ابنة الفرات
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

ابنة الفرات

ابنة الفرات

 العرب اليوم -

ابنة الفرات

سمير عطا الله
سمير عطا الله

تعيد قناة «المستقبل» بث برامجها القديمة كانت منها مقابلة أجراها الزميل ريكاردو كرم مع الراحلة العظيمة زهى حديد عام 1997. ذكّرتنا الحلقة بأشياء كثيرة، منها أن عالم الهندسة المعمارية لم يعرف حتى الآن عبقرياً خلاقاً ورائداً مجدداً مثل ابنة العراق التي كانت أحد أهم الرؤية المعمارية في القرن العشرين.

عاشت زهى في بيروت، ودرست في الجامعة الأميركية، ولما عادت إليها لإلقاء محاضرة تجمع المعجبون في القاعات وعلى النوافذ كما استقبلوا من قبل نزار قباني ومحمود درويش. فقط أغصان الشجر بقيت خالية من الذين تجمعوا لنزار ومحمود ورنين الشعر.

أول مرة عرفت من المقابلة أن زهى كانت تتحدث الإنجليزية بطلاقة، ولكن باللهجة البلدية، (الكوكني). سألها كرم عن رأيها في بعض المهندسين العرب، فقلبت شفتيها، إلا من عاصم سلام الذي أحبت أعماله. وعن أشهر مهندسي مصر في القرن الماضي حسن فتحي، قالت إنها لا تحب أعماله لأنه يبني بيوتاً من طين. وهذه ليست للسكن. وقالت إنها ضد الإبقاء على تراث البناء القديم لأنه ليس لعصرنا وأيامنا، وقد آن للعرب أن ينتقلوا إلى المستقبل. وقالت إن الكد أهم من الموهبة، ومن دونه فهي هباء.

غيّرت زهى حديد الطريقة التي تنظر بها إلى العمار. حوّلت الحجارة إلى شيء يشبه المرايا، والجدران إلى آفاق. وقلبت فكرة الزوايا والشرفات وأشكال الأساور والخواتم والمقاعد. غيّرت تماماً فكرة المكتب والمسكن والملاعب. كانت تلميذة باهرة، ثم أستاذة باهرة، ودائماً إنسانة باهرة.

قدّر لزهى حديد، ما قدّر من قبل لمجدي يعقوب وعمر الشريف وأمين معلوف ونجيب محفوظ، أي الأفق العالمي. كل في حقله وعبقريته. وكم استحقوا تلك المكانات العالمية. وثمة قاسم مذهل بينهم هو التواضع الذي لا يتوفر إلا للذين هم أوائل فيما يفعلون. مُنحوا موهبة فحوّلوها استثناء بين مواهب البشر. بعد غياب زهى حديد أنشئ في وسط بيروت مبنى كانت قد وضعت تصميمه قبل وفاتها. ومنذ لحظة الشروع به رحت أتابعه مرحلة مرحلة من الداخل والخارج، لكي أرى ماذا تركت لنا ابنة العراق. كنت مولهاً ببيروت القديمة وألوان حجارتها الشهباء، والهندسات التي حملها الأمير فخر الدين من منفاه الجميل في توسكانا. هزمتنا زهى بهذه المكعبات البيضاء. ليتها تركت المزيد لكي لا نذهب إلى بيلباو (إسبانيا) لنشهد عودة العرب إلى الأندلس.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ابنة الفرات ابنة الفرات



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف

GMT 20:30 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سوق السفر العالمي" ينطلق افتراضيًا في تشرين الثاني 2020

GMT 13:35 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24