قمر الدين صناعة أهدتها سورية إلى دول العالم منذ مئات السنين
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

تتفرد دمشق وريفها بإنتاجه بعدما تتزيّن الغوطة بثمار المشمش

"قمر الدين" صناعة أهدتها سورية إلى دول العالم منذ مئات السنين

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - "قمر الدين" صناعة أهدتها سورية إلى دول العالم منذ مئات السنين

قمر الدين الشامي
دمشق_سورية24

في رحاب أحد بساتين غوطة دمشق تنطلق هذه الأيام رحلة إنتاج قمر الدين الذي تتفرد بإنتاجه مدينة دمشق وريفها منذ مئات السنين فبعد أن تتزين الغوطة بثمار المشمش تبدأ المعامل بالتنافس لشراء أكبر قدر من هذه الثمار الفريدة لصناعة قمر الدين الشامي العريق الذي أهدته سورية للعالم.منذ ساعات الصباح الأولى تعانق أيادي العمال ثمار المشمش لقطافها وهي المرحلة الأولى لإنتاج مادة قمر الدين وفق محمد بشار جاويش مالك المنشأة والبستان الذي زارته سانا مشيرًا إلى أن تأمين الثمار من الفلاحين يعتبر المرحلة الحاسمة في الإنتاج لأن موسم القطاف لا يتعدى الخمسة والأربعين يومًا وإنتاج قمر الدين يتطلب النوعية الأفضل من ثمار المشمش المسمى بـ “المشمش الكلابي” فهو يصلح لصنع العصير والمربى لاحتوائه على كمية عصير جيدة.

بقبعتها الدائرية ولفحتها زاهية الألوان تنتظر فاطمة أم محمد رئيسة العمال وصول الصناديق وتوريدها إلى الآلات حيث تبدأ مهمتها بالإشراف على فرز الثمار وغسلها آليا بالماء وضخ الهواء وتعقيمها بمادة زهر الكبريت ثم وضعها بماكينة العصير المصنوعة من الكروم ليبدأ العمل على مرحلتين الأولى فصل الثمرة عن البذرة ومن ثم فصل القشور والألياف عن العصير لاستخلاص المادة المطلوبة ليتم وضعها في حوض خاص تخلط به مع مادة القطر الصناعي “جلوكوز” حتى تصبح لينة ومتجانسة وهي عملية مهمة للغاية برأي فاطمة لأن عدم وضع القطر يجعل المادة المنتجة قاسية وذات لون باهت.

العمل في الطبيعة وفي بستان تفوح منه رائحة المشمش له طقس خاص وفق العاملة أسماء حيث تختلط الهمسات والضحكات الخجولة للعاملات مع صوت الآلات التي تقوم بالمرحلة الثانية من عملية التنعيم والتصفية بمناخل آلية جدًا لتوضع في النهاية بحوض خاص لتنتقل إلى العملية التالية وهي التذويب بالحراق.

بعد التذويب ترحل المادة المنتجة بالعربات حيث يصب اثنان كيلو من قمر الدين على كل دف ومن ثم تنقل هذه الدفوف وترتب على مساحات كبيرة تسمى “المسطاح” تصل إلى سبعة أو ثمانية دونمات وتوضع بالشمس لمدة خمسة أيام بلياليها لتجف تمامًا وتصبح بقوام قمر الدين فتغلف بنايلون استعدادًا لنقلها إلى المستودعات.

يتخلل العمل استراحة الشاي التي تعتبر جزءًا أساسيًا منه فيجتمع العمال تحت مظلة كبيرة موجهين انظارهم إلى اللوحة الفنية التي تتقابل فيها دفوف قمر الدين البرتقالية المصفوفة على مد النظر مع لون السماء الأزرق محاطة بمساحات خضراء شاسعة ولا ينتهي عمل اليوم الذي بدأ منذ الخامسة فجرًا إلا بالمرحلة الأخيرة وهي نقل قمر الدين الجاهز إلى المستودعات ليتم تبريده فيها لعدة أيام ومن ثم تقطيعه حسب طلب الزبون حيث يفرد الدف وينقى للمرة الأخيرة ويمسح بالزيت ليصبح قمر الدين صافيًا مئة بالمئة ويغلف بالنايلون وتوضع علامة المنتج وتاريخ إنتاجه وبذلك يكون جاهزًا للتوريد للسوق المحلية أو للتصدير.

