حكومة الكون
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

حكومة الكون

حكومة الكون

 العرب اليوم -

حكومة الكون

بقلم -سمير عطا الله

عندما كنت أجيءُ إلى بيروت أيام الحرب الأهلية، كنت أحرص قبل الخروج من البيت أن أسمع نشرة الأخبار أو مقدّمتها على الأقل. ولاحظت بعد سنين أنها تبدأ كلَّ يوم بلازمة لا تتغير، وخلاصتها أن الحل ينتظر انفراجاً في الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، وتحسناً في العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والصين، ومصالحة دام انتظارها بين دول الصمود ودول التصدّي، إضافة إلى تحسّن في القرن الأفريقي.
في الأزمة الحكومية الأخيرة لم يتغيّر الوضع على الإطلاق. فالعالم بأجمعه لا يزال ينتظر تطورات الوضع في لبنان، والروس والأميركيون لا همَّ آخر لديهم وفرنسا تتأمل وتتوقع، وأمّا على الصعيد الإقليمي فالجامعة العربية برمتها، وتركيا، وإيران، وأفغانستان، وأذربيجان، وتركمانستان تحاول أن تقرأ أفكار الدكتور حسان دياب لكي تعرف لِمَن سيعطي حقيبة الشؤون الاجتماعية. تقتضي الحكمة والخبرة في مثل هذه الحال ألا ينتظر المرء شيئاً أو أن يتوقّع أي شيء. فما من أحدٍ يعرف إذا كان فلاديمير بوتين منهمكاً في شؤون حكومته الجديدة أم في شؤون حكومتنا. والبعض يقول إنه أجّل إقالة حكومة ميدفيديف بانتظار أن يقرر جبران باسيل توزيعات الحكومة الجديدة، خصوصاً الطاقة والكهرباء 24/ 24 و7/356.
هناك أيضاً مسألة الدولار، وبكل جدية قام بين السياسيين، من يقترح، في لحظة عبقرية فادحة، أن نتحوّل من الدولار الأميركي الإمبريالي الذيلي إلى اليورو التقدمي الوطني. ولا بدّ أنه في معمعة الخيارات هذه خطر للبعض الآخر الاعتماد على الروبل، غير أنَّ الصرافين في العاصمة أبلغوا من يعنيه الأمر أن ثمة نقصاً في كميات الروبل، بسبب النقص القائم في بلاد المنشأ.
يبدو كل هذا الكلام وكأنّه سخرية مبالغٌ بها غير أنّ الواقع لا يميّز بين السخرية والمأساة. ومن يتابع السياسة اللبنانية كل يوم مرغمٌ على متابعة سياسة العالم أجمع في الوقت نفسه لكي يقيس مستوى التواضع عند اللبنانيين، أو كما يقول الأجانب «في بلاد الأرز». وكان الشاعر الراحل يونس الابن قال في إحدى قصائده الشهيرة متغنياً بوطنه: «هالكم أرزة العاجقين الكون». ولو كان هناك أكبر من الكون لكانت أرزات لبنان «قد عجقته» أيضاً. لعلَّ الكثيرين منّا كانوا يتمنون بلداً حجمه السياسي في حجمه الجغرافي. لا يحرر فنزويلا وملحقاتها ويتمكّن مواطنه من الذهاب إلى البنك ليسحب من ودائعه ما يكفيه. إنها عادة ولن تتغيّر. وسوف نظلُّ نضرب رأسنا في الجدار ونهاجر مع كل باخرة وطائرة مسافرة ونغرق في الأزمات والتلوث والقمامة براً وبحراً، وتظلُّ مقدمات نشرات الأخبار تتحدث عن الخلاف حول وزارة الشؤون بسبب الصراع الأميركي - الروسي.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكومة الكون حكومة الكون



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 15:57 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 09:55 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 20:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 19:17 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هتافات مدوية من جماهير الترجى أثتاء استقبال الأهلى في تونس

GMT 02:01 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

بوسي تعتبر "بيت السلايف" رسالة اجتماعية جميلة

GMT 22:19 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

وفاة الأمير متعب آل سعود الأخ غير الشقيق للملك سلمان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24