كلفة السيناريو الآخر
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

كلفة "السيناريو الآخر"

كلفة "السيناريو الآخر"

 العرب اليوم -

كلفة السيناريو الآخر

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

بعد انقضاء ما يقرب من ثلاثة أشهر على تفشي "الجائحة"، ما زال البعض منّا، ولأسباب ودوافع مختلفة، يجادل بخطأ الإجراءات الوقائية والاحترازية التي اتخذتها الحكومة (اقرأ الدولة)، والتي تمثلت بإغلاق معظم القطاعات الاقتصادية و فرض الحظر والتباعد الاجتماعي، وتقنين حركة الأفراد والمركبات، وفصل المحافظات، وحظر الاجتماعات العامة، وإجراءات غيرها خبرها الأردنيون والأردنيات.
 
حسناً...لنتخيّل "السيناريو البديل" لذاك الذي اعتمدته الدولة منذ بواكير اندلاع الجائحة، تخيّلوا لو أن أي من هذه الإجراءات لم يتخذ، أو اتخذ على نطاق ضيق، وعاث المصابون مع المخالطين، ومخالطي المخالطين، ما الذي كان سيصبح عليه حالنا؟ ...كم كانت الإصابات لتبلغ، وأية أرقام ستسجلها "وفياتنا"؟ ...الأهم، ما الذي ستكون عليه ردود أفعال الأردنيين، وهو يرون طوابير المرضى أمام المستشفيات العاجزة عن استقبالهم، تماماً مثلما يحصل في دول أكثر منّا قدرة واقتداراً...تخيلوا لو أن الدولة اضطرت لفتح قبور جماعية، كما يحصل في دول أكثر غنى منّا، لدفن الضحايا، ما الذي كانت ستكون عليه ردود أفعالنا؟
 
بعضنا يسخر من وصف كورونا بـ"الجائحة"، أردنياً على الأقل...صحيح، هي لم تصبح جائحة بعد، وأرقامنا لم تتخط البضعة مئات من المصابين، وأقل من أصابع اليدين من الوفيات، لكن ذلك عائد بالأساس للإجراءات الوقائية الصعبة، التي ينتقدونها صبح مساء، والتي من دونها، كان يمكن لأرقامنا أن تجاري أو تناهز أرقام الدول المنكوبة بالفيروس...لا أتحدث عن الولايات المتحدة واسبانيا وروسيا وإيطاليا، بل عن جوارنا العربي، الذي قاربت أعداد إصاباته الخمسين ألفاً، وأرقام وفياتها في ارتفاع مضطرد.
الحكمة بأثر رجعي، لا تفيد أحداً، ولا تمنح مدّعيها أية ميزة إضافية...وحسابات الربح والخسائر، يجب أن تأخذ بنظر الاعتبار كلفة كل "سيناريو" أو بديل...لقد فرحنا في بدايات الأزمة لقول وزير المالية بأن خسارة مواطن واحد، أهم وأغلى من أية خسائر أخرى...لكننا اليوم، وبعد أن تمت السيطرة على "الغُمّة"، نعمد إلى قراءة التجربة بأثر رجعي...من يريد أن يفهم ما نحن عليه الآن، عليه أن يتخيل ما كان يمكن أن نكون عليه، لو أن الحبل تُرك على الغارب.
 
لسنا في بازار انتخابي، وبعض الانتقادات والتعليقات التي تصدر عن سياسيين وحزبيين، تشعرك كما لو أنهم يخاطبون مهرجاناً انتخابياً، مع أن الحالة لا تحتمل المزايدات والمناقصات...بعضهم "لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب" كما يقول المثل...من مأمنه في المنزل المُعقم، يطلق الانتقادات رشاً ودراكاً... فنادقنا قذرة، غرفها ليست نظيفة، المحجورون هناك يذوقون المر ويعاملون كالمجرمين، وذويهم يذرفون الدموع...أين أنتم يا قوم، قارنوا حالنا ليس بجوارنا القريب، بل بأحسن التجارب الدولية، وكونوا منصفين...لأول مرة نشعر أننا متفوقون بملف من الملفات، حتى على دول متقدمة، لا تنغصوا هذه الفرحة، ولا تخربوا على هذا الإنجاز...الحكومة ومؤسسات الدولة الأخرى، ليست من طينة الملائكة، وانظروا بـ"عين الرضى" للغث والسمين في سياساتها وإجراءاتها، ونحمد الله أننا ما زالنا قادرين على "الوفاة بظروف طبيعية"، وليس بفعل الفايروس الحقير، الذي يعصف بخمسة ملايين مصاب مسجّل، وأضعاف أضعافهم من غير المسجلين.
 
في بواكير الأزمة، كتبت مطالباً بتشديد الإجراءات، مجادلاً بأن من الأفضل أن يقال "تسرعنا" على أن يقال "تأخرنا"، كان ذلك قبل دخول البلاد في حالة الطوارئ والاستثناء، واليوم نقول إننا لم نتسرع أبداً، وأن إجراءاتنا جاءت في أوانها، وها هي القطاعات تعود للعمل والإنتاج بتدرج متسارع، وها هي مظاهر الحياة الطبيعية تعود بحذر، فيما فرق التقصي الوبائي تنجح في احتواء الفيروس، وأرقامنا من الأقل في العالم بأسره.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كلفة السيناريو الآخر كلفة السيناريو الآخر



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 13:09 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 13:35 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:24 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

إنتاج وتطوير قطع ومكونات السيارات الكهربائية

GMT 14:53 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل المنتجعات السياحية في ولاية فلوريدا

GMT 14:56 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

رولز رويس تطرح أولى سياراتها للطرق الوعرة

GMT 19:52 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

روسيا تختبر طائرة الحلم الجديدة وتنفذ أول تجربة تحليق لها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24