مستشفى "أوغستا فيكتوريا"

أكد أطباء في قطاع غزة والضفة الغربية الفلسطينيين، أنهم يكافحون وباء تتسبب به البكتيريا المقاومة للمضاد الحيوي، وهي مشكلة متزايدة في مناطق الصراع في العالم، ويمكن أن تمتد أيضا إلى خارج الحدود الفلسطينية.ويتزايد انتشار هذه الإصابات الفتاكة بسبب الدمار الذي تسببه الحرب، وزيادة التكاليف الطبية، ونقص أسرّة المستشفيات؛ لأن المرضى يحتاجون إلى رعاية لفترة أطول، وغالبا ما يعيش الأشخاص الذين شفيوا من هذه الأمراض بعاهات تٌغير حياتهم.

وتعدُّ غزة أرض خصبة لتلك البكتيريا؛ لأن نظامها الصحي قد تآكل بسبب سنوات الحصار، وندرة وجود المضادات الحيوية، كما أوضح مكتب الصحافة الاستقصائية.وقالت دينا ناصر، رئيسة قسم مكافحة العدوى في مستشفى "أوغستا فيكتوريا" في القدس الشرقية، وهي كانت علمت أيضا في قطاع غزة:" هذه مشكلة عالمية تتعلق بالأمن الصحي؛ لأن الكائنات الحية المقاومة للعقاقير المتعددة لا تعرف أي حدود، لهذا السبب، يجب على المجتمع العالمي، حتى لو لم يكن مهتما بسياسات غزة، أن يهتم بهذا الأمر."

وعلى الرغم من أن الأطباء في غزة لديهم معرفة ببروتوكولات منع ظهور البكتيريا المقاومة للعقاقير، فإن النقص المستمر في المضادات الحيوية يعني أنهم لا يستطيعون متابعتها دائما، كما قالوا للصحافيين. ويأخذ المرضى دورات غير كاملة من المضادات الحيوية، أو يوصف لهم مزيج من الدواء المضاد، لأن الدواء المناسب غير متوفر.

وبسبب نقص المياه والطاقة والوقود لمولدات الكهرباء، فإن الأطباء لا يستطيعون دائما تلبية معايير النظافة الأساسية، مما يسهل انتشار أي عدوى مقاومة للعقاقير، وفي بعض الأحيان، لا يستطيع الأطباء حتى غسل أيديهم، كما هناك نقص في القفازات والمعاطف الطبية، وأقراص الكلور للتطهير، وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على السفر والتجارة منذ 10 سنوات مما يبقي غزة معزولة نسبيا مقارنة بمناطق الصراع الأخرى التي أثبتت أنها أرض خصبة للجراثيم المسببة للأمراض.

ولاحظ الجيش الأميركي انتشار البكتيريا المقاومة للعقاقير في العراق، منذ أكثر من 10 سنوات، وسجلت ارتفاعا كبيرا في عدد المصابين الذين عادوا بمضاد Acinetobacter المقاوم للبكتيريا الذي أطلق عليها اسم "بكتيريا العراق".ولكن قطاع غزة ليس معزولا بشكل كامل، حيث إن المرضى من هناك ينتقلون إلى مستشفيات أخرى في فلسطين، وإسرائيل، والأردن ومصر ولبنان.

ويمكن للأشخاص الأصحاء حمل البكتيريا دون ظهور أي أعراض عليهم، لذلك يمكن للأطباء والعاملين في مجال الإغاثة الذين يسافرون من وإلى غزة نقلها إلى بلدان أخرى، ويمكن للبكتيريا أيضا أن تنتقل دون مستضيف بشري لها.وقال الدكتور غسان أبو ستة، الذي يدرس الطب البديل في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت (AUBMC): "سينتشر المرض. إن مياه الصرف الصحي غير المعالجة من غزة التي تحتوي على بكتيريا مقاومة للعقاقير المتعددة تدخل في طبقة المياه الجوفية وهي طبقة مياه مشتركة مع مصر و إسرائيل."

وأضاف:" هناك وثائق من اسكتلندا تظهر أن البكتيريا المقاومة للعقاقير المتعددة يمكن العثور عليها في كريات الطيور المهاجرة، وبالتالي فكرة أن أي شخص يمكن أن يكون في مأمن من هذه الظاهرة غير معقولة."وظهر حجم المشكلة حين زاد العنف هذا العام في غزة، حيث قتل أكثر من 200 شخص وجرح الآلاف، معظمهم أصيبوا في سيقانهم، خلال الاحتجاجات التي بلغت ذروتها تحت اسم "مسيرة العودة الكبرى".

وقال الدكتور محمود مطر، جراح عظام، إن حوالي 2000 شخص من سكان غزة يتعاملون حاليا مع إصابات خطيرة في الساقين تتطلب عادة عمليات إعادة إصلاح للعظام، ومن ثم سنتين من إعادة التأهيل.وتبين أن هؤلاء المرضى أصيبوا أيضا بهذه العدوى الخارقة، مما يعني أن الجراحين عليهم تأخير إغلاق جروحهم، وهذا يقلل من فرص النجاح في إعادة إصلاح العظام، ويمدد الإقامة في المستشفى ويزيد من مخاطر بتر الساق. وقال الدكتور أبو ستة:"نتوقع كارثة مطلقة لدى الجرحى المصابين في غزة."

وتم الإبلاغ عن جميع البكتيريا الموجودة في قائمة منظمة الصحة العالمية للبكتيريا ذات الأولوية، خاصة تلك التي تشكل أكبر خطر على صحة الإنسان، وتبين أنها موجودة في فلسطين، لكن مستشفيات غزة، مثلها مثل غيرها في مناطق النزاع، تعاني بالفعل من أزمة، مع نقص حاد في المعدات والأدوية والاكتظاظ الشديد، معظمهم يفتقرون إلى القدرة على الكشف عن الجراثيم، مما يزيد الأمور سوءا.

وأحد سكان غزة الذين يتعاملون مع الأثر المزدوج للإصابة والعدوى الخارقة هو فهد زهد، 29 عاما، كان يرشق الحجارة بالقرب من الحدود في فبراير/ شباط، عندما أصابت رصاصة ساقه، وقد تم نقله إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية، لكن جرحه أصيب بالعدوى وتطورت الأمر إلى الإصابة بالتهاب العظم، وهي عدوى خطيرة داخل العظم يمكن أن تؤدي في كثير من الأحيان إلى البتر.

وقد يهمك ايضًا:

أبو سيف يؤكد رفض "حماس" تنفيذ الاتفاقيات السابقة

قوات الاحتلال تقتل 54 طفلًا وتعتقل 900 آخرين خلال 2018