المعضلة موقع الراء في الألف باء
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

المعضلة: موقع الراء في الألف باء

المعضلة: موقع الراء في الألف باء

 العرب اليوم -

المعضلة موقع الراء في الألف باء

بقلم : سمير عطا الله

  هذه المرة الثالثة، أو الرابعة، التي أشير فيها إلى خاصية معينة عند الكاتب البريطاني سومرست موم. ليس غفلة في الذاكرة ولا تغافلاً لذاكرة النبهاء، لكن كل مرة لغاية مختلفة. وما كررته هو أن النصيحة الأدبية الشائعة في الماضي كانت تقول إن على كل من يريد إجادة الإنجليزية أو التفوق فيها، أن يقرأ مؤلفات موم. إنه أشبه بقاموس من المفردات، لكن من دون جمود القواميس. تحل المفردة في نصوصه كما تحط الفراشة فوق زهرة، أقصى الإبداع في الاختيار. ولكن بعد فترة تنسى أنك تقرأ موم، من أجل مفردة، وإنما من أجل لغة ومتعة وأسلوب. وهو القائل إن جبابرة الرواية في روسيا وفرنسا، لم يتعلموا الأسلوب في مكان، لكنهم تركوا مدارس يستحيل تقليدها. أما هو فقال إنه تقيّد بقاعدتين: الأولى، الاختصار، ثم الاختصار، ثم الاختصار. والثانية ما دعا إليه فولتير: إلغاء النعوت من النص، وحتى من الذاكرة.
هل تعرف مما كان يشكو الرجل الذي تدعو المعاهد إلى التعلم منه؟ لا تحاول التخمين، لأنه مستحيل: «كم كانت حياتي ستكون أكثر سهولة لو أنني استطعت حفظ الألف باء كما هي. لكن عبثاً. ما زلت لا أعرف إن كانت الراء تقع قبل السين أم اللام قبل الياء، أم الباء قبل الراء، أو بعدها. وعبثاً أحاول أن أتذكر أين هو موقع الجيم».
يعرف ذلك تماماً أي أستاذ، أو تلميذ في مدرسة ابتدائية. لكن كم من علماء النحو لم يستطع كتابة قصيدة واحدة أو ربما جملة واحدة. جورج أورويل، أشهر كتّاب بريطانيا في القرن الماضي، كان ضعيفاً في الإملاء. ومات من دون التأكد من أن كلمة Actually تكتب بلام واحدة أو لامين. وكانت تتولى تصحيح نصوصه زوجته، التي تطبعها على الآلة الكاتبة.
كانت هناك قواسم مشتركة كثيرة بين موم ومشاهير عصره: أفاد إلى أقصى الحدود في رواياته ومسرحياته من تجربته في دراسة الطب وحياة المرضى، كما حدث مع الروسي تشيكوف، أو المصري يوسف إدريس. وأفاد من عمله في سلك الإسعاف خلال الحرب العالمية الثانية، كما أفاد من التجربة نفسها أرنست همنغواي، وأفاد من السفر الكثير ومن العمل في روسيا قبل ثورة 1917، لحساب الانتلجنس سرفيس، مثل كثيرين من أدباء بريطانيا في تلك المرحلة.
القاسم المشترك الآخر أنه مثل معظمهم أمضى الكثير من الوقت متمتعاً بالطقس الدافئ وجمال الطبيعة في جنوب فرنسا. وفيه وضع بعض أجمل رواياته ومنها «السيدات السمينات الثلاث من انتيب»، التي تسخر من نساء المنطقة. وعندما كثر المصطافون العرب في جنوب فرنسا في الثمانينات، أخذوا يقارنون في سخرية بين بعض النساء العربيات وبين سيدات موم. وأعتقد أن تلك كانت المناسبة الوحيدة التي قرأوا فيها شيئاً للرجل. فليسقط القاموس وعالم المرادفات.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المعضلة موقع الراء في الألف باء المعضلة موقع الراء في الألف باء



GMT 16:13 2021 الخميس ,18 آذار/ مارس

بعض الأخبار من مصر وايران وفرنسا

GMT 19:04 2021 الإثنين ,15 آذار/ مارس

البابا فرنسيس في العراق

GMT 20:02 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 19:25 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

ليبيّات فبراير والصوت النسائي

GMT 20:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف

GMT 20:30 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

"سوق السفر العالمي" ينطلق افتراضيًا في تشرين الثاني 2020

GMT 13:35 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 03:36 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

"البنتاغون" يؤكد أن جثة أبوبكر البغدادي ألقيت في البحر
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24