النمل الزومبي

يطلق اسم "الزومبي" لوصف الشخص المنوم المجرد من الوعي الذاتي، وهو مستمد من أفلام ظهرت فيها هذه الشخصيات المسيرة، ولم يجد العلماء أفضل من هذا الاسم لإطلاقه قبل نحو عامين على نوع من النمل ينجح أحد الفطريات في السيطرة عليه وتحريكه بالطريقة التي يرغب فيها الفطر.

ووصف الباحثون من جامعة بنسلفانيا الأميركية في سبتمبر (أيلول) من عام 2018 ما تفعله الديدان الطفيلية المسماة بـ"مثقوبة الكبد" Dicrocoelium dendriticum، والتي تفضل العيش داخل الماشية، في النمل، ولكن الدراسة الجديدة التي نشرت أول من أمس في دورية "pnas"، كشفت عن أسرار جديدة.

وتبدأ هذه الديدان الطفيلية حياتها كبيضة مجهرية في روث حيوان مثل البقرة أو الغزلان، ويحب النمل أن يأكل هذا الروث، فيصاب بعدد لا يحصى من الطفيليات الصغيرة التي تنتقل إلى بطن النمل، ومع ذلك، فإن طفيلًا واحدًا فقط يترك المجموعة ويهاجر إلى دماغ النملة، مما يدخل النملة في غيبوبة بحيث يمكن السيطرة عليها، وهذا الطفيل الفردي يأمر النملة بالتسلق إلى قمم النباتات حتى يأكلها حيوان الرعي مع حشود الطفيليات الأخرى المختبئة داخل جسمها.

وتصف الدراسة الجديدة لباحثين من جامعة تكساس الأميركية، سلوك الطفيل الذي دخل إلى دماغ النملة بأنه يتصرف بطريقة (الإيثار)، عن طريق التضحية بنفسه لصالح الطفيليات الأخرى، لأن هجرته إلى دماغ النملة، تجعله يتطور بطريقة تعني أنه لم يعد بإمكانه إحداث إصابة في مضيفه من الحيوانات مرة أخرى، وهذا السلوك يحسن من فرص البقاء على قيد الحياة وتكاثر أفراد الأسرة ذات الصلة وراثيًا.

وحول ما إذا كان القضاء على النمل يكون وسيلة ناجحة للقضاء على الطفيل، يقول د. تشارلز دي كريسيون من قسم البيولوجيا بجامعة تكساس، والباحث الرئيسي في الدراسة لـ"الشرق الأوسط": "إذا تمكنت من كسر أي نقطة في دورة الحياة، فيمكنك التحكم في الطفيل أو القضاء عليه، فالأمر أشبه باستخدام الناموسيات للمساعدة في منع الملاريا لأن الناموسيات تساعد في منع البعوض من عض البشر، وبالنسبة لأي طفيل يحتوي على دورة حياة معقدة، فإنه في حالة كسر دورة الحياة، يمكنك التحكم في الطفيل أو القضاء عليه".

ويضيف دي كريسيون: "مع ذلك، فإن القضاء على النمل في حد ذاته سيكون مهمة صعبة، لأن العديد من النمل عبارة عن كائنات مهمة في النظام البيئي، وإذا تخلصت منه، فقد تكون هناك عواقب سلبية وغير مباشرة للنظم الإيكولوجية".


-