كشفت صحيفة بريطانية عن بعض مظاهر الحياة الإجتماعية في أحد أشهر الأحياء الصينية في مدينة "شيان" المزدحمة بالزوار من جميع أنحاء الصين فضلا عن السياح الذين يأتون إليها من مختلف أرجاء العالم. وتستعرض صحيفة الـ"غارديان" في تقرير نشرته الخميس، مشهد الأكشاك والمطاعم الصغيرة التي تقدّم الأطعمة الشهية التي تجذب زوار المدينة بروائحها الطيبة ولانها "أطعمة حلال"، كما يقول التقرير حيث أن غالبية السكان الموجودين في هذا الحي هم من المسلمين الذين يعتبرون أحد الخمسين عرق ديني موجودة في الصين اليوم.
وأشار التقرير إلى الوجود التاريخي للمجتمع المسلم في عاصمة مقاطعة "شنشي"، في الطرف الشرقي من "طريق الحرير" القديم الموجود في وسط الصين منذ القرن السابع. كما أشار إلى الظروف والملابسات التاريخية لنمو وظهور "سلالة تانغ" ، التي سميت المدينة باسم "تشانغآن"، حيث ظهرت تلك السلالة عندما سافر التجار المسلمون وبعض الجنود من وسط وغرب آسيا إلى الصين وتزوج العديد منهم من نساء "هان" الصينيات وجاء نسلهم ليكون باسم "هوي أو خوي" ، تلك الطائفة التي تعتبر الآن واحدة من 56 مجموعة عرقية في الصين.
عام 2019 ، يقترب عدد سكان المدينة من 10 ملايين نسمة، وهو عدد من شأنه أن يجعل المدينة من بين المدن الأكثر تعداداً. ويقدر عدد السكان المسلمين بنحو 65 ألف نسمة، يعيش معظمهم ويعملون في الحي الإسلامي، في وسط مدينة "شيان" التاريخية. ووفقا لما أورده التقرير يأتي العديد من الزوار لتناول الطعام الحلال، والأكلات الشعبية التي تتميز بها المدينة.
على الرغم من أن المدينة تعتبر مكاناً يعج بالمسلمين ويقيم فيه المسلمون بشكل كبير، إلا أن الوجبات الخفيفة غير المسلمة مثل "التوفو النتشي" في هونان ، البطاطس المحمصة والأخطبوط متاحة بشكل متزايد أيضا. ويبيع عدد كبير من المتاجر الآن هدايا تذكارية نموذجية من إقليم "شنشي" ، مثل الدمى والنماذج المقلدة للمحاربين القدامي. هناك أيضا الكثير من الهدايا الصينية العامة التي يمكن شراؤها في أي مدينة سياحية صينية، معظمها صنع في مركز التصنيع في "ييوو" مثل "تي شيرت" جيفارا ، علب السجائر التي تحتوي على صور الزغيم الشيوعي ماو تسي تونغ ، ومسبحة الصلاة البوذية.
إلا أن التقرير الذي نشرته "الغارديان" كان يرمي الى الاضاءة على الخوف الكامن وراء كل تلك المظاهر السياحية والإجتماعية، ذلك الخوف الكامن وراء قصة ازدهار المدينة القديمة، ذلك الخوف من كون معظم سكانها مسلمين، خاصة في ضوء تقارير حملات مكافحة الإرهاب ومعسكرات إعادة التثقيف السياسي في منطقة "شينغيانغ" ذات الأغلبية المسلمة.
يقول أحد المسلمين الصينيين، والذي لا يريد ذكر اسمه في وسائل الإعلام الدولية: أنهم "يجب أن تكونوا حذرينً للغاية". "حيث أن الوضع في شينغيانغ يزيد من مخاوفهم بأن تصبح "شيان" مثلها.
خلال "ثورة ماو" الثقافية في ستينيات القرن الماضي ، تم حظر الممارسات الدينية والطقوس ، وتمت إعادة إستخدام المساجد كمصانع أو مكاتب إدارية أو مراكز مجتمعية. وتحول المسجد الكبير الذي يعود إلى القرن الرابع عشر في شيان مؤقتًا إلى مصنع لإنتاج الفولاذ ، وأصبح مسجد شارع "بيي غوانغي" الذي يبلغ من العمر 300 عام إلي المركز الثقافي والقاعة الرياضية في المدينة.
في الآونة الأخيرة جعل التغيير الناس متوترين. تم استبدال العلامات القديمة باللغتين العربية والصينية عند مداخل الحي الإسلامي بأشكال جديدة صينية فقط. كما يقول أحد كبار أعضاء اللجنة في أحد أكبر المساجد في المدينة - الذي طلب عدم ذكر اسمه - إن مسؤولين محليين في الحزب طلبوا منه إقامة احتفال لرفع العلم الوطني الصيني فرفض، لكنه وافق على عرض العلم في المسجد ووضع العديد من الملصقات السياسية. كما طُلب منه التوقف عن المدرسة الصيفية في المسجد. وقال إن الشرطة حذرته من "إرهابي شينغيانغ".
ويشعر مسؤول المسجد بالقلق من أنباء مفادها أن السلطات في مدينة "ويزهو" حاولت هدم مسجدها الكبير في الصيف الماضي ، لكنها تؤمن بأن دستور الصين "سيضمن حرية الدين". "لا أعتقد أن الأمر جاء من الحكومة المركزية" كما قال.
وأورد التقرير أيضا بعض العلامات التحذيرية المكتوبة في الشوارع والتي تحذر المارة من التعامل مع المسلمين، حيث وجدت علامات مكتوب عليها "لا تصدقهم". كما يوجد العديد من الشعارات المكتوبة باللغة الصينية في الشوارع والتي تعتبر شعارات شيوعية مثل "الدولة أولا..ثم العائلة" وغيرها من الشعارات.
قد يهمك أيضاً :
المبعوث الخاص للرئيس الصيني يصل إلى القاهرة
المحكمة العليا الصينية تتجه لإصدار أحكام في قضايا متعلقة بالملكية الفكرية
أرسل تعليقك