صاحب المنشأة محمد بشار جاويش أشار إلى أن البذور التي تنتج عن عملية التصنيع تجفف لمدة 5 أيام وتذهب للمكاسر التي تفصل القشرة عن اللب وتصدر للخارج لإنتاج الزيوت والكريمات وبعض أنواع الأدوية أما الألياف فتذهب كمادة علفية.

ووفق جاويش فإن كل الأدوات المستخدمة مصنوعة من الكروم الذي لا يتفاعل مع المواد الغذائية والمنتجات ولا يتآكل بالحمض مبينًا أن مادة القطر التي تخلط مع قمر الدين كانت تنتج محليًا وتصدر للخارج أما اليوم فهي تستورد بفعل توقف المعملين اللذين كانا ينتجانها.

ويشير جاويش إلى أن ترطيب الجوف وتليين الأمعاء واحتواءه على مجموعة من العناصر الغذائية كالبوتاسيوم وفيتامين (أ) هي أحد أهم الميزات الطبيعية التي تختص بها مادة قمر الدين مبينًا أنه يستخدم ببعض العلاجات الطبية كمرض الريقان فيما يكثر الطلب على المنتج في شهر رمضان المبارك.

وعلى الرغم من أن بعض السوريين نقلوا هذه الصناعة العريقة التي كانت سورية تتفرد بها للخارج إلا أنها لم تكن بالجودة المعروفة نفسها عن قمر الدين السوري وذلك يعود وفق جاويش لعدة أسباب أهمها نوع الثمرة الفريد من المشمش الذي تنتجه الغوطة والمسمى بـ “الكلابي” والمناخ الذي تمتاز به منطقة ريف دمشق إضافة إلى اليد الخبيرة التي تصنعه مشيرًا إلى أن طبيعة المناخ لتلك الدول أجبرت المنتجين على استخدام التجفيف الصناعي بالآلات ما أفقد المادة مذاقها ولونها والكثير من فوائدها الغذائية.

ووفق جاويش تطورت صناعة هذه المادة في سورية عبر الزمن حيث استخدم في البدايات الغربال العادي والتنعيم اليدوي والحراق الخشبي وكانت تصنع بكميات قليلة لا تتعدى المئة طن في الموسم الواحد بينما تقوم اليوم عدة معامل بصناعة عشرات الأطنان منه باستخدام الآلات الحديثة إلا أنها لا تزال تجفف بشكل طبيعي عبر التعرض لأشعة الشمس لتحافظ على جودتها كما أن إضافة مادة القطر إليها هي عملية حديثة نسبيًا تسهم في الحفاظ على لونها البراق وإضافة نكهة مميزة لها.

قد يهمك أيضا

محلج محردة في ريف حماة يبدأ توريد البذور الصناعية لشركات الزيوت

إخماد حريقين على طريق حمص تدمر وفي واحة بساتين تدمر التاريخية

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمر الدين صناعة أهدتها سورية إلى دول العالم منذ مئات السنين قمر الدين صناعة أهدتها سورية إلى دول العالم منذ مئات السنين



GMT 13:52 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

تمساح "مهدد بالانقراض" يظهر في تايلاند

GMT 15:18 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

عالِم يحل لغز وحش بحيرة لوخ نيس الأسطوري

GMT 17:53 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

بطاريق تتبادل المعلومات فيما بينها في جزر فوكلاند

GMT 17:41 2021 الجمعة ,15 كانون الثاني / يناير

2020 يكرر أحداث 2016 ويسجل رقمًا قياسيًا جديدًا

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 10:51 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي الإثنين 6 أكتوبر/تشرين الأول 202

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,29 أيار / مايو

روسيا والصين ترثان تركة أوروبا في إيران

GMT 06:15 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

فيكتوريا بيكهام تفاجئ متابعيها برشاقتها في إطلالة أنيقة

GMT 04:22 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على أفضل وأهم مطاعم الدمام

GMT 23:06 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

يوفنتوس يستعد لكسر الشرط الجزائي بعقد مانولاس

GMT 00:27 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

يقدّم لك هذا الشهر العديد من المكافآت

GMT 11:01 2019 الإثنين ,18 شباط / فبراير

شاكيري يُحقق أمنيته بمواجهة "بايرن ميونخ"

GMT 08:55 2019 الأحد ,13 كانون الثاني / يناير

ترامب يرتكب خطأ فادحًا خلال اجتماع مع مسؤولين في تكساس

GMT 16:45 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"أوبك +" تفاجئ الأسواق بخفض كبير لإنتاج النفط رغم ضغوط ترمب

GMT 12:39 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

وفد من "حماس" يغادر إلى القاهرة لبحث المصالحة الفلسطينية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24