الحراك الشعبي في الجزائر

انفجرت قاعة الجلسات بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة الجزائرية، فجر أمس، غضبًا، إثر النطق بأحكام بالسجن ضد 22 ناشطًا بالحراك الشعبي، وتأجيل الفصل في مصير 20 آخرين إلى يوم 18 من الشهر الحالي. وندد أفراد عائلات المعتقلين بما وصفوها بـ"قرارات قضائية جائرة" وأعلن محاموهم استئناف الأحكام.

وأصدرت محكمة سيدي امحمد أحكامًا بالسجن 12 شهرًا، ستة منها نافذة وغرامة مالية بـ20 ألف دينار (نحو 120 دولارًا) بحق 22 متظاهرًا، وجهت لهم تهمة "المساس بسلامة وحدة الوطن"، على خلفية قضية رفع الراية الأمازيغية خلال المظاهرات. وتميزت ساعات الانتظار الطويلة للنطق بالأحكام، بترديد الأناشيد الوطنية، من طرف أهالي المعتقلين، بعضها يعود إلىأيام ثورة الاستقلال (1954 - 1962).

ووصفت "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" الأحكام بـ"القاسية". وأشار حقوقيون باستغراب إلى أن محاكم بجهات أخرى، كعنابة (شرق) ومستغانم (غرب)، أفرجت عن متظاهرين متابعين بالتهمة نفسها.

وكانت النيابة طلبت إنزال عقوبة السجن عامين ضد المتظاهرين الذين تم إيداع أغلبهم الحبس الاحتياطي، الصيف الماضي، على إثر أوامر صارمة من قائد الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، باعتقال أي متظاهر في حراك الجمعة، يحمل راية أخرى غير العلم الوطني. وقال ممثل النيابة في مرافعته، إن المتظاهرين "أثاروا اضطرابات في البلاد بحمل راية لا وجود لها رسميًا، وقد عرّضوا أمنها للخطر، وكان لا بد من التصدي لهم".

وذكر محامون، في مرافعاتهم، أن القانون الجنائي لا يتضمن أي عقوبة ضد شخص يحمل راية أخرى غير العلم الرسمي، بل إن الدستور، بحسبهم، ينص على أن الأمازيغية لغة وطنية مثل اللغة العربية. وقال بعضهم، إن السلطات "أعادت الاعتبار للأبعاد الأمازيغية في التعديل الدستوري لعام 2016". وعدَت عائلات المعتقلين التهمة بمثابة "إجراء سياسي يستهدف ترهيب الحراك كي يتوقف".

 

وبدأت المحاكمة صباح أول من أمس، بحضور عدد كبير من المحامين والصحافيين ونشطاء الحراك وطلاب الجامعات. ونظمت "اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الرأي"، مظاهرة خارج المحكمة ونددت بـ"عدالة التلفون"، في إشارة إلى أن القضاة الذين حاكموا المتظاهرين، تلقوا "تعليمات فوقية" مزعومة بإدانتهم ليكونوا عبرة لبقية نشطاء الحراك المستمر منذ 9 أشهر.

وتعرّض القضاة لانتقادات كبيرة بمناسبة هذه المحاكمات، فقبل 15 يومًا نفذت نقابتهم إضرابًا دام أسبوعًا. وأكد القضاة المضربون أنهم يقعون تحت ضغوط من السلطة التنفيذية، وبأن أحكامهم لا تصدر بمعزل عن تدخلات مسؤولين بالأجهزة الحكومية. وتوقف الإضراب بعد أن تعهدت الحكومة برفع أجورهم، لكن من دون أن تقدم لهم أي ضمانة باحترام مبدأ استقلال القضاء والفصل بين السلطات. وساد بعدها اعتقاد، وسط الحراك، بأن تعامل القضاة مع ملفات المتظاهرين سيشهد تغيرًا بعد الصراع الذي دار مع وزير العدل بلقاسم زغماتي، الذي حصل على قرار من المحكمة الإدارية يقضي بعدم شرعية الإضراب.

وقد يهمك أيضا:

القوات المسلحة العراقية تؤكد أن هناك نوايا سيئة تحاك ضد المتظاهرين

الخارجية الأميركية  تراقب التظاهرات في العراق والتقارير عن الضحايا مقلقة للغاية