مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

خلال حفل أُقيم لهذه الغاية في لبنان

مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف

 العرب اليوم -

 العرب اليوم - مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف

الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي
بيروت - فادي سماحة

يعتبر الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي له مزاج خاص، حيث يتكلم حين يشاء، ويصمت لحظة يريد، ولو كان مدعواً للقاء قرائه ومحبيه الذين أتوه أفواجاً. وفي حفل أُقيم لهذه الغاية في لبنان، وتحديداً في «الرابطة الثقافية» في طرابلس، برعاية وزارة الثقافة اللبنانية، اكتفى الأديب بعد كلمات الترحيب من «نادي قاف للقراءة» الذي نظّم المناسبة، وكلمات أخرى تحدثت عن الروائي والشاعر، أن يقول إنه سيجيب عن أسئلة الجمهور من دون أن تكون له كلمة خاصة، وإنه سيقرأ قصيدة أو اثنتين من دواوينه التي بلغت ما يقارب 12 ديواناً إلى اليوم.

وعلى الرغم من أن مريد البرغوثي تُطلق عليه صفة روائي اليوم إلى جانب كونه شاعراً، فإنه في الحقيقة وعلى جمالية كتابيه النثريين المعروفين، يمكن اعتبارهما جزأين من سيرة ذاتية شيقة ومكتوبة بفنية عالية. الجزء الأول «رأيت رام الله» الذي يروي فيه حكاية عودته إلى فلسطين بعد ثلاثين عاماً قضاها في المنفى حيث تختلط عليه المشاعر، وتلتبس الأحداث، فلا تدري أهو فَرِح أم حزين، وهل كتابه عن الوطن أم عن المنفى (كتاب حاز جائزة نجيب محفوظ للإبداع الأدبي عام 1997).

أما كتابه النثري الثاني الذي قُرئ كثيراً أيضاً فهو «ولدت هناك... ولدت هنا» وتُرجم إلى الإنجليزية وصدر عن دار نشر «بلومزبري» في لندن عام 2012، فهو مقطع آخر من سيرة الكاتب الذاتية، فيه عودة أخرى إلى فلسطين، لكن هذه المرة مع ابنه تميم الذي يكتشف وطنه الأم لأول مرة برفقة والده، حيث نعيش من خلال هذا النص الجميل والبسيط عمق الحياة اليومية التي يقول إنه أراد أن يؤرخ لها، لأن المؤرخين مشغولون بأشياء أخرى.

اقرأ ايضًا:

الرسام العالمي جولو ضيف مهرجان "كايرو كوميكس" الجمعة

ومع أن الشاعر من المفترض أنه جاء يتحدث عن هذا الكتاب ويناقشه مع جمهوره في حوار يديره الدكتور محمود زيادة، فإن الأديب الضيف قال منذ البداية إنه لم يحضّر كلمة لهذا اللقاء، وما عنده قد قاله من خلال النص، وإنه سيقرأ من شعره ويجيب عن أسئلة القراء. وحين سُئِل عن صورة اليهودي في الأدب الفلسطيني، قال: «مشكلتنا أننا طوال ثلاثة أجيال لم نرَ اليهودي في فلسطين إلا بالخوذة»، معتبراً أن العرب تعايشوا مع اليهود تاريخياً وطوال مئات السنين، بما في ذلك في الأندلس. لكن مشكلة صعوبة التعايش ظهرت في أوروبا حين أُرسِل اليهود هناك إلى المحرقة بشكل جماعي. وقال: «المعضلة أنه يُطلب منا أن نعيش معهم في غرف نومنا ومع دباباتهم»، في إشارة إلى العسكرة التي لا تتيح مجالاً لحوار أو سلام.

وخلال هذا اللقاء وصف البرغوثي الشعوب العربية بأنها تشكّل «بحراً، ولأنها كذلك فهي لا تحتاج إلى جواز سفر لتتعامل فيما بينها». وأضاف أن «المواطن لا يحتاج إلى هذه الحدود. نحن بحر واحد. والعالم يرتكب فينا المجازر كبحر واحد. وهم غزونا كبحر واحد لذلك علينا أن نرد كبحر واحد أيضاً».

وحين تحدث البرغوثي عن السائق محمود في كتابه «ولدت هناك... ولدت هنا» الذي يعرف كيف يتحايل بسيارة الأجرة التي يقودها على الدروب المغلقة من قبل الاحتلال، وينجو بركّابه من الحواجز، ويوصلهم إلى وجهاتهم دون أن يعرقلهم الجيش الإسرائيلي، وصف هذا السائق بأنه القائد الحقيقي، وأنه كتب عنه باعتباره يلعب دوراً قيادياً بكل ما في الكلمة من معنى. وشرح بالقول: «محمود هو القائد لا السياسيون الذين ترونهم في الصور وتسمعون عنهم». ومعلوم عن البرغوثي أنه حاول باستمرار أن يبقى كاتباً مستقلاً، وأديباً بعيداً عن الانخراط في الحركات السياسية أو الحزبية.

