وحدة المسار
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

وحدة المسار

وحدة المسار

 العرب اليوم -

وحدة المسار

سمير عطا الله
سمير عطا الله

مجرد مثال يتكرَّر في الأزمنة والأمكنة. رجل في محيط متواضع يجيد تسلق طريق الصعود. وما إن يبلغ رأس السلم في الداخل حتى يقفز طالباً العالم أجمع. الصعود إلى رأس السلم إنجاز مبهر، والقفز عن رأس السلم انتحار. لم تخطئ هذه القاعدة مرة واحدة. نابليون بدأ ضابطاً برتبة ملازم. وحكم فرنسا. ثم طلب أوروبا. ثم طلب العالم. ثم تكسر من وقع السقوط. النمساوي أدولف هتلر بدأ دهاناً، ثم عريفاً، ثم أصبح حاكماً ألمانياً بالغ النجاح. لكنه أراد أوروبا، وروسيا والعالم، وانتهى منتحراً في ملجأ. ومعه زمرة من مجانينه الذين أفقدهم حسن المنطق والصلة بالواقع. ومعه كان بنيتو موسوليني، وكان صحافياً عادياً، وعرف كيف يصل بالوسائل المسرحية نفسها: الخطابة والمظهر العسكري وذر الكلام الفارغ في الساحات. لكنه أراد امبراطورية وانبعاث روما. واتجه إلى أفريقيا، ومن ثم أوروبا، ومن ثم سقط هارباً بيد الشيوعيين.

كمال أتاتورك فعل العكس تماماً. من أجل أن تبقى تركيا، قلّم أطرافها المريضة، وانصرف إلى الداخل الأناضولي، وأعاد غنائم السلطنة إلى أهلها وشعوبها، وألغى مظاهرها الفارغة وألقابها العنترية. أدرك أن العالم تغيّر والعودة إلى الوراء مضحكة في الشكل، ومؤلمة في العمق.

رجب طيب إردوغان صعد من بائع في ساحات إسطنبول إلى سياسي بارز. ثم إلى زعيم. ثم إلى رئيس. ومثل هتلر من قبله، كان نجاحه الأهم في الاقتصاد ووقف التضخم، وإعادة الاعتبار لليرة الذابلة. لكنه ما لبث أن أصيب بجرثومة التوسع وهوس «القائد». أراد الجوار والعرب وأوروبا وسوريا والعراق، والعودة إلى ما قلّمه أتاتورك حرصاً على الجمهورية. وطابت له اللقاءات مع بوتين، والمعارك مع ترمب، وتهديد أوروبا، وبناء قصر من ألف غرفة يفوق قصر يلدز.

قبل أشهر توقف عند بائع كعك في إسطنبول، وتحدث إليه عن أحواله. يريد أن يذكِّر مواطنيه بأين كان وأين أصبح. أنا لستُ بائع إسطنبول، أنا سلطانها. أنا لستُ العريف أدولف، أنا الفوهرر هتلر. أنا الدوتشي موسوليني. أنا لستُ الملازم بونابرت، أنا الإمبراطور نابليون.

في وقوفه على هذه المنصة العالية متطلعاً خارج تركيا، فقد رجب طيب إردوغان حاسة القياس. يرى سوريا فيريدها، ويرى مصر فيطلبها، ويرى العراق فيقتحمه، ويرى أوروبا فيخيّرها بين أن تضمه إليها وبين أن يغرقها ببؤساء العرب.

الضابط برتبة ملازم معمر القذافي لم يعد يرتضي أقل من تاج تيجان أفريقيا. بدأ مسيرته رجلاً متواضعاً ينادى «معمر»، ويريد تحرير ليبيا من القواعد الأجنبية. ثم تساءل: لماذا ليس أيضاً فلسطين والأمة العربية وآيرلندا وآسيا؟ بل لماذا ليس العالم برمّته، نزوده كتاباً أخضر كهدية إضافية؟ لستُ أدري عما يبحث إردوغان في الجماهيرية.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحدة المسار وحدة المسار



GMT 17:14 2021 السبت ,13 شباط / فبراير

مئويتان

GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 11:12 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24