تفجيرا بغداد التوقيت المريب
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

تفجيرا بغداد... التوقيت المريب

تفجيرا بغداد... التوقيت المريب

 العرب اليوم -

تفجيرا بغداد التوقيت المريب

خير الله خير الله
بقلم - خير الله خير الله

اذا كان التفجيران البشعان يدلّان على شيء، فهما يدلان على استعجال إيراني لفتح ملفّ العقوبات مع واشنطن من البوابة العراقية، قد تكون ايران مسؤولة كما قد لا تكون مسؤولة في غياب الادلّة الدامغة. لكن التوقيت يبدو مريبا.

يمكن ان تكون ايران وأدواتها، بما في ذلك الادوات المحلّية، وراء التفجيرين الأخيرين اللذين استهدفا قبل ايّام سوقا شعبيا في بغداد. لكنّه يمكن ان تكون هناك جهة أخرى وراء هذا العمل الارهابي الذي اودى بما يزيد على 35 شخصا، إضافة الى تسبّبه بعشرات الجرحى. يبقى التوقيت والمكان اهم ما في التفجيرين، اللذين نفّذهما انتحاريان وذلك كي تتوجّه أصابع الاتهام الى تنظيم "داعش" وما شابهه.

بالنسبة الى المكان، وقع التفجيران في منطقة بغدادية شعبية مكتظّة لإلحاق اكبر اذى بالناس العاديين. بالنسبة الى التوقيت، كان التفجيران في اليوم الاوّل من ولاية الرئيس جو بايدن الذي باشر، بعد ساعات، من حفلة أداء اليمين، أداء مهمّاته من البيت الابيض.

يبدو التفجيران رسالة واضحة الى الإدارة الأميركية الجديدة والى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في الوقت ذاته. كذلك، يبدو التفجيران بمثابة دعوة الى إدارة بايدن من اجل فتح مفاوضات سريعة مع ايران بشروط تسعى الى فرضها. في مقدّم هذه الشروط رفع العقوبات الأميركية فورا والسماح بإعادة تصدير النفط. وهذا ما دعا اليه وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف.

يؤكّد ذلك ان العقوبات التي فرضتها إدارة دونالد ترامب على "الجمهورية الاسلاميّة" أدت مفعولها. يؤكّد ذلك أيضا انّ ايران على عجلة من امرها وهي تعتبر الخلاص من إدارة ترامب بمثابة خلاص من العقوبات وعودة الى الاتفاق في شأن ملفّها النووي من دون اي تغيير من نوع يأخذ في الاعتبار الاحداث التي طرأت في السنوات الأخيرة الممتدة بين 2015 و2021.

كشفت هذه الاحداث، التي يبدو انّ ايران تريد تجاهلها، انّ الاتفاق السابق في شأن ملفّها النووي غير قابل للحياة. إنّه اتفاق يرفضه ايّ عاقل في ضوء الفجوات التي فيه نظرا الى انّه لا يتعاطى مع المشكلة الأساسية المتمثّلة في الصواريخ الإيرانية من جهة والمشروع التوسّعي الإيراني من جهة. هل مطلوب استسلام الإدارة الأميركية الجديدة لطهران من دون شروط؟ هل مطلوب في الوقت ذاته اعتراف الإدارة بانّ ايران هي من يسيطر على العراق وان ايران هي القوّة الأساسية في اليمن وهي من يتحكّم بلبنان الى درجة لم يعد ممكنا تشكيل حكومة في هذا البلد في ظلّ "عهد حزب الله".

مطلوب بكلّ بساطة اعتراف الإدارة الأميركية الجديدة بانّ القوّة المهيمنة على المنطقة هي ايران من دون حسيب او رقيب وانّ "الجمهورية الاسلاميّة" موجودة في سوريا ولا مجال لاقتلاعها منها. ترفض ايران الاعتراف بانّ العراق هو العراق وان سوريا هي سوريا الواقعة تحت خمسة احتلالات وليس تحت الاحتلال الإيراني وحده. الأكيد ان إدارة جو بايدن لا تبدو مستعجلة على الدخول في حوار جدّي مع ايران. تحتاج الى وقت طويل لبلورة سياسة شرق أوسطية وخليجية جديدة، خصوصا في ما يخصّ العراق وايران وحتّى في ما يخصّ سوريا. لا تبدو هذه الإدارة مستعدة للرضوخ للشروط الإيرانية على الرغم من وجود جناح مؤيّد لإيران في داخلها. سيتبيّن الى ايّ حد سيكون نفوذ هذا الجناح قويّا وذا وزن راجح في الأسابيع القليلة المقبلة، خصوصا اذا نجح في جعل شخص مثل روب مالي، الذي خدم في سنوات إدارة باراك أوباما، مسؤولا عن الملفّ الإيراني.