أما السؤال الذي استثار الشاعر، واستحقّ منه شرحاً مسهباً، فهو حول إذا ما كان الكاتب الفلسطيني يجب أن يبقى ملتزماً بقضيته، أو له أن يكتب في الموضوع الذي يشاء. وكأنما البرغوثي استفزّ لحظة لم يكن يريد. وأخذ يشرح بحماسة أن «الكتابة أو الفن سواء كان فيلماً سينمائياً أو مسرحية أو لوحة أو أي نوع من أنواع الفنون يُفترض أن يتحلى بالشروط الإبداعية»، فالكتابة عن قضية كبيرة، في رأيه، ليست سبباً لمغفرة رداءة العمل، ذلك لأنه لا المعاني السامية ولا القضية النبيلة تبرر ذلك. واستطرد البرغوثي شارحاً: «بالتالي موضوعك الجغرافي أو السياسي أو القضايا الحميمة التي تكتب عنها يجب أن تعرف كيف تحولها إلى عمل فني. والموضوع في هذه الحالة يمكن أن يكون حول فراشة أو كائنات فضائية».

مريد البرغوثي يطبق على نفسه ما يعتبره صالحاً لغيره من الأدباء: «بالنسبة لطريقتي في إنتاج عمل فني فإنني أصنع التالي: اكتشفتُ أن استخراج المدهش من المألوف، والمباغت من العادي، هو الذي يصنع فناً. بمعنى أنني قد أصف شارعاً أو ميداناً يمر فيه نصف مليون شخص يومياً. لكنني حين أصف هذا الشارع أو هذا الميدان فإنني أقوم بسلسلة من العمليات الفنية التي لا يشعر بها المتلقي». يستطرد الأديب مفصّلاً: «أولاً، أركّز الكاميرا في زاوية معينة، سأتعب في اختيارها، سأقرر على مَن ألقي الضوء، ومَن أبقيه في الظل، سأقصي وأضيف، سأعطي معنى مختلفاً عما يراه المارة في هذا الشارع. عندما تفعل ذلك لا يعود مهماً إن كان موضوعك عن فلسطين أو عن الهند. فكم من تعاطف نجده عند القراء مع أبطال شكسبير أو ماركيز أو أمبرتو إيكو، مع أن لكل من هؤلاء عالمه الخاص. الفلسطيني الذي لا يكتب إلا عن فلسطين يكتب أدباً ناقصاً».

ويرى البرغوثي أن «الأديب يكتب الحياة، والحياة أكبر من سكانها وحدودها الجغرافية. هناك مَن يكتب عن كائنات خرافية، أو قد نقرأ قصيدة مشتركة بين دنماركي وفلسطيني». ويشرح الأديب أنه حين يقرأ للشاعرة البولندية الحاصلة على جائزة نوبل فتسوافا تشيمبورسكا التي تُوفّيت عام 1996 يرى في شعرها فلسطين، وحين يقرأ للأميركيين السود يجدهم وكأنهم يكتبون عن قضايانا، وكأنما هو يقرأ إميل حبيبي أو محمود درويش. ويؤمن مريد البرغوثي بأن «المشترك بين البشر لا يحدده ضباط الجوازات ولا حرّاس الحدود. والأديب الذي يقيد نفسه بغرض سياسي بعينه، يعيش بساق واحدة، مع أن الطبيعة منحته ساقين».

وقد يهمك ايضًا:

حسن يوسف يؤكّد اختفاء الحارة المصرية بعد نجيب محفوظ

 العثور على قصص مفقودة للأديب نجيب محفوظ في منزل ابنته

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف مريد البرغوثي يؤكد أن الفن إخراج المدهش من رحم المألوف



GMT 09:55 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:27 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 16:55 2020 الأحد ,01 آذار/ مارس

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 13:43 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إبقَ حذراً وانتبه فقد ترهق أعصابك أو تعيش بلبلة

GMT 10:25 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 17:23 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اختفاء جزيرة يابانية قرب الحدود الروسية

GMT 14:24 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بوكو حرام تقتل 15 إثر هجوم على قرويين في نيجيريا

GMT 11:11 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

لاغارد تعلن إجراءات مشددة للتصدي إلى الفساد

GMT 10:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 09:22 2020 الثلاثاء ,24 آذار/ مارس

أبرز ديكورات غرف المعيشة لموسم صيف 2020

GMT 14:59 2020 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أكسسوارات لإعطاء المنزل طابع يشبهك

GMT 12:01 2019 الثلاثاء ,02 تموز / يوليو

تنتظرك أجواء غير حماسية خلال هذا الشهر

GMT 16:38 2019 الأحد ,06 كانون الثاني / يناير

السيدات يسيطرن على الاستخبارات المركزية الأميركية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24