الخضراء وثنائية الشارع والمرجعية
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

الخضراء... وثنائية الشارع والمرجعية

الخضراء... وثنائية الشارع والمرجعية

 العرب اليوم -

الخضراء وثنائية الشارع والمرجعية

بقلم -مصطفى فحص

دخلت ثورة الأول من أكتوبر (تشرين الأول) العراقية منعطفاً جديداً بعد استقالة الحكومة تحت ضغط الشارع والمرجعية، وأعطت الاستقالة هذه الثنائية بمشتركاتها العامة والخاصة القدرة على الرد والمبادرة، كونها تتحرك وفقاً لشرعيتين الأولى دستورية باعتبار أن الشعب مصدر السلطات، وذلك من خلال حركة الاحتجاجات العارمة لنزع الشرعية عن العملية السياسية، والثانية شرعية روحية منحتها المرجعية الدينية العليا في النجف من خلال تأييدها لمطالب المحتجين، ويُسَجل للمرجعية في هذه المرحلة صوابية تعاطيها مع أطراف الأزمة بعد إصرارها على موقفها السابق بإغلاق أبوابها نهائياً بوجه الطبقة السياسية من جهة، ومن جهة ثانية إشاراتها الإيجابية الواضحة تجاه الشارع ومطالبه، وهذا ما عزز التناغم بينهما، حيث تتصرف المرجعية بحدود قدرتها على التأثير، فيما بات الشارع مدركاً للحساسيات التي تخضع لها مواقفها، ويتجنب إحراجها حتى لا يخسرها، فيما تلتزم هي بإرشاده فقط، حتى لا تُتّهم بمصادرته أو تطويقه. وفي هذا الصدد يقول الباحث في شؤون الحوزة الدكتور علي مدن في مقال له بعنوان: «السيستاني والاحتجاجات» إن «السمة الأبرز في موقف المرجع السيستاني في الشؤون السياسية هي واقعيته، بمعنى أنه يعلق موقفه في جميع القضايا المتصلة بالسياسة على الإرادة الشعبية الحرة للمواطنين، وغاية ما يمكنه فعله هو تقديم النصح والتوجيه دون أن يكون ملزماً لأحد بتلك النصائح والتوجيهات».
ففي المواجهة المستمرة مع سلطة الخضراء، يظهر الشارع أكثر تماسكاً رغم حالة الفوضى المفتعلة التي يواجهها في مناطق متعددة وأخطرها في مدينة النجف، حيث تحاول الأطراف الداخلية والخارجية المأزومة نتيجة فشلها الأمني في إخماد حركة الاحتجاجات، وفشلها السياسي في منع الفراغ الحكومي، الإيقاع بينهم وبين المرجعية، من خلال الاستثمار في الفراغ الأمني وجرّ بعض المتظاهرين للقيام بأعمال عنف تُحرج المرجعية وتُضعف موقفها، وذلك بهدف نزع غطائها المعنوي عن المتظاهرين وإظهارهم بموقع المتهم الذي لم يلتزم بشروط السلمية التي شددت عليها بكافة خطبها منذ اندلاع الانتفاضة.
عملياً، أدت استقالة الحكومة إلى تصدعات كبيرة داخل الطبقة السياسية التي تعرضت لانتكاسة سياسية ومعنوية، وتواجه صعوبة في تجاوز تناقضاتها وخلافتها من أجل إنقاذ ما تبقى من سلطتها، وحصر الأزمة المتصاعدة بين أطرافها باستقالة الحكومة فقط، والإصرار على إنكار ما يحدث في العراق من تحولات جذرية منذ شهرين، لذلك هي على استعجال كامل من أجل تقديم البدائل من داخلها والعودة إلى التعامل مع الاحتجاجات كأعمال شغب تُخلّ بالأمن والقانون، وهذا ما سيفتح المرحلة المقبلة نحو تصعيدين خطيرين بوجه ثنائية الشارع والمرجعية من خلال شيطنة الأول (الشارع) والتعامل معه بعنف تحت حجة إعادة الاستقرار، والضغط على الثانية (المرجعية) تحت حجة منع الانزلاق إلى الفوضى، وتصوير الأزمة على أنها مؤامرة خارجية، أدواتها جماعات مندسة تديرها فلول البعث، هدفها إسقاط النظام وليس تغيير المنظومة، الأمر الذي سيكشف حجم التعنت الذي تمارسه ومدى استهتارها بمستقبل العراق وشعبه. وستلجأ إلى هذه الخيارات الخشنة نتيجة قناعتها بأن الهوة بينها وبين هذه الثنائية من المستحيل ردمها أو إعادة ترميم العلاقة معها، حيث تصطدم بتوافقات الثنائية المتمسكة بشروط شبه تعجيزية للحل، رغم اختلافهما في طرح آلية التطبيق، لكنهما مجتمعان على هدف التغيير.
حتى الآن تبدو سلطة الخضراء ومن يقف خلفها خارج الحدود غير قادرة على طرح اسم لرئاسة الوزراء يحظى بقبول الشارع، أو استحسان المرجعية، ولم تعد تملك وسيلة غير القمع من أجل الحفاظ ليس فقط على حضورها بل على وجودها، خصوصاً أن مطلب الثنائية الأساسي هو إقرار قانون جديد للانتخابات، ما سيؤدي إلى إضعاف جزء منها وإخراج جزء آخر نهائياً من المشهد، فهي عالقة ما بين القبول بشخصية من خارج الصندوق أو الاحتكام إلى نتائج الصندوق، وفي انتظار تبلور واحدة من هذه الخيارات، تبدو السلطة مُصّرة على الذهاب في مغامرتها الدموية إلى أقصى درجات العنف

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الخضراء وثنائية الشارع والمرجعية الخضراء وثنائية الشارع والمرجعية



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 10:51 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 202

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 04:37 2019 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تتحدى من يشكك فيك وتذهب بعيداً في إنجازاتك

GMT 04:17 2019 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تواجهك أمور صعبة في العمل

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 14:39 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

تناقض ثم ارتياح يسيطر عليك حتى نهاية الشهر

GMT 10:53 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن بعض الوصوليين المستفيدين من أوضاعك

GMT 14:37 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

حذار النزاعات والمواجهات وانتبه للتفاصيل

GMT 11:40 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حاول أن ترضي مديرك أو المسؤول عنك

GMT 09:51 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف لقاءً مهماً أو معاودة لقاء يترك أثراً لديك
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24