصرية بمؤثر سمعي. عن أهمية الموسيقا التصويرية في خدمة الدراما التلفزيونية وإشكالياتها، وحول دعم الشارات للمسلسلات ذاتها وفي سباقها، وهل غرضها تجاري أم لابدّ للإبداع من أن ينطق بحاله.. نقاط عدة أوضحها المايسترو طاهر مامللي-المؤلف القادر على خلق إبداع متجدد، في سعيه بأن يكون مختلفاً ومتفرداً فيما يقدمه- بحوارنا معه لمناسبة تأليفه الموسيقا لمسلسل «مقامات العشق» الذي يشارك في بطولته نخبة من النجوم منهم: نسرين طافش، يوسف الخال، مصطفى الخاني، قمر خلف، نادين خوري، لجين إسماعيل، جهاد سعد، محمد حداقي، سارة فرح، ومحمد حمادة إضافة إلى آخرين. المسلسل من إخراج أحمد إبراهيم أحمد، وتأليف محمد البطوش، وهو مأخوذ عن سيرة محيي الدين ابن عربي، الأخير الذي استعان بأشعاره المايسترو مامللي، وأما عن شارة المسلسل لا يمكننا وصفها إلا بالبراعة، لأنه من الصعب توظيف ما تتطلبه الحاجة الدرامية، مع مضمون الشعر، الذي قُدّم على شكل غناء صوفي قام بأدائه كل من: صفوان العابد، محمود فارس، محمد علي هباش وسارة فرح، وللمزيد نضيف لكم:

بداية حدثنا عن وظيفة الموسيقا التصويرية… هل شرط العلاقة تبادلية بينها وبين العمل التلفزيوني.. بمعنى هل يعكس نجاحها أو فشلها على العمل أو تسهم في انتشاره؟
العمل الفني وخصوصاً التلفزيوني هو عمل جماعي، والموسيقا التصويرية هي عنصر من مجموعة عناصر فنية تسهم جميعها مجتمعة بنجاح العمل وانتشاره، وفشل العمل يسقط جميع هذه العناصر من نص وتصوير وتمثيل وموسيقا… إلخ، حتى لو كانت إحداها مميزة وعلى مستوى عال وذلك لعدم المتابعة.

أنت قارئ جيد للسيناريو… إلى أي مدى يتدّخل المخرج في تأليفك ورؤيتك الموسيقية؟
في التأليف الموسيقي لا يتدّخل المخرج لأنه غير مختص، ولكن بالرؤية الموسيقية أكيد يتدخل، ويتم الاتفاق والتشاور على الأسلوب الموسيقي بشكل مسبق، مع تقديم الاقتراحات والمسودات قبل التنفيذ، كي تحقق الموسيقا دورها في توصيل الفكرة من العمل، وتحويل النص المكتوب إلى نوتات موسيقية حسب رؤية المخرج للمشهد.

ماذا عن أهمية الشارة الموسيقية للمسلسل.. وبرأيكم ما الأهم الشارة أم الموسيقا التصويرية؟

الشارة الموسيقية هي هوية العمل بشكل عام بجميع محاوره الدرامية، أما الموسيقا التصويرية فهي السيناريو غير المكتوب لمشاهد العمل، على حين الشارة تخدم الترويج للعمل، أما الموسيقا التصويرية فهي تخدم العمل الدرامي بحد ذاته.

أنت المايسترو الخارج عن المألوف.. هل المرحلة الزمنية التي يحددها النص للعمل الدرامي تقيّد الإبداع الموسيقي بموسيقا محددة وبآلات معينة ومن ثم تجمّد الموسيقا التي هي روح لا زمن لها.. بمعنى هل النص يحدد طبيعة الموسيقا التي تؤلفها؟.. وهل حصل أن رغبت في الجموح بعيداً عن الكلاسيكية المطلوبة.. ما تعقيبك؟

بالفعل.. الموسيقا روح ولا زمن لها، ولكن الأسلوب والشكل الموسيقي يجب أن يكون محدداً بزمن العمل وموضوعه، سواء أكان اجتماعياً أم تاريخياً أو كوميدياً، وأكيد طموحي وطموح أي موسيقي، أن يكتب موسيقا لأجل الموسيقا وليس لأجل الدراما، وهنا نطرح السؤال:

أين شركات الإنتاج الموسيقي؟
ماذا عن تكلفة الموسيقا التصويرية… وماذا عن الأجور… هل تتوازى مع الجهود المبذولة وخاصة في الموسم الرمضاني الذي يعتبر الموسم الأقوى منافسة ومن الأشهر الضاغطة جهداً وتركيزاً؟

