فنزويلا والممانعون من الاحتفال بحالات النجاح إلى الاحتفال بحالات الفشل
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

فنزويلا والممانعون: من الاحتفال بحالات النجاح إلى الاحتفال بحالات الفشل

فنزويلا والممانعون: من الاحتفال بحالات النجاح إلى الاحتفال بحالات الفشل

 العرب اليوم -

فنزويلا والممانعون من الاحتفال بحالات النجاح إلى الاحتفال بحالات الفشل

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

هناك تحول ملحوظ في أخلاق الممانعة وفي لغتها. إنه الاحتفال بحالات الفشل بعد امتهان الاحتفال بحالات النجاح، أو ما كان يتراءى كذلك. الاقتصاد والعلم والقوة العسكرية في الاتحاد السوفياتي، ومعها المشاركة السوفياتية في غزو الفضاء. الطب والأطباء في كوبا. ثورة فيتنام. حركات التحرر الوطني. بناء السدود والمصانع... هذه كانت عناوين قابلة للأخذ والرد. الدفاع عنها كان ممكناً إلى هذا الحد أو ذاك.
اليوم، لم يعد في الخزنة إلا سوريا الأسد وإيران خامنئي وفنزويلا شافيز ومادورو. المهمة صعبة جداً لا يخفف من صعوبتها استدانة نجاحات صينية يبقى ربطها بالممانعة أقرب إلى الافتعال المحض.
أسباب ذلك، كما نعلم، كثيرة: نهاية الاستعمار، ثم انهيار المعسكر الاشتراكي والأنظمة العسكرية والأمنية الحليفة في «العالم الثالث»، وتحول الصين من الاقتصاد الدولتي إلى اقتصاد السوق، وصعود الشعبوية الهوياتية التي انضوى فيها كثيرون من ماركسيي الأمس. لكن التغير المذكور الذي أحدثته تلك الأسباب أقرب إلى أن يكون انحداراً، إن لم يكن انحطاطاً.
وبالفعل أصبح تحويل المأتم إلى موضوع احتفالي مهنة الممانعة. أمثلته في سوريا وإيران بات يعرفها أهل المنطقة جيداً. فنزويلا البعيدة لها حصتها في هذه العادة الرديئة.
قبل أيام أجريت انتخابات عامة استعاد بموجبها الرئيس نيكولاس مادورو الأكثرية البرلمانية. المعارضة قاطعت الانتخابات. نسبة التصويت اقتصرت على 31 في المائة. أنخاب الممانعين رفعت عالياً. الانتصارات تتوالى.

