قصة قصيرة
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

قصة قصيرة

قصة قصيرة

 العرب اليوم -

قصة قصيرة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

أفقت اليوم مبكراً على غير عادة. ولم يكن مزاجي يحتمل بعد أن أبدأ النهار بقراءة الصحف؛ هذا الدأب الشاق والعقاب الشقي. ولم يكن يوسف إدريس قراراً أقل قتوماً. لكن سيد القصة القصيرة يظل مبهراً في كل الحالات. المشكلة معه أنه هو من يقرر مزاجك. وفي عمل واحد ينقلك في فقرة خاطفة من حزن إلى فرح؛ إلى مجموعة مشاعر أخرى لا تعرف إلى اليوم كيف تصنّفها. عندما استشاط غضباً مثل الأطفال يوم مُنحت «نوبل الآداب» إلى نجيب محفوظ، وليس له، كان نوعاً ما على حق. ليس أنه أكثر استحقاقاً من محفوظ، فما من روائي أكثر حقاً منه. ولكن إدريس كان يستحقها هو أيضاً. ربما في المرة التالية، أو التي تليها. وهو في أي حال من هذه المراتب، لكن مشكلته أن ألوانه كالحة وأبطاله من عالم سفلي؛ مهما كان جميلاً ولذيذاً. ولعلك لاحظت أنه يستخدم عبارة «لذيذ» لكي يصف مجموعة كبيرة من الحالات. ليس لديه الوقت للبحث عن مرادفة أخرى.

إنه يريد الانتقال إلى قصة أخرى وأبطال آخرين وحيوات غريبة أخرى... أو لعلها غريبة عنك. فأنت لا يمكنك الوصول إلى العالم الذي يصل إليه. وإذا وصلت؛ فمن المستحيل أن ترى ما يراه وأن تسمع الحوارات التي سجلها في البيوت والحارات والباص ولدى البقالين ودكان الحلاق؛ الأسطى زكي، الذي يدخل في ثلاثة نقاشات في وقت واحد مع ثلاثة زملاء في الصالون: واحد يدخل معه في قافية حول البامية، وآخر يحدثه عن علاج جديد للمرارة، وثالث يضحك معه على الاثنين.
أشخاص نجيب محفوظ يتحركون في روايات طويلة. وعندما لا تتسع لهم واحدة، يفرد لهم الثانية والثالثة. عمّنا الدكتور إدريس يفعل بهم ما تعلمه من الطبيب أنطون تشيخوف. يعرّي طباعهم بسرعة ويرميهم مرتاحاً من سوقيتهم وجلافتهم وجهلهم. أناس لا وقت لديهم للوقار والاحترام. هذه هي مريضة السل في عيادته تخبره كيف دخلت في تجارة الحشيش والنساء، و«أعقبت إجابتها بسرب من الضحكات الخليعة والميتة». لكنها تحولت إلى إنسان آخر عندما تحدثت عن ابنتها: «بتروح المدرسة وبتطلع الأولى، وعايزاها تطلع دكتورة».
يكثر يوسف إدريس من استخدام العامية لكي يظل قريباً من أبطاله. وأبطاله بؤساء. ابن يفتش في محفظة والده عن خمسة قروش يذهب بها إلى السينما مع رفاقه. كان يعتقد أن أباه بخيل يدّعي الفقر، وراح يفتش في المحفظة، ووصل إلى قعرها، ولم يجد سوى عشرة قروش عتيقة، ردها إلى مكانها، وأعاد توضيب المحفظة، وذهب إلى النوم باكياً.
يدخل يوسف إدريس بيوت المصريين قارئاً لا كاتباً. ويخرج منها رساماً لا شاعراً... ويختصر العالم الحزين في قصة قصيرة.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قصة قصيرة قصة قصيرة



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 11:12 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور

GMT 18:08 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تولوز يُفاجئ برشلونة ويؤكد دراسة تجديد عقد توديبو

GMT 10:24 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24