أمميَّة الجهل
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

أمميَّة الجهل

أمميَّة الجهل

 العرب اليوم -

أمميَّة الجهل

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

يحدث هذا الأمر في كل الحالات المشابهة، في كل الأزمان، في كل الأمكنة: بسبب فرد واحد يضطهد الناس – أو يخافون – شعباً بأكمله. بسبب إبراهيم العويساوي يتعرض التونسيون لمضايقات جمّة في أمكنة كثيرة. تلك هي عقلية الجماهير وردود الغوغاء. لأن الجماهير لا تفكِّر ولا تتأمَّل. التفكر يجرّدها من متعتها الكبرى، الغضب. والغضب يوهم الجهلة بالانتصار والقوة ويُلهب غدد النشوة العمياء في الدم المحرور.
صدف أن الذي قاد الشاحنة القاتلة على شاطئ نيس كان تونسياً. وكذلك زميله في برلين. وكذلك العويساوي الذي اتصل بأمه في تونس كي تترضى عنه قبل أن يذبح الأم الأفريقية في الكنيسة.
هؤلاء ليسوا تونس حيث انتصر المستقلون في الانتخابات الأولى على حزب النهضة وفكر الغنوشي. وتونس هي البلد المغاربي الذي لم يسلّم نفسه للمجازر كما حدث في الجزائر. ولا لمراهقي العسكر كما في ليبيا. ولا لدعوات التطرف الباحثة عن الخلاص الروحي وراحة الإيمان في إحراق ضابط في قفص حديدي مغلق وتصويره بأفضل التقنيات المستوردة من الشيطان الغربي.
تونس مجتمع متقدم في كل المقاييس. بورقيبة فعل ما فعله نهرو من قبل: طرد المستعمر واستبقى علومه وأساليب تقدمه. لذلك، نرى في هذا المجتمع اليوم برلماناً منقسماً بين «الإخوان المسلمين» والمستقلين، وتقود المعارضة فيه امرأة.
لا أريد أن أصوّر المجتمع التونسي على أنه مثالي وقدوة. لكنني أريد الاعتراف بما حققته النخب السياسية والفكرية والوطنية فيه، من صمود في وجه المغامرات والشعوذة والجهالات التي تعرضت لها دول عربية أخرى. يعود الكثير من ذلك إلى نظام التعليم والانفتاح الحضاري والثقافي، كما يعود إلى مدرسة الفكر والواقع والحساب، التي على أسسها وضع بورقيبة أصول الحكم.
هفوات «المجاهد الأكبر الأول» كانت كثيرة لكن إنجازه الاستقلالي كان أعظم منها جميعاً. أتأمل – مع ألف خرزة زرقاء وألف نضوة حصان - كيف خرجت هذه الدولة من المحن الخاسرة في العالم العربي. عندما صفّرنا للحبيب بورقيبة ودقَقْنا له على التنك عام 1965 لأنه نصحنا بقرار التقسيم لعام 1947، لم يكن أحد منّا يدرك أننا سوف نُنصح في عام 2020 بقبول 30% من الضفة الغربية كجائزة ترضية لا مثيل لها.
لا يزال العقل بعيداً في كل مكان، حتى في فرنسا التي تعلن أنها أم الديكارتية والمنطق. ولذا نجد عالمنا الحزين المحزن بين مثالين: رسام كاريكاتور تافه وغبي وأمّي، ومدمن جاهل وأمّي. وأما تونس فليس يمثلها العويساوي ومشغّلوه. يمثلها مجتمع متحضر، أقوى من هبوب أبو جهل.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمميَّة الجهل أمميَّة الجهل



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 11:12 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور

GMT 18:08 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تولوز يُفاجئ برشلونة ويؤكد دراسة تجديد عقد توديبو

GMT 10:24 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24