التوازن الدقيق للمعادلة الأصعب
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

التوازن الدقيق للمعادلة الأصعب

التوازن الدقيق للمعادلة الأصعب

 العرب اليوم -

التوازن الدقيق للمعادلة الأصعب

عريب الرنتاوي
عريب الرنتاوي

يتعين على كل دولة من دول العالم المنكوبة ب فيروس كورونا، وكل دول العالم كذلك، أن تجد حلولاً للمعادلة الأصعب التي تواجهها البشرية اليوم: كيف يمكن التوفيق والمواءمة بين ضرورات مواجهة الوباء من جهة، ومقتضيات إدامة العمل والحياة والإنتاج من جهة ثانية؟ ... لا حل مثالياً لهذه المعادلة، ولا وصفة نموذجية أو ثابتة يمكن تعميمها، بل ويمكن القول، أن المعادلة التي ستُحلُّ اليوم بهذه الطريقة أو تلك، سيتعين حلها غداً أو بعد غدٍ بطريقة أخرى.
 
ضرورات كبح جماح الوباء وقطع الطريق على الجائحة، تقتضي من ضمن ما تقتضي: فرض قيود على التجوال، وتقييد حرية الحركة والانتقال، ووقف العمل في مواقع الإنتاج كثيفة العمالة، والحفاظ على "التباعد الفيزيائي"، وغير ذلك كثير مما يصيب الحياة الاقتصادية والإنتاجية في مقتل.
 
لكن لديمومة الحياة مقتضياتها الضرورية كذلك، وإلا نكون كمن وفّر "الإسعافات الأولية" لمواطن مصاب، ثم تركناه لمواجهة أكثر الأمراض فداحة وضرراً ... فالبطالة والجوع وقلة ذات اليد، أمراض فتّاكة بدورها، سيما حين تتجاوز معدلات ونسب معينة، وتفشيها يمثل الطريقة الأقصر لخلق بيئة مناسبة لتفشي فيروس الجريمة الفردية والمنظمة، وتعزيز الميل للتجاوز على القانون وغير ذلك كثير مما تبدو مجتمعاتنا في غنى عنه.
 
لا تستطيع الدولة، أية دولة، أن تحل محل جميع مواطنيها في تأمين المأكل والمشرب، الغذاء والدواء لكل واحد منهم ... لا الموارد المالية على عِظمها تستطيع أن تفعل ذلك، ولا القدرات العملية واللوجستية ستكفي لإنجاز هذه المهمة ... المواطنون أنفسهم، معظمهم على الأقل، هم من يتعين عليه فعل ذلك، سيما أن طالت الجائحة واستطالت.
 
في هذا السياق، يبدو مفهوماً، أن تولي الدولة أهمية استثنائية في الأيام والأسابيع الأولى لكبح جماح الجائحة، وأن تتشدد في إجراءاتها لضبط المشهد واحتواء الكارثة ... لكن ذلك لن يبقى إلى ما شاء الله، فلا بد من خطوات جريئة، ولكن مدروسة، للحفاظ على زخم الحياة وديمومتها ... هذا ما فعلته حكومة الدكتور الرزاز وخلية الأزمة، ويبدو أن الأوان قد حان للانتقال خطوة إضافية على طريق المواءمة: إعادة تحريك عجلة الإنتاج والاقتصاد، بحذر وتدرج لا بأس، ولكن على نحو ثابت ومتصاعد.
 
هو توزان دقيق بين شقي المعادلة، قد لا يكون ممكناً ضبطه من دون تقديم تضحيات هنا أو هناك ... فالصيغة الأنسب لاحتواء المرض، هي وقف عجلة الإنتاج والحياة بالكامل ... والصيغة الأنسب لتقليص الكلف الاقتصادية والمالية للجائحة، هي القبول بتقديم تضحيات كبيرة من حياة الناس وحيواتهم ... وبين هذين الحدين المتطرفين، يقع التوازن الدقيق بين الحاجة والضرورة ... الحاجة لإدامة عجلة الإنتاج وضرورة مواجهة الوباء.
 
الدول التي أعطت الأولوية لإدامة حركة المال والأعمال، هي ذاتها الدول التي دفعت أثماناً باهظة من حياة أبنائها وبناتها ... والدول التي تنبهت مبكراً لخطورة الجائحة وخطر تفشيها، نجحت في السيطرة على الفيروس وكبح جماحه ... الأردن من ضمن الفئة الثانية من هذه الدول، ويتعين علينا الآن التفكير بالمرحلة الجديدة التي تنتظرنا.
ستكون الأثمان والتضحيات التي سيتعين علينا تقديمها أقل، وفي حدها الأدنى، إن توفر المواطنون علي الوعي والانضباط اللازمين ...وسنخرج من هذه المواجهة بأقل قدر من الخسائر البشرية والمادية، إن تضافرت جهود الدولة بمؤسساتها المختلفة، مع الاستجابة الواعية للمواطنين على اختلاف مواقعهم وشرائحهم، فهل نفعل؟

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التوازن الدقيق للمعادلة الأصعب التوازن الدقيق للمعادلة الأصعب



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:08 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

بيان عملي لمديرية الدفاع المدني في طرطوس

GMT 18:55 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

طالبة مصرية يطرق مشروع تخرجها أبواب العالمية

GMT 14:17 2019 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

أحدث موديلات خواتم الذهب خريف 2019

GMT 10:27 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

بيت بيوت

GMT 16:42 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

17 حيلة لجعل عطرك يدوم لفترة أطول وقت الخروج

GMT 03:56 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع بالطبيعة والمعالم التاريخية في سلطنة عمان خلال الشتاء

GMT 02:51 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

العثور على سلحفاة نادرة برأسين في جزيرة مابول
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24