عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا»
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا»

عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا»

 العرب اليوم -

عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا»

بقلم - عريب الرنتاوي

للأردنيين أفراداً وجماعات، «مساطرهم» الخاصة، بها يقيسون كل شيء، ووفقاً لتدريجاتها، يحكم على الأفراد والظواهر والسلوكيات والأخلاقيات والقيم ... كل ما هو خارج عن هذه «المساطر» يصبح غريباً، ووافداً من فضاء آخر، وأحياناً، يصبح هجيناً ومداناً وتلصق به أشد النعوت والاتهامات.
«مساطرنا» باتت حادة جداً، وجارحة على نحو خطر ... تشبه السكاكين حيناً، وتقطع كـ»المناشير» في أحيان أخرى ... هنا، قد تدخل لغة «التحريم» و»التكفير» و»الزندقة» و»التجديف» و»الانحلال» و»الانحطاط»، في وصف «المختلف»، أياً كان هذا المختلف، فكرياً وسياسياً وسلوكياً أو اجتماعياً.
«مساطرنا الجمعية» أكثر خطورة من «مساطرنا الفردية»، هنا يتعمم الاتهام والإدانة، لتتجاوز الفرد إلى الجماعة البشرية... ويجري الزج بجموع غفيرة في أضيق الزوايا، وتحميلها وزراً لا تحتمله، إن كان في الأمر أوزار من الأصل ... ولأنها كذلك، فإن هذه المساطر، مصممة على قياس فئات اجتماعية مقابلة، ينسب لها الفضل كله، ولا شيء سوى الفضل ومكارم الأخلاق.
ولأننا شديدو الثقة والاعتزاز بـ»مساطرنا» ونحرص على اصطحابها معنا في حلّنا وترحالنا، فإن من الطبيعي، أن على الأحزاب والتيارات السياسية والفكرية ما ينطبق على الأفراد ونشطاء السوشيال ميديا، وبدرجة أشد خطورة،... لا أقل من لغة الإقصاء والذم والقدح والاتهام ... بل ولا بأس من تكفير قوم ان خرجت مواقفهم عن مسطرتنا ... ولا بأس من السخرية من قوم وتسفيههم إن نحن رأينا فيهم خلاف ما نراه في المرآة حين نحدق بها.
الأصل، أن من بين جميع «المساطر» الفردية والجمعية، ثمة «مسطرة واحدة، يتعين أن تكون حاضرة للقياس والاحتكام ...»مسطرة الدولة» والولاية العامة والقانون السيّد ... لكننا في حالتنا، نشكو تكاثر المساطر الفرعية...  قدرتنا على قراءة مسطرة الحكومة وتدريجاتها، باتت ضعيفة، إذ يبدو أنها  قابلة للتمدد والتقلص، للامتداد والانكماش، وفقاً لهبوب رياح السوشيال ميديا، ودرجة علوّ الأصوات المرتفعة.
 لست قيّماً على أخلاق الناس ولا أنا بحارس على ضمائرهم وعقولهم ومعتقداتهم، وأسعى جاهداً في كسر «مسطرتي» الخاصة، دون توفيق غالباً ... ولكن ليس من حق الدولة أن تكسر «مسطرتها»، وأن تترك أمر القياس والحكم لكل من هبّ ودبّ، وأن تختار الخضوع لأكثر الأصوات ارتفاعاً أو شغباً بالأحرى، لا يُذكّر إلا بشغب الملاعب المرذول، وهنا مكمن العلة والداء.
لن يستقيم لنا حال إن لم تحم الدولة تعدديتنا، فكرياً وسلوكياً واجتماعياً وثقافياً، طالما أنها لا تحدث الفوضى أو تلحق الضرر بالانتظام العام ... لا حق للحكومة في اقتحام الفضاءات الخاصة للأفراد، فهذا حق مكفول طالما أنه لا يمس الفضاء العام.
فمن «ينتصر» اليوم في معركة إلغاء ندوة فكرية أو حفل موسيقي، سيستقوي على الآخرين المختلفين، وسيطاردهم في عقر دارهم ... نجاح المحاولة يشجع على تكرارها، بما يتهدد حقوق ومصالح آخرين، أما إدارة أذن من طين وأخرى من عجين لصوت الابتزاز والإرهاب الفكري، فتلكم أقصر الطرق، لإعادة الاعتبار لـ «مسطرة الدولة» وإعلائها على شتى المساطر.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا» عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا»



GMT 15:22 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

الوجه الآخر للصورة

GMT 15:18 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

العالم يدين إسرائيل

GMT 10:56 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أين مبادئ "الواشنطن بوست"؟

GMT 10:55 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

أين أميركا في العراق؟

GMT 10:54 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

عن «مسطرة» الدولة و«مساطرنا»

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24