اقرأ  أيضًا:

تكريم ديمة قندلفت بمهرجان سينما الشباب

الموازنة الموسيقية والأجور مقبولة، مع أنها لم تعادل القدر الذي كانت عليه قبل الحرب، هذا بالقطاع الخاص، أما موازنة القطاع العام فهي أقل من الحد الأدنى لإنجاز المستوى الفني المطلوب.
حدثنا عن تأليفك للموسيقا التصويرية لمسلسل «مقامات العشق».. كيف كانت المراحل.. هذا عدا عن كون الموسيقا طربية وفخمة تملأ الرأس بالسلطنة؟

اعتمدت في مقامات العشق على روح الموسيقا الأندلسية، وضمن الإطار الصوفي الإيقاعي، وذلك في سياق النص المكتوب ومن خلال البحث والنقاش مع مخرج العمل، وبوجود منتج فني، ومع القليل من المغامرة والكثير من التحدي، استطعنا أن نصل إلى صيغة موسيقية لاقت استحساناً عند البعض.

ماذا عن شارة هالمسلسل نفسه وأنتم اخترتم لأدائها أربعة أصوات سورية طربية ومن أكثرها قدرة على الأداء بأعلى المستويات؟

في ظل عدم وجود أي شركة إنتاج غنائي محلية، كنت ومازلت أسعى إلى تقديم الأصوات المميزة والكنوز الغنائية الموجودة في سورية من خلال شارات المسلسلات، فمثلا المغنية العالمية ديمة أورشو، استطاعت أن تصل إلى مسامع معظم بلدان الوطن العربي، من خلال مسلسل بقعة ضوء، بالوقت الذي لم يعرف لها ولا أغنية محلية خاصة بها. الأستاذ صفوان عابد والأستاذ محمود فارس ومحمد هباش والمميزة ساره فرح، كانوا برأيي الأقدر على أداء اللحن السهل الممتنع في شارة مقامات العشق، وأدين لهم بشرف المشاركة.

السؤال الأخير… الشارة لا يمكن الاستماع لها في كل الأوقات ولا يمكن أن تتقبلّها إلا نوعية محددة تجيد الإصغاء.. هذا بعكس التترات التي تتنافس اليوم على المراتب الأولى وتعتبر الأكثر استماعاً.. ما رأيكم؟
سباق «التترات» يكون بين نجوم الغناء، ويخضع لشرط السوق والتسويق، بعيداً عن الشرط الدرامي للمسلسل أحياناً، وبعيداً عن المستوى الفني أحياناً أخرى، الشارة عكس كل ما سبق.

تجدر الإشارة
• درس طاهر مامللي الموسيقا في المعهد العربي في حلب وتخصص بالعزف على آلة الكمان، ومن ثم تابع بعد ذلك دراسة الموسيقا في المعهد العربي حتى انتهاء المرحلة الثانوية.
• تابع مشواره الدراسي في لندن ومن ثم عاد إلى سورية ليكمل دراسته في المعهد العالي للموسيقا وكان من أوائل دفعته.


• أول أعماله الموسيقية كانت تتر مسلسل «الثريا» عام 1995م ومن ثم تابع في كل من مسلسل «خان الحرير» و«سيرة آل الجلالي».

• من أعماله: صقر قريش، صلاح الدين الأيوبي، التغريبة الفلسطينية، بقعة ضوء بأجزائه الستة، ضيعة ضايعة، طريق النحل، عن الخوف والعزلة، زهرة النرجس، زمن الخوف، أهل الغرام، الانتظار، عصي الدمع، الشمس تشرق من جديد، مرايا 2000، الأيام المتمردة، الزير سالم، عائلتي وأنا، الفصول الأربعة، سباق الزواج، إظهار الشتاء، شمس الأمل، ذكريات الزمن القادم، أشواك ناعمة، صبايا الدوامة، أحلام كبيرة، أحقاد خفية، غزلان في غابة الذئاب، ربيع قرطبة، خلف القضبان، على حافة الهاوية، عصر الجنون- الجزء الأول والثاني، الخيط الأبيض.
• حائز على العديد من الجوائز منها:جائزة الإبداع الذهبية في مهرجان القاهرة للإعلام العربي لأحسن موسيقا تصويرية عن مسلسل «الدوامة»، جائزة أفضل موسيقا لمسلسل «بقعة ضوء» ومسلسل «التغريبة الفلسطينية».

قد يهمك أيضًا:

المخرج محمد زهير رجب تغيير مسار الدراما الشامية لتصور حضارة دمشق واحترامها للمرأة

نور حليمة خطوط واثقة تبدع في رسم الشخصيات