الممرضة الفلسطينية رزان النجار

نشرت صحيفة أميركية، تحقيقاً حول مقتل الممرضة الفلسطينية رزان النجار في قطاع غزة بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، مشككة بالرواية الإسرائيلية التي تقول إن "الأمر كان حادثاً ومستنداً إلى مقابلات وشهود ومئات الصور".

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"،  في يوم الأول من حزيران / يونيو 2018، أطلق حندي النار على حشد من المحتجين مما أسفرعن مقتل مسعفة متطوعة تدعى رزان النجار. وزعم المسؤولون الإسرائيليون حينها أن جنودهم يستعملون الرصاص الحي كملاذ أخير. لكن تحقيقنا يظهر خلاف ذلك. فقد قمنا بتحليل أكثر من ألف صورة وفيديو، وتم تجميد تلك اللحظة القاتلة في نموذج ثلاثي الأبعاد للاحتجاج، وأجرينا مقابلات مع أكثر من 30 شاهداً ومع قادة في الجيش الإسرائيلي لكشف كيفية مقتل رزان.

وتوضح الصحيفة أن مسعفة شابة محجبة تعمل في واقع خطر، وحمايتها الوحيدة كانت معطف التمريض الأبيض. وعبر ضباب الغاز المسيل للدموع والدخان الأسود، تحاول الوصول إلى رجل ممدد على الأرض على حدود قطاع غزة. بينما الجنود الإسرائيليون يراقبون بحذر من الجانب الآخر وأسلحتهم جاهزة.   وبعد دقائق، يتم إطلاق رصاصة من بندقية تمزق الضجيج وتُحدث أكبر حالة مأساوية.

ورأت الصحيفة أن العالم قد أخذ علماً بمقتل المسعفة رزان النجار البالغةمن العمر 20 عاما، بينما كانت تعالج الجرحى خلال الاحتجاجت ضد حصار "إسرائيل" لقطاع غزة. وحتى بعد دفنها، تحولت رزان إلى رمز للصراع، حيث الطرفان يتنافسان ويرويان روايات متناقضة حول مقتلها. إذ يراها الفلسطينيون شهيدة بريئة قُتلت بدم بارد، كمثال على تجاهل "إسرائيل" للأرواح الفلسطينية. أما بالنسبة للإسرائيليين، فقد كانت رزان "جزءاً من احتجاج عنيف يهدف إلى تدمير بلدهم، مما يجعل القوة المميتة رداً شرعياً كملاذ أخير".

وقال شهود فلسطينيون في تغريدات إن رزان قد أصيبت بينما كانت ترفع يديها في الهواء. وغرّد الجيش الإسرائيلي بنشر فيديو تم اللعب به بشكل مثير للإعجاب بحيث جعله يبدو وكأن رزان توفر درعًا بشريًا "للإرهابيين".

وقالت "نيويورك تايمز" إن تحقيقاً أجرته أظهر أن الشهيدة رزان وما جرى لها عشية اليوم الأول من حزيران / يونيو كان أكثر تعقيداً مما تقوله أي من الروايتين. كانت كاريزمية وملتزمة، وتحدت توقعات كلا الجانبين. وفاتها كان مثالاً مؤثراً حول تكلفة استخدام "إسرائيل" للرصاص الحي للسيطرة على الاحتجاجات، وهي السياسة التي أودت بحياة ما يقرب من 200 فلسطيني.

كما يوضح تحقيق الصحيفة كيف أن كل طرف غارق في دوامة العنف التي يبدو لها حل ولا نهاية. فالفلسطينيون يحاولون هدم الشريط الشائك ويخاطرون بحياتهم لتسجيل نقطة وهم يعلمون أن هذه الاحتجاجات لا تصل إلى أكثر قليلاً من العلاقات العامة بالنسبة لحركة "حماس"، التي تحكم قطاع غزة. فيما "إسرائيل"، الطرف الأقوى بكثير، تواصل التركيز على الاحتواء بدلاً من إيجاد حل.

وتقول "نيويورك تايمز" إن رزان مناضلة بالفطرة، حيث يصفها بعض أقرانها بشجاعتها وتهورها. كانت شابة مسعفة قادرة، وكانت إلى حد كبير من العصاميات التي علّمت نفسها بنفسها. وكانت نسوية، وفقاً لمعايير قطاع غزة، وحطمت القواعد التقليدية للجنسين، وكانت أيضاً متفانية تجاه والدها، ومميزة بشأن مظهرها، وكانت تجمع ببطء جهاز العروس. لقد ألهمت الآخرين بحيويتها ورشاقتها في الخارج، في حين أنها كانت تعيش الرهبة بشكل خاص في أيامها الأخيرة.

وقالت الصحيفة الأميركية إن تحقيقها قد وجد أن الرصاصة التي قتلت رزان النجار قد أطلقها قناص إسرائيلي على حشد كان يضم مسعفين طبيين بملابس بيضاء في أرض مكشوفة على مرأى من الجميع. وأضافت أن إعادة بناء المشهد بالتفاصيل من خلال جمع مئات الفيديوات والصور تظهر أن لا المسعفين الطبيين ولا أي أحد حولهم كان يشكل تهديداً ظاهر العنف للعسكريين الإسرائيليين. ورغم أن "إسرائيل" قد اعترفت في وقت لاحق بأن قتل رزان كان غير مقصود، وأن إطلاق النار يظهر أنه كان تهوراً في أحسن الأحوال، وربما جريمة حرب، لم يعاقب عليها أحد حتى الآن.

وقد يهمك ايضًا:

قطاع غزة يطلق 1000 قذيفة ومقتل 16 إسرائيليًا خلال عام 2018

- جيش الاحتلال الإسرائيلي يُعلن اغتيال مُنفذ عملية "بركان" في نابلس