ما المشترك بين الجامعة العربية ومؤتمر الأحزاب
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

ما المشترك بين "الجامعة العربية" و"مؤتمر الأحزاب"؟

ما المشترك بين "الجامعة العربية" و"مؤتمر الأحزاب"؟

 العرب اليوم -

ما المشترك بين الجامعة العربية ومؤتمر الأحزاب

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

قيل في الجامعة العربية أنها جامعة دول، وليست جامعة شعوب، أي أنها تمثل الأنظمة والحكومات العربية وليس "الجماهير العريضة" للأمة وشعوبها...والأصل، أن الأحزاب العربية المنضوية في إطار مؤتمرها العام، تمثل شعوب الأمة بتطلعاتها وأشواقها...والمفارقة أن ثمة مشتركات كثيرة بين "الجسمين"، حتى وإن ظن البعض أنهما متعارضين ومتصارعين.
 
بل الحقيقة أنه ما من "جسم" سياسي في عالمنا العربي، يشبه جامعة الدولة العربية، أكثر من المؤتمر العام للأحزاب العربية...كلا "الجسمين"، الرسمي والشعبي، يتقاسمان انعدام الفاعلية والتأثير، كلاهما يكتفيان بإصدار البيانات الموسمية، وبانتقائية شديدة، تنسجم مع توجهات الجهات الراعية والحاضنة والممولة، وهي جهات متبدّلة عموماً، يتفاوت تأثيرها بتباين أوزانها بين حين إلى آخر.
 
كلاهماً أيضاً، استمرأ الجلوس على مقاعد النظّارة والمتفرجين، وحين تحين لحظة النزول إلى الملعب، توقعوا صدور بيان عرمرمي، لا يكتفي بالشجب والإدانة، أو الثناء والمديح، بل ويتهدد ويتوعد، يرغي ويزبد، وكأن الطامة الكبرى ستقع الآن أو بعد قليل.
 
القوى الفاعلة في النظام الرسمي العربي، تمارس أدوارها خارج منظومة الجامعة و"العمل العربي المشترك"، وأحياناً، حتى لا نقول غالباً، بالضد منه ومن توجهاته وقراراته، بدلالة ما نشهده اليوم من هرولة للتطبيع مع إسرائيل بالضد من قرارات الإجماع والجامعة...أما القوى الفاعلة في النظام الحزبي العربي، فتتحرك خارج منظومة "المؤتمر العام"، فهي تضيف من تشاء وقتما تشاء إلى "محور الممانعة والمقاومة"، وتميز بين إسلام وإسلاميين، وتتوزع بغير أنصاف بين جناحي المؤتمر: الإسلامي والقومي، ومنذ أن صارت سوريا "مسألة" لم يعد ثمة من جامع يجمع بين القوميين والإسلاميين، فقد تمايز القوم، وكل فريق اتجه صوب مرجعيته.
 
مؤتمر أحزاب، ومؤتمر قومي، ومؤتمر قومي إسلامي، وسلسلة لا تنتهي من الأطر والائتلافات، المفرغة من أي مضمون، يكتفي المشاركون فيها بترديد "النشيد المعروف" حول فلسطين وحتمية تحريرها وسوريا وضرورة دعمها، والمقاومة وضرورة تصعيدها، قبل أن يتوجه الجمع إلى حفل العشاء التكريمي الذي يوفر منصة للحديث لمن لم يسعفه الوقت وجدول الأعمال، من تفريغ "حمولته الخطابية" فوق رؤوس المستمعين وعلى مسامعهم.
 
شيء شبيه يحدث في جامعة الدول العربية، خطابات مملة، مقروءة سلفاً، يبعث إلقاؤها بلسان عربي، غير مبين، وبأصوات خفيضة ومرتجفة في العادة، يبعث على السأم والنعاس، حتى أن كثيرين من القادة أنفسهم، المتحلقين حول موائد الاجتماعات الفاخرة، ينتابهم النعاس، وتأخذهم سنة من نوم، ولطالما ضُبطوا متلبسين بهذه الفعلة من قبل عدسات المصورين...ينتهي الجمع، بمآدب جماعية وصور تذكارية ومراسم وداع تليق بالمُستقبل والمُودع.
 
إن كانت الجامعة العربية تنهض شاهداً على تآكل النظام (اقرأ اللا-نظام) العربي الرسمي، فإن مؤتمر الأحزاب، والمؤتمرات المتناسلة عنه وإلى جواره وبموازاته، تنهض شاهدةً على "موات" الحركة الشعبية العربية...لم تُتبع الجامعة يوماً قولها بالفعل، ولم يُتبع مؤتمر الأحزاب بياناته الصاخبة، بمسيرة حاشدة أو بمظاهرة أشد صخباً.
 
وكما تحولت الجامعة إلى "جهاز بيروقراطي" يسهم في توفير بعض فرص العمل لبعض الدبلوماسيين العرب ممن بلغوا سن التقاعد أو غير المرغوب بهم أو "المؤلّفة جيوبهم" ، فإن مؤتمر الأحزاب والمؤتمرات التي نمت على جذعه، باتت وسيلة "المتقاعدين" من المناضلين العرب لقضاء أوقات مريحة وممتعة، محمّلة بالإحساس الزائف بالجدوى، فهذا عضو في الأمانة العامة، وذاك في لجنة المتابعة، وقد ترى أحدهم عضواً في عشر لجان ومؤتمرات، لا وقت لديه لغير التنقل من اجتماع لآخر، ومن عاصمة إلى أخرى، وغالباً من عواصم الممانعة، وأحياناً لا بد من إسطنبول وإن طال السفر.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما المشترك بين الجامعة العربية ومؤتمر الأحزاب ما المشترك بين الجامعة العربية ومؤتمر الأحزاب



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف

GMT 20:30 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سوق السفر العالمي" ينطلق افتراضيًا في تشرين الثاني 2020

GMT 13:35 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24