صيد الثعالب

كان صيد الثعالب من أهم رياضات الصيد بكل من إنجلترا وبلاد الغال وأيرلندا. وظهر هذا النوع من الصيد التقليدي بهذه المناطق خلال القرن الـ15 وانتشر لاحقاً بفضل المستعمرين والمهاجرين نحو مناطق مختلفة من العالم ككندا والولايات المتحدة الأميركية والهند وأستراليا، واستمر صيد الثعالب ببريطانيا لقرون عديدة قبل أن يعرف نهايته مطلع القرن الـ21 بكل من إنجلترا وأسكتلندا وبلاد الغال بفضل جملة من القوانين التي حظرت هذه الممارسة.

مع انتقالهم نحو مستعمرتهم بأستراليا، اصطحب البريطانيون منذ النصف الأول من القرن الـ19 نشاطهم التقليدي بصيد الثعالب معهم، والذي كان حينها مخصصاً بالأساس للطبقات الثرية. وبسبب غياب هذا الحيوان بالأراضي الجديدة، قرر الإنجليز نقل أعداد من فصيلة الثعالب الحمراء عبر المحيطات لإطلاق سراحها بأستراليا بهدف دفعها للتكاثر هناك واستغلالها لاحقاً في أغراض الصيد.

وبدايةً من العام 1833، أدخل البريطانيون العشرات من الثعالب الحمراء إلى جزيرة تسمانيا، المعروفة حينها بأراضي فان ديمن (Van Diemen)، ومناطق من مستعمرة نيوساوث ويلز في أستراليا. لكن هذه الثعالب الحمراء فشلت في التأقلم بجزيرة تسمانيا بسبب مبدأ التنافس الإقصائي حيث تنافست هذه الفصيلة من الثعالب مع حيوان "شيطان تسمانيا" وفشلت في التأقلم. لكن في نيوساوث ويلز، نجحت الثعالب الحمراء في فرض نفسها كحيوانات مفترسة وتمكنت خلال بضعة عقود من التكاثر بشكل سريع بفضل وفرة مصادر الغذاء وإقدام البريطانيين على إدخال الأرانب، الطعام المفضل للثعالب، المصنفة كحيوانات دخيلة على أستراليا.

خلال العقود التالية، تكاثرت الثعالب الحمراء بشكل مذهل بجنوبي أستراليا وقُدرت أعدادها بالملايين. وكونها عنصراً دخيلاً، ساهمت الثعالب الحمراء في تخريب النظام البيئي بأستراليا لتصنّف بسبب ذلك سنة 1893 كآفة من قبل السلطات المحلية. فضلاً عن ذلك، امتد انتشار هذه الحيوانات لمناطق أخرى من أستراليا فوصل في غضون فترة وجيزة كلا من كويندلاند وفيكتوريا.

على حسب السلطات الأسترالية، ساهمت الثعالب الحمراء التي جاء بها البريطانيون في انقراض ما لا يقل عن 10 أنواع من الحيوانات كان أهمها جرذ كنغر الصحراء، كما شارفت عشرات الأصناف الأخرى، كآكل النمل المخطط والكوكا، على الانقراض حيث أقصيت من المناطق التي لطالما عاشت بها وانحصر وجودها ببعض الجزر والمناطق النائية التي لم تبلغها الثعالب الحمراء. وببعض مناطق أستراليا، طورت هذه الحيوانات الدخيلة مهارات لتسلق الأشجار فعمدت لمهاجمة وافتراس صغار حيوان الكوالا.


على مدار سنوات، اعتمدت أستراليا العديد من الطرق للحد من انتشار الثعالب الحمراء، فلجأت لتسميم مصادر المياه القريبة من تجمعاتها وسنت قوانين سمحت بصيدها على مدار العام، كما وفرت تقنيات صيد متقدمة ضدها. كما أجريت العديد من الدراسات لإقحام حيوانات أخرى منافسة للثعالب الحمراء بالمنطقة وعلى رأسها الكلب الأسترالي الملقب بالدانغو.

وسنة 2012، قدّر عدد الثعالب الحمراء بأستراليا بأكثر من 7 ملايين، وأمام هذا الوضع لجأت سلطات ولاية أستراليا الغربية لاعتماد إجراءات صارمة لملاحقة وقتل هذا الحيوان الدخيل بهدف الحد من انتشاره بالمنطقة وحماية الأنواع الأخرى المهددة بالانقراض.

وقد يهمك أيضا:

دراسة تكشف مستويات عالية من التلوث تضرب غالبية الشواطئ الأميركية