عاشق النهرين
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

عاشق النهرين

عاشق النهرين

 العرب اليوم -

عاشق النهرين

بقلم -سمير عطا الله

تأمّل الإنسان الأرض من حوله وبُهر بها بلا حدود. إنها الأحجية التي لا يطلب لها تفسيراً، فمعجزة الخلق أبعد بكثير مما أُعطي من عقل ومدارك وقدرة على التحليل. وهكذا انصرف إلى تقديس هذه المعجزة التي تشكّل حياته منذ الخليقة وحتى القيامة. ونسب إليها كل راحة يلقاها في دورة العمر، فهي مسكنه وسكينته معاً، وهي مهده ولحده. وكل ما كتبه الإنسان في شِعره ونثره وعباداته، يدور حولها كما تدور هي بين الكواكب.

يخالف أهل المياه هذه النزعة الأدبية والفلسفية. فالنيل عند أهل مصر والسودان هو بيت القصيد، أيّاً تكن القصيدة. والجواهري أطلق على ابنه اسم فرات لكي يُسمّى أبا فرات. وحضر الفرات ودجلة في أشعار العراقيين جميعاً وفي نثرهم أيضاً وخصوصاً في مواويلهم العاشقة أو الحزينة.

أوصلني إلى هذه المقدّمة البديهية أنني اكتشفت محبّاً آخر للأنهار والعشق النهري. كنت أقرأ وصيّة جواهر لال نهرو، مؤسّس الهند المستقلّة، فتوقّفت طويلاً عند ارتباطه الوطني، ليس بأرض الهند، وإنما بمياهها. يقول نهرو في نثره الجميل وفكره العميق: «إن رغبتي في أن تُنثر كمشة من رمادي في نهر الغانج، عند مدينة الله أباد، لا علاقة لها إطلاقاً بأي مشاعر دينية. لقد تولّهت بنهرَي الغانج وجمنة في منطقة الله أباد منذ كنت طفلاً، وكلّما كبرت كان هذا الشعور يكبر معي. إن الغانج بصورة خاصّة هو نهر الهند، يعشقه شعبها ويحتضن ذكرياتها وآمالها ومخاوفها وأغاني الانتصار والهزائم. إنه رمز الحضارة والثقافة، لا يكفّ عن التدفّق والتحوّل ويبقى دائماً هو هو. إنه يذكّرني بقمم الهملايا المغطّاة بالثلوج وبأوديتها التي أحببتها كثيراً، وبالسهول الغنية الرحبة المنتشرة هناك، حيث عشت وعملت. لا أريد أن أقطع نفسي عن الماضي بشكل تامّ. فأنا فخور بذلك الإرث الذي كان ولا يزال، إرثنا جميعاً. وأدرك تماماً أنني أنا أيضاً واحد من الأفراد الذين يشكّلون السلسلة المستمرّة في تاريخ الهند الخالد. هذه السلسلة، لن أقطعها لأنني أثمّنها جدّاً وأعتبرها مصدر وحي لي. وكدليل على هذه الرغبة وعلى تقديري لإرث الهند الثقافي، أقدّم هذا الطلب بأن تُرمى حفنة من رمادي في نهر الغانج، عند الله أباد، بحيث يحملها المحيط من هناك ويغسل بها شواطئ الهند. أمّا القسم الأكبر من رمادي، فيجب رميه بطريقة أخرى. إنني أتمنّى أن يُرفع هذا الرماد عالياً في الجوّ ثم يُرشّ من الطائرة فوق تلك الحقول التي يحرثها فلّاحو الهند، بحيث يختلط بغبار الهند وتربتها ويصبح جزءاً لا يميّزه شيء عن سائر الهند}.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عاشق النهرين عاشق النهرين



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24