ما بين سورية والعراق
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

ما بين سورية والعراق

ما بين سورية والعراق

 العرب اليوم -

ما بين سورية والعراق

بقلم : عمرو الشوبكي

يمثل ما عاشه الشعبان السورى والعراقى إحدى مآسى وأزمات العالم العربى منذ عقود طويلة، ومع ذلك يدل المشهد الحالى في العراق على أن طريقة إدارة الأزمة السياسية تختلف جذريًّا عما جرى في سورية، وربما يعطى هذا أملًا في أن هناك شعوبا وحكاما يتعلمون من دروس التاريخ وعبره.

وقد حدثت في سوريا انتفاضة شعبية منذ حوالى 9 سنوات قمعها النظام بعنف، فتمت عسكرتها وتحولت من انتفاضة قوى مدنية وشعبية إلى إرهاب جماعات مسلحة سقط فيها نصف مليون قتيل، ونزح تقريبا نصف الشعب السورى داخل البلاد وخارجها.

وفى العراق جرت انتفاضة شعبية كبيرة اشتعلت العام الماضى ثم خفتت، ثم عادت مرة أخرى لتشتعل بصورة أكبر وأعنف في بغداد ومعظم المدن العربية احتجاجًا على المنظومة الحاكمة وليس فقط حكومة عادل عبدالمهدى المستقيلة. في العراق ديمقراطية إجراءات متعثرة، ودولة شبه فاشلة مازالت المحاصصة الحزبية والطائفية تسيطر على مفاصلها، ولكن لأنها تعرف هامشا سياسيا ونظاما عرف تداولا للسلطة ولو على أرضية نفس المنظومة التي يثور ضدها الناس، فسمعنا من المسؤولين العراقيين بجانب خطاب المؤامرة الخارجية حديثًا عن ضرورة إصلاح النظام وتغيير منظومة المحاصصة الطائفية، وفى النهاية استقال رئيس الوزراء رغم إخلاصه، لأنه فشل في إيجاد حلول للأزمة السياسية وإقناع المتظاهرين بالبدائل الإصلاحية التي يطرحها.

ومع ذلك، سقط في العراق ما يقرب من 500 قتيل، وهو رقم كبير ومحزن، ولكن ليس 500 ألف مثلما جرى في سوريا، ولم تُدمر بغداد ولا الناصرية (رغم فداحة ما جرى في الأخيرة أمس الأول) ولا النجف ولا كربلاء، وهى كلها مدن عظيمة مثل دمشق التي تدمر ريفها، وحلب التي تدمر أكثر من نصفها، وغيرهما من المدن السورية الشامخة. الفارق الكبير بين البلدين الذي جعل مأساة العراق أقل وطأة بما لا يُقارن بسوريا، أن النظام في الأولى لم يدمر شعبه وبلده رغم كل الكوارث التي يتحملها فيما وصلت إليه البلاد، فالمنظومة الحاكمة في العراق (السيئة) لم تعتبر أن استقالة رأس السلطة التنفيذية من الخطوط الحمراء مثلما فعل نظام بشار الأسد، فالعراق غيّر رئيس الحكومة الأسبق نورى المالكى بعد سلسلة إخفاقات متتالية، وأيضا غيّر حيدر العبادى، ولو «بالتآمر الديمقراطى» عن طريق سحب معظم الأحزاب الثقة منه، رغم انتصاره على داعش، وأخيرا أجبر المحتجون رئيس الوزراء الحالى على الاستقالة.

إن المظاهرات تجرى في بلد نظامه السياسى أضعف من نظيره السورى، فقد تأسس بعد حروب صدام حسين الخاسرة وكوارث الاحتلال الأمريكى، وهو نتاج منظومة حكم طائفية وفاسدة، ومع ذلك فإن ميزتها في الهامش الذي تعطيه من إجراءات الديمقراطية وتداول السلطة، التي حمت العراق من مصائر أكثر سوءًا بكثير.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين سورية والعراق ما بين سورية والعراق



GMT 15:47 2020 السبت ,11 تموز / يوليو

اسرائيل تعاني ونتانياهو يعتمد على اليمين

GMT 17:16 2020 الخميس ,09 تموز / يوليو

الكونغرس لا يريد بيع السلاح الى العرب

GMT 16:25 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

أخبار من السعودية والولايات المتحدة وأوروبا

GMT 13:15 2020 السبت ,04 تموز / يوليو

معارضة عزم اسرائيل ضم الضفة الغربية

GMT 15:24 2020 السبت ,20 حزيران / يونيو

كتاب ومقال أعرضهما على القراء

GMT 16:46 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 14:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تطرق أبواب الحكومات أو المؤسسات الكبيرة وتحصل على موافقة ما

GMT 09:27 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ابرز الاحداث اليومية عن شهر كانون الثاني 2020

GMT 10:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 18:27 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد قتلى حرائق ولاية كاليفورنيا الأميركية إلى 23 شخصًا

GMT 13:49 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ليستر سيتي يرتدي قمصانا خاصة حزنًا على رحيل مالك النادي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24