الرجل الذي هزم اليابان
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

الرجل الذي هزم اليابان

الرجل الذي هزم اليابان

 العرب اليوم -

الرجل الذي هزم اليابان

بقلم-سمير عطا الله

هناك معالم في التقاليد اليابانية لا وجود لها في أي حضارة أخرى. فالإمبراطور هو «الحاكم السماوي» والمقاتل هو «الكاميكاز»، أي أن الطيار لا يقصف أعداءه، بل ينزل عليهم بطائرته، والمهزوم يموت بالـ«هاراكيري» أي يبقر بطنه بالسيف وهو يصرخ ممجداً الشمس وإله الشمس وحضارة اليابان. يجب أن نضيف إلى هذه النقاط الحضارية، سابقة جديدة في السعة اليابانية: منع المتّهم كارلوس غصن، بعد الإفراج عنه بكفالة، من مخاطبة زوجته إلا بواسطة الفيديو. ويُذكر هنا أن أعتى السجون الأميركية تسمح لأعتى السجناء، بمقابلة زوجاتهم. بشراً لا روبوتات. والمتّهم كارلوس غصن هو اللبناني الذي أحيا صناعة السيارات اليابانية من الخراب والإفلاس. وهو الذي عثر لليابانيين على 400 ألف فرصة عمل. وهو الذي دمج الشركات العملاقة لإنقاذ الصناعة. وبالتالي هو من أعاد الحيوية للاقتصاد الياباني المتعثر. يومها قيل وكُتب أن اليابان لن تنسى ما قدّمه لها، ويومها كتبت أن اليابان، بنوعية حضارتها ورثاث تقاليدها وصنميتها وأوثانها، لن تغفر «للغريب» أنّه تفوّق على عبدة الإمبراطور. فالتقاليد اليابانية تعتبر «الغريب» طارئاً ومعتدياً. ولذلك كانت حروبها ضدّ جيرانها في الصين وكوريا، الأكثر توحّشاً في التاريخ.
التهم الموجّهة إلى كارلوس غصن، تُهَم مخالفات مالية لم تثبت بعد. ومع ذلك، عومل هذا الياباني الفخري مثل قاتل أو مثل معتدٍ أشعل النار في ثوب الإمبراطور. وُضع في زنزانة ليس فيها كتاب ولا كرسي ولا ضوء. ومُنع من رؤية زوجته وأبنائه أو الاتصال بهم. وحُرم في الأيام الأولى من توكيل المحامي الذي يريد. لست أدافع عن رجل حوكم وأُدين، بل عن متّهم بمخالفات مالية وعن حقوقه المدنية بموجب أي قانون من قوانين الأرض، إلا قانون الـ«هاراكيري» والـ«كاميكاز». لذلك استقبِل فرار غصن من المعاملة اليابانية بالعطف حول العالم. إنه ذلك الرمز الصناعي التاريخي الذي غيّر قواعد الإنتاج وأوجد آلاف الوظائف لعمّال وموظّفي اليابان وفرنسا. ومن المعيب إحالة مثل هذا الرجل على الفضيحة والفظاظة وحضارة الـ«كاميكاز» بدل البحث عن صيغة وسطية لتسوية مخالفات – إذا ثبتت – يمكن تسويتها في أي بلد كان، بموجب القانون والأعراف والعدل، وخصوصاً بموجب الشعور بالوفاء والتقدير والمبادلة.
تطالب الشمس اليابانية كارلوس غصن ببضعة ملايين. ومنذ توقيفه، خسرت شركة «نيسان» أكثر من مليار دولار. وتراجعت شركة «رينو» في فرنسا. ولم يستطع مكايدوه أن يحققوا شيئاً سوى حصاد الحسد. سوف يتحدّث كارلوس غصن قريباً ويروي تفاصيل ما حدث. الرجل الذي هزم اليابان ثلاث مرّات: يوم أنقذ صناعتها، ويوم هزمها قضاؤها، ويوم استطاع «الفرار» من أقوى قبضة تكنولوجية في العالم.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجل الذي هزم اليابان الرجل الذي هزم اليابان



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 13:09 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 13:35 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:24 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

إنتاج وتطوير قطع ومكونات السيارات الكهربائية

GMT 14:53 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل المنتجعات السياحية في ولاية فلوريدا

GMT 14:56 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

رولز رويس تطرح أولى سياراتها للطرق الوعرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24