اذا كان التفجيران البشعان يدلّان على شيء، فهما يدلان على استعجال إيراني لفتح ملفّ العقوبات مع واشنطن من البوابة العراقية، وذلك بغض النظر عن صحّة ما يقال عن مسؤولية طهران غير المباشرة عن التفجيرين ووجود بصمات "داعش" عليهما. هل كانت ايران، بنظامها القائم، غريبة عن "داعش" في يوم من الايّام، وذلك منذ بروز هذه الظاهرة مجددا في العام 2013 واحتلالها الموصل في العام 2014؟

هل الاستعجال الإيراني في اتجاه فتح قنوات حوار مع إدارة بايدن دليل ضعف او قوّة؟ وحدها الايّام ستجيب عن مثل هذا السؤال لكنّ الواضح ان ردّ الفعل العراقي يوحي بانّ رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي اخذ الأمور على محمل الجدّ ووجد في التفجيرين رسالة تفرض عليه الرد. كان ردّه اجراء تغييرات ذات طابع جذري على صعيد قيادات الأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية التي اعتبر ان قسما منها غير مؤهّل لحماية البلد و"المنطقة الخضراء" على وجه التحديد.

توجّب على الكاظمي اللجوء الى السرعة في الردّ لتأكيد انّ التفجيرين حدث في غاية الخطورة وانّه لن يسمح بعد الآن باي تهاون من ايّ نوع. فهو يعرف انّ تقصيرا كبيرا، مصدره الأجهزة الأمنية المعنيّة، حصل في مناسبات عدّة، وقد واجه ذلك شخصيا في احدى المرّات عندما اقترب مسلّحون ينتمون الى احدى الميليشيات من مقرّ اقامته.

تتعاطى ايران مع وضع جديد بأساليب قديمة في منطقة تغيّرت كلّيا. ليس كافيا ان تتغيّر الإدارة الأميركية كي يعود كلّ شيء على حاله. صحيح انّ إدارة بايدن تضمّ كثيرين من الذين عملوا في إدارة أوباما التي تحنّ ايران اليها. لكن الصحيح أيضا انّ هناك معطيات جديدة تفرض نفسها في السنة 2021. من بين هذه المعطيات انّ واشنطن في صدد بلورة سياسة تجاه المنطقة وتجاه ايران بالذات. لا يمكن لهذه السياسة تجاهل أمور عدّة من بينها الصواريخ الإيرانية التي صارت همّا إسرائيليا ضاغطا ولا المشروع التوسّعي الإيراني الذي صار همّا عربيا. اكثر من ذلك، لا يمكن لهذه السياسة التغاضي عن تغييرات كبيرة حصلت في الداخل العراقي وانّ هناك رئيسا للجمهورية هو الكردي برهم صالح ورئيسا للوزراء يؤمنان بشعار "العراق اوّلا"، أي ان العراق هو العراق وان ايران تبقى ايران من دون ان يعني ذلك عداء عراقيا لكلّ ما هو إيراني.

فوق ذلك كلّه، انّ العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، تغيّر. قبل ان تباشر اميركا الاهتمام بالملفّ الإيراني، هناك ملفّ وباء كورونا (كوفيد – 19) الذي يفرض نفسه. هناك ايضا الوضع الاقتصادي الأميركي الذي يحتاج الى انقاذ بسبب ما خلفه الوباء. في ظلّ مثل هذا الوضع، لن تتمكن ايران من فرض اجندتها على إدارة بايدن وعلى الرئيس الأميركي شخصيا، خصوصا بعدما وعد الأخير بانّ عليه معالجة شؤون الاميركيين قبل أي شيء آخر.

الاستعجال ايراني والتمهّل والتأنّي أميركيان. الى اشعار آخر، ليس امام "الجمهورية الاسلاميّة" سوى الصبر. اليست ايران من اخترع عبارة "الصبر الاستراتيجي" لتبرير العجز عن الردّ على الضربات الأميركية والإسرائيلية؟!

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تفجيرا بغداد التوقيت المريب تفجيرا بغداد التوقيت المريب



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 11:29 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يفاجئك هذا اليوم بما لم تكن تتوقعه

GMT 13:17 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 15:34 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

برج العنزة..خجول وحساس وكريم تجاه الأشخاص الذين يحبونه

GMT 17:42 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

استيعاب إدارة بايدن

GMT 10:45 2019 الثلاثاء ,16 تموز / يوليو

الجارالله يكشف موقف الكويت تجاه الإخوان

GMT 16:53 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

فساتين خطوبة مكشوفة الأكتاف موضة الموسم

GMT 18:23 2018 الإثنين ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مبادرة بيئية لتحسين واقع النظافة بجزيرة أرواد في طرطوس

GMT 08:55 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

أمسية حوارية للقصة القصيرة بأدبي جدة الأربعاء

GMT 10:49 2019 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

منحة من بذار القمح في القنيطرة و 6550 دونمًا في السويداء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24