المصرف المركزي الأوروبي

يتوقّع خبراء أنّ عمليات شراء المصرف المركزي الأوروبي للسندات الألمانية تتراجع تدريجيا عن قصد، وثمّة مَن يعزي تراجع عمليات الشراء هذه إلى إقبال المستثمرين الدوليين الكثيف على شرائها، وفي مطلق الأحوال يجزم المراقبون الماليون في برلين بأن إجمالي السندات الألمانية الموجود بحوزة المصرف المركزي الأوروبي انهار على نحو لافت خلال الشهور الأخيرة.

وفي هذا الصدد، تقول كريستين مولر، الخبيرة في الشؤون المالية، إن عدم توافر العدد الكافي من هذه السندات في الأسواق المصرفية الأوروبية يأتي في موازاة قرارات ماريو دراغي حاكم المركزي الأوروبي الرامية إلى إبطاء ثم إبطاء البرنامج المالي (التيسير الكمي) المعروف باسم "بي إس بي بي" القاضي بشراء سندات المصارف الأوروبية بمعدل 60 مليار يورو شهريا بدلا من 80 مليارا، علما بأن وتيرة شراء هذه السندات تراجعت إلى 30 مليار يورو شهريا منذ مطلع هذا العام، ومن المتوقع أن تتقلص إلى حد أبعد لغاية نهاية العام ربما إلى 20 مليار يورو شهريا لا أكثر.

وتضيف الخبيرة أن المركزي الأوروبي يرى نفسه مجبرا على شراء السندات الألمانية مهما كانت الظروف، نظرا لرأسمال الشراكة الذي وضعته حكومة برلين في خزائنه وتحت تصرفه، بيد أن عدم توافر العدد الكافي من الأوراق المالية الألمانية في الأسواق قد يحوّل عمليات الشراء إلى معضلة تؤول إلى شل عمليات شراء السندات الأوروبية برمتها، فثمة عوامل أخرى تلعب دورا جوهريا في تسريع عملية الشلل، ومن ضمنها الصعوبات الجمة التي تعترض انتعاش الاقتصاد الأوروبي كما كان متوقعاً له، وبخاصة بعد اندلاع الحروب الجمركية الضريبية مع الولايات المتحدة الأميركية.

وتختم الخبيرة كريستين مولر القول: "تشير المعطيات الصادرة عن المصارف المركزية التابعة لنظام اليورو التي تلزمها بشراء سندات الدول الأوروبية لصالح المركزي الأوروبي إلى أن إجمالي السندات الألمانية التي تم جمعها وشراؤها من الأسواق المالية الدولية تراجع 4.1 في المائة مقارنة بالعام الماضي بدلا من أن يسجل الحاصل المنشود، وبما أن رأسمال المركزي الأوروبي يحتوي على حصص تابعة لكل من المصرف المركزي الألماني (18 في المائة) والمصرف المركزي الفرنسي (14.2 في المائة) والمركزي الإيطالي (12.3 في المائة) يشعر مسؤولو المركزي الأوروبي بنوع من الحرج لعدم قدرتهم على شراء ما يكفي من السندات الألمانية بما أن ألمانيا هي بين حملة أسهمه الأبرز".

في سياق متصل، يقول أليكس هولزرايتر المحلل المالي في فرانكفورت، إن برنامج شراء السندات الأوروبية من قبل المصرف المركزي الأوروبي ستتم مراجعته بالكامل خلال مؤتمر سيعقد في ريغا (ليتونيا) الشهر المقبل، على أن يتم الإقرار بمصيره في فرانكفورت خلال اجتماع ثانٍ في يوليو/ تموز المقبل، ومن المتوقع إنهاء مفعول هذا البرنامج في مطلع الخريف المقبل.

ويضيف هذا الخبير أن إجمالي قيمة السندات الأوروبية لدى المركزي الأوروبي يصل إلى تريليوني يورو. في المرتبة الأولى نجد السندات الألمانية وصلت إلى ما إجماله 479 مليار يورو، بعدها الفرنسية "أو آي تي" 393 مليار يورو، تليها الإيطالية "بي تي بي" 341 مليار يورو، ثم السندات الإسبانية "بونوس" في المرتبة الرابعة ما مجموعه 242 مليار يورو.

وحسب رأيه، يبدو أن تآكل كميات السندات الألمانية في أسواق أوروبا المالية ستكون بين الأسباب الرئيسية التي ستحض المركزي الأوروبي على الانسحاب بالكامل من عمليات شراء السندات الحكومية الأوروبية، وعمر السندات الألمانية اليوم 18.8 أعوام، ويصل إجمالي الاستحقاقات عليها إلى نحو 23 مليار يورو.​