لكن لنعد قليلاً إلى 2013 لمعرفة المزيد عن إنجازات فنزويلا. عامذاك توفي هوغو شافيز زعيم «الثورة البوليفارية» الحاكم منذ 1999، والمؤمن بدولة رفاه وقودها الريع النفطي. مساعده النقابي نيكولاس مادورو حل محله مصحوباً بانهيار أسعار النفط. مادورو لم يعد النظر بسياسات اقتصادية باتت تفتقر إلى مرتكزاتها وأدواتها. لم يعد النظر بسياسات الاستئثار السلطوي والشعبوي ولم يشرك الشعب في صياغة القرارات الصعبة وتحمل نتائجها. لقد مضى على خطى سلفه
الصالح. «حزب فنزويلا الاشتراكي الموحد» لشافيز ومادورو أحكم وضع اليد على مؤسسات كالقضاء والمحكمة العليا. في 2016 نالت أحزاب المعارضة أكثرية برلمانية فخلق مادورو في مواجهتها «جمعية تأسيسية وطنية» من مؤيديه ومنحها صلاحيات تفوق صلاحيات البرلمان المنتخب، بما فيها حله ووضع دستور جديد. في 2018 جدد مادورو لنفسه وسط مقاطعة المعارضة وشكوك داخلية وخارجية بتزوير الانتخابات. الأرقام الرسمية أعطته أكثر من ثلثي المصوتين.
في مطالع 2019 أعلن رئيس البرلمان خوان غويدو نفسه رئيس جمهورية مؤقتاً بموجب ما يجيزه الدستور. غويدو، ابن الطبقة الوسطى الذي بدأ حياته ناشطاً طلابياً واعتنق أفكاراً اشتراكية ديمقراطية، أمكن أن تلتف حوله أحزاب المعارضة المفتتة. في الخارج أيضاً، اعترف به ما يقرب من 60 دولة في عدادها كل الدول الديمقراطية في العالم. أبرز البلدان التي لم تعترف تنتسب إلى القائمة إياها: روسيا والصين وإيران وسوريا وكوبا وتركيا.
مادورو اعتقل أبرز سياسيي المعارضة كما فر أهمهم، مؤسس «حزب الإرادة الشعبية» المعارض، ليوبولد لوبيز، إلى إسبانيا. لوبيز سبق له أن قضى أربع سنوات في سجن عسكري، وسنة ونصفاً في الإقامة الجبرية، وسنة ونصفاً لاجئاً في السفارة الإسبانية. غويدو، بدوره، وجهت إليه اتهامات وتهديدات ومنع من السفر وصودر حسابه المصرفي.
بعد بضع عقوبات أميركية على أفراد معدودين في 2015، إبان عهد باراك أوباما، توسعت نوعياً سياسة العقوبات عام 2019، في ظل إدارة دونالد ترمب. العقوبات شملت مادورو وبطانته وصناعة النفط، بحيث بات من شبه المستحيل الحصول على وقود أو عملات أجنبية.
الانهيار الاقتصادي الذي عصف بدولة فنزويلا الغنية كان من طراز ملحمي: نسبة التضخم السنوية فاقت 5000 في المائة. ما من سلع أساسية في البلد. ما من ماء حتى في المشافي. قرابة ستة ملايين مواطن، أي خمس السكان، فروا من بلدهم، بعضهم سيراً على الأقدام. إنها إحدى أكبر الهجرات الجماعية في تاريخ أميركا اللاتينية.
الرواية الرسمية والممانعة ترد هذا كله إلى العقوبات الأميركية و«الحرب التي يشنها عملاء الولايات المتحدة على فنزويلا». تصديق هذه الرواية يستدعي نسيان كل ما فعله مادورو: في السياسة والاقتصاد والمؤسسات والأحزاب.
والحال أن الاحتفال بحصيلة كهذه، أو مأساة كهذه، له طعم الموت لأن السير إلى الجحيم ليس البديل الوحيد عن السير في ركاب الولايات المتحدة.

 

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فنزويلا والممانعون من الاحتفال بحالات النجاح إلى الاحتفال بحالات الفشل فنزويلا والممانعون من الاحتفال بحالات النجاح إلى الاحتفال بحالات الفشل



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 13:23 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تملك أفكاراً قوية وقدرة جيدة على الإقناع

GMT 11:15 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

تفقد السيطرة على الأمور بعض الوقت

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور

GMT 10:22 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة وسلبية

GMT 08:11 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية رومانسية لعروس 2020 لقضاء شهر العسل

GMT 11:08 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

توافقك الظروف المهنية اليوم لكي تعالج مشكلة سابقة

GMT 22:00 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

تعليق جمع التبرعات الأميركية عقب أقتحام الكونغرس

GMT 17:36 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

تعرف على أهم صيحات الموضة الغريبة لعام 2021

GMT 13:25 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

ناقد رحمة فنان يحول الحجر والخشب إلى منحوتات فنية

GMT 09:37 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ندى بسيوني حزينة بإصابة فاروق الفيشاوي بالسرطان

GMT 12:55 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

نانسي عجرم تحتفل بالكريسماس بحفل «أون لاين» الجمعة

GMT 22:46 2020 الإثنين ,15 حزيران / يونيو

نقل مهاجم ماينز إلى المستشفى بعد إصابته بارتجاج

GMT 17:47 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

باخ يؤكّد تزايد الاهتمام باستضافة الأولمبياد في 2030 و2032
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24