الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس

نددت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس - بلاسخارت باستخدام الرصاص الحي والعنف المفرط ضد المحتجين العراقيين الذين قُتل أكثر من 400 منهم وجُرح آلاف، مطالبة السلطات بكشف هويات الملثمين والقناصة مجهولي الهوية والمسلحين غير المعروفين ومحاسبتهم. وشددت على وقف العنف «للشروع في حوار يخرج البلاد من الوضع الخطير الراهن».

وكانت بلاسخارت تقدم إحاطة عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من بغداد إلى أعضاء مجلس الأمن في نيويورك خلال جلسة لمناقشة الوضع في العراق، أمس. وقالت إن «الاحتجاجات التي يقودها في المبدأ الشباب» تعكس «شعورهم بالإحباط بسبب ضيق الآفاق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية»، مضيفة أنها تعبر أيضاً عن سعيهم إلى «الابتعاد عن الفساد والمصالح الحزبية والتدخل الخارجي».

ولاحظت أن «مئات الآلاف من العراقيين، من كل مناحي الحياة، خرجوا إلى الشوارع، بدافع حب وطنهم، مؤكدين هويتهم العراقية». ورأت أن «ما نشهده هو تراكم للإحباط بسبب عدم إحراز تقدم لسنوات عدة»، مشيرة إلى أن «الأحداث خرجت عن نطاق السيطرة منذ الليلة الأولى من المظاهرات» حين لجأت السلطات «على الفور إلى القوة المفرطة».

وتحدثت عن وجود «أزمة ثقة»، إذ إنه «على رغم إعلان الحكومة عن حزم إصلاح متعددة تتناول قضايا مثل الإسكان والبطالة والدعم المالي والتعليم، فإنه ينظر غالباً إلى هذه البرامج باعتبارها غير واقعية أو قليلة جداً ومتأخرة جداً»، لافتة إلى تساؤلات عمن يحطم وسائل الإعلام ويقتل المتظاهرين المسالمين ويختطف الناشطين المدنيين، فضلاً عن «الملثمين والقناصة المجهولي الهوية والمسلحين غير المعروفين». وأفادت بأنها «أخذت علماً بإصدار عدد من مذكرات التوقيف»، مشددة على أن «المرتكبين يجب أن يحاسبوا».

ونبهت إلى أن «إغلاق وسائل الإعلام والإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي يضاعف الاعتقاد العام بأن لدى السلطات ما تخفيه»، موضحة أن «معالجة خطاب الكراهية لا تعني الحد من حرية التعبير أو حظرها». وقالت إنها قلقة «من محاولة اختطاف الاحتجاجات السلمية».

وأكدت أن «أعمال العنف ذات الدوافع السياسية، أو التي تحركها العصابات أو الناشئة عن الولاءات الخارجية، تعرض للخطر وضع العراق، وتزرع الفوضى والارتباك»، مما يمكن أن «يقوّض بشكل خطير المطالب المشروعة للشعب العراقي»، مشددة على أن «الأكثرية العظمى من المحتجين سلميون» من الرجال والنساء الذين «يبحثون يومياً عن حياة أفضل».

وأضافت أن «الدعوة إلى الإصلاح الانتخابي يتردد صداها في كل مكان (بغية) تقريب الناخبين من مرشحيهم». ودعت الطبقة السياسية إلى «القيادة بالقدوة عن طريق الكشف العلني عن أصولها وإلغاء مكاتبها الاقتصادية والاجتماعية»، معتبرة أن ««جهود مكافحة الفساد ستكون أساسية لإطلاق الإمكانات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الضخمة في العراق».

وكشفت أنها أجرت مشاورات مع مجموعة واسعة من العراقيين، وبينهم المتظاهرون والسلطات، مقترحة عدداً من الخطوات لتعزيز الحوار. بيد أن «شروط المحتجين واضحة: وضع حد لسفك الدماء وعمليات الخطف والاعتقال غير القانونية»، مضيفة أنه «من دون المساءلة والعدالة الكاملين، سيكون من المستحيل إقناع الناس بأن الزعماء السياسيين مستعدون بإخلاص للانخراط في إصلاح كبير». ونقلت عن المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني «قلقه من أن الجهات الفاعلة ذات الصلة قد لا تكون جادة بما يكفي لتنفيذ أي إصلاح ذي مغزى»، مؤكداً لها أن «الوضع لا يمكن أن يستمر كما كان قبل المظاهرات». ورأت أنه «محق جداً، وفي الوقت نفسه، يبدو أن المحتجين عازمون على المثابرة طالما بقيت مطالبهم من دون تحقيق».

وأشارت إلى أن المحادثات حول رئيس الوزراء المكلف لا تزال جارية بين السياسيين، منبهة القادة إلى أنه «ليست لديهم رفاهية الوقت ويجب أن يرتقوا إلى مستوى اللحظة». ودعتهم إلى تقديم «حلول حقيقية، بدلاً من ترك الأمر لرئيس وزراء قليل الدعم»، ذلك أن «الحكومة لا تستطيع أن تمارس وحدها مسؤولية جماعية تقع أصلاً على عاتق الطبقة السياسية كلها».

وأوضحت رئيسة مجلس الأمن للشهر الحالي المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت أن «العراق يقف الآن على مفترق طرق»، مشيرة إلى أن العراقيين من كل مناحي الحياة يهتفون «سنة، شيعة، تركمان، مسيحيون، إيزيديون، نحن جميعاً عراق واحد». واعتبرت أن «هذه الهتافات تكشف عن أمل لدولة تحكم من دون توتر طائفي، أو فساد، أو تأثير أجنبي»، مضيفة أن بلادها «تسمع صرخات الأمل هذه، وتؤيد بقوة الشعب العراقي في سعيه إلى بناء بلد مزدهر لكل مواطن».

وأكدت أن «هذا يعني تبني الإصلاح الانتخابي، وتعزيز الحكم الرشيد، ومكافحة الفساد، وتوسيع الفرص الاقتصادية»، مستدركة أن «الأهم من ذلك أن ذلك سيتطلب من زعماء العراق أن يستجيبوا ويخضعوا للمساءلة أمام المواطنين». وقالت: «تقع على عاتق الدولة مسؤولية حماية شعبها»، مشيرة إلى ضرورة «تعزيز الحوار السياسي الشامل، والمساعدة في جهود الإصلاح الدستوري والانتخابي، وحماية حقوق الإنسان، وتعزيز المساءلة القضائية». وطالبت جيران العراق بـ«ألا يتدخلوا في شؤونه»، ملاحظة كيف «رفض الشعب العراقي بصوت عال هذا السلوك من إيران».

وقد يهمك أيضا:

رئيس البرلمان العراقي ينفي تقديمه طلب استقالته

التظاهرات الشعبية مستمرة في لبنان في اليوم الـ45 للاحتجاجات