كذبة صدّقها النظام السوري
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

كذبة صدّقها النظام السوري

كذبة صدّقها النظام السوري

 العرب اليوم -

كذبة صدّقها النظام السوري

بقلم : خيرالله خيرالله

يشير ما تفعله روسيا حاليا إلى رغبة في التوصل إلى صفقة بين النظام السوري وإسرائيل في حال توفر شروط معيّنة. استدعى عثور القوات الروسية على رفات عسكري إسرائيلي، مفقود منذ معركة السلطان يعقوب في لبنان في العام 1982 مع رفاق له وتسليمه إلى إسرائيل، قيام موسكو بمبادرة من أجل إنقاذ ماء الوجه لبشّار الأسد.أدت المبادرة إلى إطلاق إسرائيل سراح معتقلين سوريين كانا في سجونها. لم يعد أمام روسيا سوى مثل هذه المبادرة من أجل القول إن النظام السوري ما زال حيّا يرزق، وأنّه كان له دور في العثور على رفات العسكري السوري في مخيّم اليرموك الفلسطيني قرب دمشق.بكلام أوضح، أرادت موسكو تأكيد أن النظام السوري جزء من صفقة محتملة مع إسرائيل تتجاوز مسألة الرفات، ويمكن أن تصل إلى إعادة إسرائيل الحياة إلى سياستها القديمة المستمرّة منذ العام 1967. تقوم هذه السياسة في الأساس على وجود نظام أقلّوي في دمشق مهمته الأولى والأخيرة حماية أمنها في الجولان الذي ضمته إلى أراضيها منذ فترة طويلة.ماذا يعني ذلك كلّه، خصوصا أن كلاما من نوع آخر صدر عن مسؤول روسي عن احترام إيران للاتفاق الذي يقضي بابتعاد قواتها الموجودة في سوريا عن خط فك الاشتباك في الجولان مسافة تراوح بين 75 و80 كيلومترا؟ هل يعني أنّ إيران طرف أيضا في الصفقة التي يسعى الروسي إلى تمريرها بما يؤدي إلى تحويل نفسه محورا لأي حلّ يمكن الوصول إليه في سوريا؟كلّ ما يمكن قوله إنّ روسيا تعمل حاليا، من أجل إثبات أنّها تمسك بكلّ خيوط اللعبة في سوريا، وأن هناك فائدة من تدخلها المباشر في الحرب على الشعب السوري ابتداء من أواخر أيلول – سبتمبر 2015. من الواضح أن الرئيس فلاديمير بوتين في حاجة إلى إظهار أنّه كان على حق في التدخّل في سوريا عسكريا، وأنّ الأمر لا يقتصر على إيجاد حقل تجارب للسلاح الروسي بغية إثبات فعاليته ومستواه. هناك ما هو أهمّ من ذلك، خصوصا لجهة تأكيد أن روسيا صارت اللاعب الأساسي في سوريا، وأنّها استعادت موقعا مهمّا في الشرق الأوسط انطلاقا من سوريا وساحلها.يصعب القول إن الرهان الروسي في سوريا هو رهان في محلّه في غياب اتفاق واضح بين موسكو وواشنطن على الدور الروسي في سوريا بمباركة إسرائيلية. صحيح أن إسرائيل على تفاهم عميق مع روسيا، وأن كلّ ما تفعله ناتج عن هذا التفاهم بين الجانبين، لكن الصحيح أيضا أن روسيا لا يمكن أن تحقق نجاحا حقيقيا في سوريا من دون أن تأخذ في الاعتبار شرطين في غاية الأهمية. هذان الشرطان المهمّان مرتبطان بمستقبل النظام السوري، والوجود الإيراني في سوريا المرتبط بالوجود الإيراني في لبنان أيضا.بالنسبة إلى الشرط الأوّل، ثمّة حاجة إلى استعادة مجموعة من البديهيات. في مقدّم هذه البديهيات أن الثورة السورية ثورة شعبية حقيقية بغض النظر عن القيادات التي نبتت على هامش هذه الثورة… وبغض النظر عن دور النظام السوري وإيران في إيجاد “داعش” من أجل تبرير اللجوء إلى كلّ أنواع الإرهاب في التعاطي مع ثورة الشعب السوري على الظلم.عانى السوريون طويلا من نظام لم يكن لديه همّ، في يوم من الأيّام، سوى البقاء في السلطة مستخدما شعارا واحدا هو إلغاء الآخر. سئم الشعب السوري من نظام لا يؤمن سوى بهذا الشعار الذي يعني قمع المواطن وتحويله إلى مجرّد عبد لدى العائلة الحاكمة. هل في استطاعة روسيا أن تفهم ذلك وأن تتصرف من منطلق أن لا مجال لإعادة الحياة إلى النظام السوري، لا لشيء سوى لأن النظام انتهى قبل اندلاع الثورة في آذار – مارس من العام 2011؟ هذا النظام انتهى عندما لم يجد ما يردّ به على القرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في الثاني من أيلول – سبتمبر 2004 سوى التمديد للرئيس اللبناني وقتذاك إميل لحود، ثم المشاركة في اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط – فبراير 2005 أو تغطية الجريمة في حال كان مطلوبا إيجاد أسباب تخفيفية، أو ما شابه ذلك، لبشّار الأسد.بالنسبة إلى الشرط الثاني، المتعلّق بالوجود الإيراني في سوريا، لم تستطع موسكو إلى الآن تصديق أنّ ليس في الإمكان الفصل بين بشّار الأسد وإيران. كلّ من حاول القيام بعملية الفصل هذه فشل فشلا ذريعا في ذلك. ليس سرّا أن رئيس النظام السوري ربط مصير نظامه منذ اليوم الأوّل الذي خلف فيه والده، وربّما قبل ذلك، بإيران وبـ”حزب الله” في لبنان. ليس صدفة أن يكون الحزب، الذي هو لواء في “الحرس الثوري” الإيراني، دفع كلّ ما يمتلك من قوى وإمكانات من أجل الحؤول دون سقوط النظام وذلك منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة في 2011.لا مجال أمام روسيا، من أجل تحقيق تقدّم في سوريا، سوى تحقيق هذين الشرطين المرتبطين في نهاية المطاف بشخص بشّار الأسد وإيران التي تعرف قبل غيرها أن انسحابها من سوريا سيعني نهاية النظام في طهران. إضافة إلى ذلك، تعرف إيران أن وجودها في سوريا مرتبط بشخص رئيس النظام ولا شيء آخر غير ذلك.لا يستطيع بشّار الأسد أن يكون روسيا، على الرغم من معرفته التامة بأن سلاح الجوّ الروسي كان وراء بقائه في دمشق كرئيس لا يتحكّم سوى ببعض الميليشيات التابعة للنظام. صارت هذه الميليشيات تختزل النظام لا أكثر. من الصعب على موسكو استيعاب هذه المعادلة، على الرغم من معرفتها بأنّ كلّ الوعود التي حصلت عليها من النظام كانت مجرّد وعود زائفة.تبقى حقيقة ثابتة وحيدة في سوريا. تتمثّل هذه الحقيقة في أن الإدارة الأميركية جدّية في ممارسة ضغوط على إيران من أجل تغيير سلوكها. شملت هذه الضغوط الوجود الإيراني في الأراضي السورية من جهة، ومحاصرة النظام السوري اقتصاديا من جهة أخرى. ليست أميركا وحدها التي لا يمكن أن تقبل بالوجود الإيراني في سوريا. هناك إسرائيل أيضا التي يبدو أنّها قررت إعطاء موسكو كلّ ما تحتاجه من وقت لإقناع النظام باتخاذ قرار مستحيل هو فكّ الارتباط بإيران.في انتظار تأكد روسيا من أنّ لا مجال لأيّ ابتعاد للنظام السوري عن إيران، ليس ما يمنع استمرار البحث عن رفات لجنود إسرائيليين آخرين، أو عن رفات الجاسوس إيلي كوهين، ما دام المطلوب تحقيقه يتحقّق. المطلوب تفتيت سوريا التي عرفناها وتكريس الوجود الإسرائيلي في الجولان المحتل. ثمّة حاجة إلى إقناع النظام السوري بكذبة كبيرة صدّقها في الماضي وما زال يصدّقها. تقول هذه الكذبة إنّه لا يزال لديه أمل بإنقاذ نفسه وأن تسليم الجولان لإسرائيل في العام 1967 لا يزال ورقة صالحة للاستخدام!

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كذبة صدّقها النظام السوري كذبة صدّقها النظام السوري



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 11:12 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور

GMT 18:08 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تولوز يُفاجئ برشلونة ويؤكد دراسة تجديد عقد توديبو

GMT 10:24 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 13:27 2019 الخميس ,14 شباط / فبراير

ميونخ يدفع بـ"ألابا" لإيقاف الفرعون المصري

GMT 13:43 2019 الأربعاء ,30 كانون الثاني / يناير

رجل يعض تمساحًا لمنعه من افتراس ابنه في الفلبين

GMT 11:39 2018 الأربعاء ,02 أيار / مايو

إقبال جيد على زراعة القطن في الحسكة

GMT 12:43 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

فورد تطرح سيارتها الرياضية “فييستا أس تي”
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24