غزة دماء ودولارات
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

غزة... دماء ودولارات

غزة... دماء ودولارات

 العرب اليوم -

غزة دماء ودولارات

بقلم : عريب الرنتاوي

غزة أم المفارقات ... صبيحة يوم أمس، تصدرت صور الحقائب المنتفخة بالدولارات وأخبار صفقة التهدئة، صحف إسرائيل العبرية ... بعضها رأت فيها صفقة مخجلة لكل من نتنياهو وحماس ... بعضها الآخر، تناول الصفقة بـ «كارتون» يصوّر أفيغدور ليبرمان يسلم حقيبة مليئة بالدولارات لزعيم حماس في غزة يحيى السنوار ... جنباً إلى جنب مع عملية الاغتيال التي أودت بحياة ستة فلسطينيين بينهم قيادي من كتائب القسام على الضفة الفلسطينية وضابط إسرائيلي قتيل وآخر جريح على الضفة الإسرائيلية.
حقائب الدولارات «الكاش» كانت لافتة فعلاً، إسرائيل التي اعتادت مطاردة مصادر المال والتمويل الفلسطينية، تقوم بتسليم الدولارات القطرية رسمياً إلى حركة حماس، وعبر معبر إيريتز/ بيت حانون الشهير ... إسرائيل التي طالما نظرت لحماس كحركة إرهابية، لا تمانع في نقل ملايين الدولارات إليها، لتوزع على موظفيها الذين تكاد تنعدم الفواصل بين جهازهم المدني وجهازهم العسكري / الأمني... ليس هذا فحسب، بل وتقرر إبلاغ السلطة في الوقت ذاته، بأنها قامت وستقوم، باقتطاع جزء من أموال «المقاصة» الفلسطينية، لتسليمهم لحكومة الأمر الواقع في القطاع المحاصر.
حماس، نظرت للموضوع بوصفه انتصاراً لها، ولا أدري كم انتصارا من هذا النوع، ستحتاجه «المقاومة» قبل أن تصبح أثراً بعد عين .... حتى أن أحداً من رموز حماس، بمن فيهم «صقور الحركة»، لم يمانع في قيام إسرائيل بدور الجابي الذي يجمع لهم الضرائب من فلسطينيي الضفة الغربية، لإدارة وتشغيل ماكينة حكومة حماس وأجهزتها في غزة... وثمة مطالبات حمساوية بزيادة قيمة المبالغ المقتطعة، لتتناسب مع «الحصة الطبيعية» للقطاع من المال الفلسطيني العام، مراهنين على ما يبدو على «عدالة» الجانب الإسرائيلي في توزيع عائدات الضرائب وإعادة توزيع الثروة والدخل على الفلسطينيين في الضفة وغزة؟!
مقابل ذلك، مطلوب من حماس أن تحفظ الهدوء وتحافظ على التهدئة في القطاع، وتطيل أمد الانقسام وتحيله إلى انفصال دائم إن أمكن... على أن التهدئة من المنظور الإسرائيلي، لا تمنع إسرائيل من مواصلة عمليات الاعتداء والاغتيال في أي وقت تريد وضد من تريد ... العملية العسكرية في خانيونس، رسالة إسرائيلية دامية، تحمل هذا المعنى ... ومع الدخول في حلقة من ردود الأفعال المتبادلة، فإن من المتوقع أن يهرع الوسيط المصري، لوصل ما انقطع من جهود تثبيت الهدوء، وكأن شيئاً لم يكن، بانتظار «آخر شهر» آخر، ودفعة جديدة من الحقائب المليئة بالدولارات.
أية مسخرة هذه؟ ... وهل سمع أحدٌ عن «ثورة» و»مقاومة» من هذا النوع من قبل؟ أو قرأ عن هذا النمط من أعمال المقاومة، أو مرت بخاطره مثل هذه التجربة في العلاقة بين الاحتلال والمقاومة؟ ... نحن في زمن اللامعقول، حيث يراد لنا أن نصدق بأن دولارات قطر، التي تنقل عبر إسرائيل، بوساطة مصرية، لتصب في خزائن المقاومة، هي معادلة «ردع» متبادل، تجد إسرائيل نفسها مرغمة على القبول بها، وتستقبلها المقاومة من موقع «المنتصر»؟!
لقد فعلتها فتح من قبل، بعد أوسلو وقيام السلطة، ولكننا منذ ذلك الحين، ونحن نتهم فتح بأنها باتت سلطة ولم تعد مقاومة، وحملنا عليها كما فعلت حماس، لكن الحركة الإسلامية التي نهت عن هذا السلوك، تأتي بمثله اليوم، وبيت الشعر العربي قديماً قال: «عارٌ عليك إذا فعلت عظيم».
ومن وحي بيت الشعر هذا، صدرت صحف إسرائيل بمناشيتات وتعليقات، تتحدث عن العار الذي ألحقته هذه الصفقة بكل من حماس ونتنياهو، على الرغم من إدراكها لدوافع كل من الطرفين التكتيكية للقبول بإبرامها ... تكريس الانقسام وتحويله إلى انفصال بالنسبة لنتنياهو ... وتحويل مشروع المقاومة إلى مشروع سلطة بأي ثمن، بالنسبة لحماس، ودائماً تحت غطاء كثيف من «الشعارات الإنسانية النبيلة»؟!

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة دماء ودولارات غزة دماء ودولارات



GMT 15:25 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وتركيا والزعامة

GMT 15:23 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

جهل أم حماقة أم جنون!

GMT 15:20 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أنفاق ونفاق

GMT 15:03 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يعنى «إيديكس 2018»؟!

GMT 15:01 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا حصدت السعودية فى قمة الأرجنتين؟

GMT 10:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الميزان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 09:50 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 13:14 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 06:38 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

نصائح خاصة تساعدك على تكوين شخصية متزنة لطفلك

GMT 18:17 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

أبوالعزم يلتقي القاضية سامية كاظم في العراق

GMT 06:35 2018 الثلاثاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

لاغارد تؤكّد أنّ احتجاجات فرنسا تُؤثِّر على الاقتصاد

GMT 09:03 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل فنادق جليدية في العالم لقضاء شهرعسل ممتع

GMT 09:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24