صحافي المسافات الطويلة
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

صحافي المسافات الطويلة

صحافي المسافات الطويلة

 العرب اليوم -

صحافي المسافات الطويلة

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

كانت الصداقة مع رياض نجيب الريس متقطعة، وكانت الزمالة معه متقطعة أيضاً. لكن في صفائهما، كان صديقاً كبيراً وزميلاً كبيراً. وفي الصفاء والانقطاع، كان صحافياً كبيراً، يلاحق العمل الصحافي في أربع جهات الأرض، ذاهباً إلى الهند، عائداً من اليمن، طائراً إلى ظفار، تائهاً في تشيكوسلوفاكيا، باحثاً أبداً خلف ما سماه صحافة المسافات الطويلة.
الشيء الوحيد الذي لم يكن حائراً فيه هو شغف الصحافة الذي ورثه عن نجيب الريس. كل شيء آخر كان مزيجاً من حالتين أو أكثر. قومي عربي مع الانفتاح على الغرب الذي نشأ وعاش فيه. سوري حتى العظم لكنه يفضل أن يحب دمشق من بيروت. مشاعره مع الصحافة القومية، لكنه لا يرتاح إلى العمل إلّا في صحيفة ليبرالية مثل «النهار». يكد في العمل والسفر والاجتهاد طوال النهار، ويبدّد في السهر على طريقة البرمكي.
جرَّ خلفه أحلاماً كثيرة وخيبات شتّى. كان يريد أن يكون صاحب جريدة مثل نجيب الريس، لكن والده كانت عنده دمشق. وأما بيروت فمهما دلّلتك فإنها لا تعطيك صك الملكية. ولذلك، ظلت حائرة في أمره وظل حائراً في أمرها. أعطته «النهار» شهرة المسافات الطويلة ونجومية المراسلين المبدعين، لكنها لم تسلمه مفتاح رئاسة التحرير. هو كان يخشى أن يصطدم ذات يوم «بلبنانيتها» الكامنة، وهي كانت تخشى أن تصطدم ذات يوم «بسوريته» الحاضرة.
نجح في لبنان أكثر من كثير من صحافييه، وتصدر مرتبة الناشرين، عندما تفرغ للنشر، وظلت بين الفريقين هوة الحذر. مثلما كانت بيروت خليطاً بين المدن، تدلل في سهولة وتغضب في سرعة، كان هو سريع الحب وسريع الغضب وسريع التنقل بين الحالتين. قلب كبير وصدر ضيق.
الشامي العتيق كان مجدداً وحداثياً وكثير الابتكار. بدأ حياته مجرباً في عالم الشعر الحديث، متأثراً بتوفيق صايغ ويوسف الخال وخليل حاوي. لكنه سرعان ما تراجع عن محاولاته الأولى، مقتنعاً أن قدره هو قدر نجيب الريس. وعندما أنشأ في لندن دار النشر التي تحمل اسمه، كانت أولى مطبوعاتها كل حرف كتبه نجيب الريس في صحافته النضالية ومعارك الاستقلال. لقد اعتبر نفسه أميناً على إرث لا ينسى. وهكذا، حمل هذا الإرث من دمشق إلى بيروت فإلى لندن، حيث أصبح للمرة الأولى ناشراً مثل أبيه.
لكن التجربة لم تدم طويلاً في «فليت ستريت». وهكذا عاد رياض الريس إلى الكتابة والمقال المستطرد. وانضم إلى مجلة «المستقبل» التي أصدرها نبيل خوري من 45 أفنيو جورج سانك، على بعد مائة متر من الشانزليزيه. غير أن رياض، المقيم في لندن، ظل يكتب في موضوعه المفضل: الخليج. وفي الخليج، كما في كل مكان، كانت له خصومات وصداقات. غالباً بسبب القلب الكبير والصدر الضيق.
أحزننا غيابك يا رجل، كنت تعطي انطباعاً عميقاً بأن لديك فائضاً لا ينضب من الحيوية والحياة. ويجب أن تعرف أنك كنت مزيجاً طيباً من سوريا ولبنان، وكل تربة عربية.  

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صحافي المسافات الطويلة صحافي المسافات الطويلة



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 10:51 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 202

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,29 أيار / مايو

روسيا والصين ترثان تركة أوروبا في إيران

GMT 06:15 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فيكتوريا بيكهام تفاجئ متابعيها برشاقتها في إطلالة أنيقة

GMT 04:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل وأهم مطاعم الدمام

GMT 23:06 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

يوفنتوس يستعد لكسر الشرط الجزائي بعقد مانولاس

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

يقدّم لك هذا الشهر العديد من المكافآت

GMT 11:01 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

شاكيري يُحقق أمنيته بمواجهة "بايرن ميونخ"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24