خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي؟

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي؟

 العرب اليوم -

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي

بقلم - عريب الرنتاوي

موضوعياً، تقف الولايات المتحدة (واستتباعاً) إسرائيل، على النقيض من مصالح مروحة واسعة ومتناقضة من دول المنطقة وعواصمها ... وموضوعياً كذلك، تتهدد سياسات الولايات المتحدة الشرق أوسطية، أمن واستقرار، ووحدة وسيادة هذه الدول، دع عنك ما يمكن أن يترتب على هذه السياسات من تهديد لمستقبل عدد من الأنظمة السياسية فيها، ووجودها.
أقصد بمروحة الدولة المستهدفة، الواسعة والمتناقضة، كلا من إيران وتركيا وسوريا بالدرجة الأولى، ويمكن ببعض الحذر، إضافة كل من الأردن والسلطة الفلسطينية والعراق إلى القائمة القصيرة الأولى ...وليس مستبعداً أن تتسع القائمة لأكثر من ذلك إن اعتمدنا مقياساً أقل تزمتا لاحتساب العداوة أو «الخصومة».
من بين جميع هذه الدول، لا تخفي واشنطن عدائها الشديد لإيران وسوريا، ومن خلفهما قوى وحركات «لا دولاتية» مثل حزب الله والحوثيين والحشد الشعبي وحماس وغيرها ... لكن تركيا في المقابل، ليست بعيدة عن دائرة الاستهداف الأمريكي، برغم ما يقال عن «تحالف استراتيجي» وعضوية مشتركة في «حلف الناتو» ... لم يخطر بالبال يوماً، إدراج الأردن أو السلطة الفلسطينية، في دائرة الاستهداف الأمريكي، بالذات الأردن وفي هذا الوقت تحديداً، حيث أصبحت الولايات المتحدة الداعم الأكبر للأردن، اقتصادياً ومادياً وعسكرياً، بيد أن انحيازها الأعمى المطلق لليمين الإسرائيلي الأكثر تطرفاً، يدفعها لاتخاذ مواقف وسياسات، تهدد على نحو لا تخطئوه العين، أعمق مصالح الأردن وأمنه واستقراره وهويته الكيانية، وتضع السلطة الفلسطينية في مأزق «وجودي» محكوم» في إطار حكم ذاتي، هو مبتدأ مشروعها وخبرها.
الأطراف المذكورة، يمكنها أن تشكل محوراً لا رادّ له ولا «معادل موضوعياً» له على الإطلاق ... وهي قادرة إن هي أحسنت احتواء خلافاتها وتنظيمها، أن تطيح بسياسات اليمين الأمريكي والإسرائيلي رأساً على عقب، وأن تدفع واشنطن وتل أبيب رغماً عن أنفيهما، لمراجعة حساباتهما المرة تلو المرة.
نقطة البدء في بلورة هذا الإطار الإقليمي الجديد، تنطلق من إيران وتركيا، مروراً بسوريا والعراق، وفي ظني أن قضايا الخلاف بين هذه الأطراف يمكن حلها، بل أكاد أجزم بأن علاقات طبيعية بينها، يمكن أن توفر فرصاً عظيمة لمواجهة تحديات مشتركة، وتحديداً تلك التي تتعلق بسلامة وحدتها الترابية، وتمكينها مجتمعة من مجابهة طوفان الضغوط والعقوبات والتهديدات التي يكاد لا ينجو منها بلد واحد.
قليل من «العقلانية» والتفكير بعقل بارد، يدفع على الاعتقاد بان خياراً كهذا يبدو ممكناً، بل وقد يصبح شرطاً لازماً لتفادي السيناريوهات الأسوأ ...وفي ظني أن أكبر عقدة تحول دون تنظيم العلاقات بين أطراف هذا «المربع الإقليمي» هو التناقض التركي – السوري، وهنا يتعين على أنقرة بالذات، أن تبادر لاتخاذ الخطوة الأولى، وأن تبعث من الإشارات ما يكفي لبث الطمأنينة في دمشق ولدى حلفائها، وأن تسارع للعمل اللصيق مع إيران وروسيا لإغلاق ملفات الشمال السوري، بدءاً بإدلب وانتهاء بشمال شرق سوريا.
هذا ليس بكثير، إذا ما نظرنا إلى ما يمكن أن تجنيه الأطراف من تقاربها، سيما بعد أن تأكد لها، أن إدارة ترامب، تضرب يميناً وشمالاً غير مكترثة بمصالح حلفائها وأصدقائها، وهي التي هددت بالأمس فقط، بتدمير الاقتصاد التركي، وهي التي تلوح بسيف العقوبات ضد العراق إن لم يلتزم بعقوباتها ضد إيران، وهي التي تتهمها أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في العام 2016 واستهداف الليرة التركية، أقله هذا ما تقوله تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان.
إن تحقق تقارب من هذا النوع، فإن التحاق دول به من مثل: الأردن، السلطة، لبنان، وربما غيرها، يصبح من باب تحصيل الحاصل ... وسيجد هذا المحور في موسكو حليفاً محتملاً، أو مرغماً على مد يد التعاون والتنسيق، فروسيا ذاتها ليست بعيدة عن «المهداف» الأمريكي في نهاية المطاف.
إطار إقليمي كهذا، يمكن أن «يحلحل» عقداً ويفكك استعصاء أزمات عدة:: من حرب المحاور والهويات، إلى استعادة التوازن الاستراتيجي في الإقليم، وستجد أطراف عربية عديدة نفسها مرغمة على «تبريد» رؤوسها الحامية، والهبوط بسقف توقعاتها، وسيجد المتهافتون العرب المهرولون صوب إسرائيل، صعوبة في المضي في طريقهم المفضي إلى التهلكة.
واشنطن في عهد ترامب، لم تعد تكترث بالقانون والشرعية الدوليين، ولا هي ملزمة بكل ما وقعه رؤساء أمريكا المتعاقبون، ومبدأ ترامب في السياسة الخارجية يقوم على «السلام المبني على القوة، وجواز الاحتفاظ بأراضي الغير المحتلة بالقوة الغاشمة»، وإسرائيل تنتابها موجة جنون وتطرف، وإحساس عميق بفائض القوة، وهي اليوم تستهدف دول الجوار القريب، وليس مستبعداً أبداً أن تستهدف غدا دول الجوار البعيد، ما بعد العراق وما بعد سوريا، وهي في كل الأحوال، تصنف هذه الدول وحكوماتها، على أنها أنظمة عدوة ودول معادية.
مثل هذا الإطار، يمكن أن ينهض على أسس قوية صوب منظومة إقليمية للأمن والتعاون، تحفظ لكل الأطراف مصالحها من دون افتئات على مصالح الآخرين، وتخلق أطراً وآليات لفض النزاعات، وتشكل سوقاً مشتركة، يصعب على أي مركز دولي أن يتجاوزه، فهل تخطو المنطقة صوب هذا الخيار، مرغمة تحت وقع التهديدات والعقوبات والانتهاكات الأمريكية لحقوق شعوبها ومصالحها، أم أنها ستؤثر انتحارها الجماعي؟

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي خيارات الإقليم في مواجهة اليمين الأمريكي والإسرائيلي



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 11:12 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24