الليل والبركان
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

الليل والبركان

الليل والبركان

 العرب اليوم -

الليل والبركان

بقلم -سمير عطا الله

إحدى ليالي الأسبوع الماضي، دخلت إلى غرفة النوم والريح تصرّ صرّاً. وتطلّعت من النافذة فوجدتها تطوي الأشجار كمن يلوي عنق ذبيحة. حاولت النوم لكنني أمضيت الليل صاحياً صاغياً إلى ليلة عاصفة لم أعرف مثلها في حياتي، صاغراً أمام فورة هذا البركان من المطر والرياح والأشجار الملتوية إلى نصفها. صباح اليوم التالي، أفقنا على لبنان وهو في الصحو. البحر أزرق صافٍ مثل السماء المعكوسة على مرآته، والأشجار باسقة ومشرئبة. حمدت بالأمس، وشكرت اليوم. وهذا كلّ ما استطعت، أنا، وغيري من الذين خبروا تلك الليلة، وأفرحهم ذلك الصباح.
يتحوّل الإنسان إلى كائن أعزل أمام حركة الطبيعة. يوم تؤنّبه العواصف وتقتلعه الأعاصير، ويوم تشرق النعمة من شمس تحترق ولا تذوب، وتترك للأرض أن تدور حولها من أجل أن يتوزّع الضوء على جميع المسكونة.
كيف تصغر الأحداث السياسية أمام دورة الأقدار. جرثومة غير مرئية تهدّد أكبر بلد في العالم. كل أسوار الصين العظيمة لم تستطع أن تردّ الحشرة الرئوية التي تطلقها الخفافيش. أو الفئران الطائرة. وفي السابق خرج «كورونا» من الجِمال، فلماذا مرّة من ناقة ضخمة ومرّة من خفّاش ليلي صغير؟ خفّاش، مجرّد خفّاش، يرعب أكبر دول العالم وهي في الطريق لأن تصبح أهمّها أيضاً.
لكن وسط هذا الهلع الكوني، تعلن الصين أنها عثرت على دواء لمحاربة الوباء. وإلا كيف تكون دولة كبرى وهي من دون عِلم، أو دولة قادرة على إنتاج السلاح النووي لكنّها غير قادرة على إنتاج لقاح؟ لو ضرب الوباء الجارة الكورية، لسارعت إلى منع انتشار الخبر لا الوباء. هذا هو الفارق بين شيوعيي التحجّر وشيوعيي العصر.
عندما حدثت حادثة تشرنوبيل، كان ميخائيل غورباتشوف في رحلة خارجية، قطعها فوراً وعاد إلى البلاد. ومرّة كان الرئيس حسني مبارك في زيارة خارجية عندما ضرب زلزال القاهرة، فعاد فوراً. والأسبوع الماضي ضرب شرق تركيا زلزال قوي، وأكمل رجب طيّب إردوغان بحثه عن بقايا الإمبراطورية في الخارج، مشاركاً روسيا في صناعة دورها الإمبراطوري الجديد. وأما زلزال تركيا، فموضوع محلّي متروك للصحّة والداخلية.
في الماضي، كانت الكوارث البشرية تقع لسببين أساسيين؛ الأول أنّ الوباء يصل إلى المناطق المنكوبة قبل وصول خبره. لذلك ضرب الطاعون كلّ القارّات تقريباً وكان يرعب الأمم، القريبة والبعيدة، لأنّ لا شيء يقف أمام رياحه. إلا أن النظافة قضت، في العقود الأخيرة، على الكثير من الأوبئة، مثل الجدري وسواه، كما أدّت إلى الخلاص منه حيث استطاع الإنسان أن يحقّق بيئة محصّنة ضدّ ما يسبب من تلوّث وإهمال وجهل.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الليل والبركان الليل والبركان



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 10:51 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 202

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,29 أيار / مايو

روسيا والصين ترثان تركة أوروبا في إيران

GMT 06:15 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فيكتوريا بيكهام تفاجئ متابعيها برشاقتها في إطلالة أنيقة

GMT 04:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل وأهم مطاعم الدمام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24