السرّ في اللغة
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

السرّ في اللغة

السرّ في اللغة

 العرب اليوم -

السرّ في اللغة

سمير عطا الله

أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن، تناقص كثيراً عدد المستشرقين والمستعربين عما كان عليه من كثافة في القرن التاسع عشر. وذلك لأسباب عدة، منها تقدم الوسائل وإنشاء الكليات المختصة في جامعات الغرب. فلم يعد من الضروري دائماً أن يذهب الباحث بنفسه إلى الجزيرة العربية أو الخليج أو تلك البلدان التي كان يعتقد أنها تقع في أراضي المجهول.
البريطاني تيم ماكنتوش سميث، واحد من المستعربين الجدد الذي شغفه الإسلام وسَحَره التاريخ العربي، فلم يكتفِ بالعمل من بُعد، فأشهر إسلامه واستوطن صنعاء، حيث يعيش في منزل من منازلها القديمة، ويستطيع أن يرى من نافذته: «ميليشيات الحوثيين» تعيث فساداً وخراباً في إحدى محطات التاريخ. أصدر سميث أخيراً كتاباً بعنوان «العرب: 3000 عام من تاريخ الشعوب والقبائل والإمبراطوريات» عن دار جامعة ييل، ويقع في 630 صفحة.

يبني سميث قاعدة الكتاب على أساس أن العرب والعروبة سرّهما اللغة وقوّتها. ويستذكر قول المسعودي إن رواية التاريخ العربي تشبه صنع عقد من الحجارة الكريمة خيطه واحد هو اللغة. وكان يُقال في بغداد القديمة أنه عندما نزلت الحكمة من السماء، نقلتها عقول اليونانيين وأيدي الصينيين وألسنة العرب. وفي العصر الحديث قال الرئيس التونسي السابق مُنْصف المرزوقي، إن العرب خلافاً للشعوب الأخرى، لا يسكنون أرضاً بل لغة: «أفكر بالعربية إذن أنا عربي»، كما قال العلاَّمة اللبناني الراحل عبد الله العلايلي.

يحاول سميث في كتابه الممتع، من دون الالتزام بالنسق الأكاديمي، أن يتجاوز اثنين من كبار المؤرخين بالإنجليزية، هما الدكتور فيليب حتي والدكتور ألبرت حوراني. ولعله تميَّز في الانتباه إلى بعض القضايا لطبيعته كأجنبي، لم يلتفت إليها المؤرخان الكبيران. فهو يلاحظ أن الإمبراطورية الإسلامية امتدت من إسبانيا إلى السِند، غير أن اللغة العربية لم تُفرض كلغة رسمية إلا زمن الخليفة مروان عبد الملك. وفي تفسيره لتراجع العرب النسبي في العلوم بعد النهضة العربية، يقول سميث إن السبب الجزئي هو حظر الأتراك للمطابع بعد عام 1485. أما السبب الآخر في رأيه، فهو الصعوبة في طبع الحرف العربي لكونه متصلاً بعكس الحرف اللاتيني. وزاد في الصعوبة أن الحرف العربي فائق الجمال، ولذا، يصعب على الكثيرين امتهان حرفته. يستند سميث في سرده المتنوع إلى معرفة شديدة بالعربية والإنجليزية معاً. ويُذوّق نصوصه بترجمة بعض القصائد النبطية، أو الأشعار الشعبية الأخرى في الجزيرة والأردن وسوريا. ويختلف المؤلف اختلاقاً شديداً مع سائر المستعربين في النظر إلى الفرقة بين السنة والشيعة. فهو لا يرى فيها نزاعاً دينياً بقدر ما هو نزاع عائلي نشأ واستمر بالمرحلة الأولى لوفاة الرسول «صلى الله عليه وسلّم».

من هنا يعتبر أن النزاعات التي لا تزال قائمة اليوم أسبابها قائمة في طباع العرب، معتمداً بذلك نظرية ابن خلدون. ويقول إن عرب اليوم ما زالوا يمارسون القبلية التي عاشوها في الماضي، سواء كان ذلك في دول صحراوية أو في دول أخرى مثل سوريا.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السرّ في اللغة السرّ في اللغة



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24