«التجربة البولندية»
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

«التجربة البولندية»

«التجربة البولندية»

 العرب اليوم -

«التجربة البولندية»

بقلم - عريب الرنتاوي

قدّمت بولندا لإسرائيل ما لم تكن تحلم به ... سعت (تحت رعاية واشنطن بالطبع) إلى حشد أكبر تظاهرة دولية في مواجهة إيران، ووفرت لبنيامين نتنياهو ما لم يحلم به عشية انتخابات حاسمة سيخوضها مجللاً بفضائحه وفساد عائلته، وضعته إلى جانب وزير خارجية اليمن، وعلى مأدبة واحدة مع تسعة وزراء خارجية عرب، معظمهم لا تقيم بلدانهم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وارسو باتت عنواناً لمحطة جديدة في مسيرة «التطبيع» العربي الإسرائيلي، ومحوراً من محاور حملة نتنياهو الانتخابية، ومنصة يفرد من فوقها «ريش الطاووس»، مطلقاً صيحات النصر على الفلسطينيين الذي غابوا وغابت قضيتهم عن وارسو، ولم يعد حلها متطلباً للتطبيع العربي الإسرائيلي بخلاف كثير من المزاعم الرسمية العربية.
كل تلك الخدمات الجليلة، لم تمنع رئيس حكومة اليمين واليمين المتطرف، من إطلاق تغريدته المسيئة لبولندا قبل أن يغادرها، محمّلاً الشعب البولندي قسطاً وافراً من المسؤولية عن «الهولوكست»، بل وأن يمضي وزيره إسرائيل كاتس للحديث عن «جينات» العداء للسامية التي تجري في عروق البولنديين جيلاً بعد جيل ... فتتأزم العلاقة، ويُستدعى السفراء وتبدأ حرب الاتهامات بين الجانبين، وتعلن بولندا انسحابها من قمة «فيشغراد» التي تضم قادة بولندا وهنغاريا وتشيكيا وسلوفاكيا التي كانت مقررة في تل أبيب، لتجهض القمة في بعد، سيما بعد أن وجهت وارسو لتل أبيب أشد العبارات المغمّسة بالخزي والعنصرية.
ما الذي يمكن أن نستخلصه من «التجربة البولندية» في التعامل مع إسرائيل؟ ... وما الدرس الذي يتعين على «عرب التطبيع» أن يتعلموه من تلك الوقائع الكاشفة؟
باختصار شديد، ليس لإسرائيل حليف أو صديق، سوى مصالح وأولويات مشروعها الاستعماري – التوسعي، هي دولة لا تحترم الاتفاقات والمواثيق، ولا تحفظ وداً أو جميلاً، وهي دولة تتجه على نحو منهجي منظم صوب التطرف الديني والقومي العنصري ... وهي دولة لا قيمة عندها للحلفاء والأصدقاء بذاتهم، بل بقدرتها على توظيفهم واستخدامهم لخدمة أغراض تكتيكية واستراتيجية، تصب في قلب مشروعها العدواني.
ليس هناك من وصف للسياسات الإسرائيلية سوى «الابتزاز» والابتزاز وحده دون سواه ... ابتزت ألمانيا وسط قبول المجتمع الدولي المروّع بجرائم النازية ... وها هي اليوم تبتز بولندا وتطالب بالمزيد ... وهي امتهنت ابتزاز الفلسطينيين والعرب على الدوام وفي كل مناسبة، وآخر جولات الابتزاز اقتطاع رواتب الأسرى والشهداء من حصيلة الضرائب الفلسطينية التي تجمعها إسرائيل ... لا حدود ولا نهايات لمنطق الابتزاز والمقايضة، ومن دون مراعاة لحسابات الطرف الآخر أو حساسياته، مصالحه أو اعتباراته.
ألا تذكرون قاتل الأردنيين في السفارة، وكيف استقبل استقبال الأبطال من قبل نتنياهو شخصياً وفي مكتب رئيس الحكومة، ضارباَ عرض الحائط بمشاعر ملايين الأردنيين الذي لم يكونوا قد دفنوا شهيديهم بعد، وبخلاف التفاهمات التي أنهت مشكلة تطويق السفارة ... هل تذكرون محاولة اغتيال خالد مشعل في قلب عمان، واغتيال محمود المبحوح في قلب دبي؟
«التوظيف» و»الاستخدام» هو مفتاح فهم تحالفات إسرائيل وعلاقاتها مع دول العالم القريبة والبعيدة، وعلى الذين يظهرون سذاجة مفرطة في تصوير حجم وأهمية الانفتاح الإسرائيلي عليهم، الفرحين بالشهية الإسرائيلية المفتوحة للتطبيع معهم، أن يسترجعوا بعض هذه الصفحات، علهم يخففون من حدة اندفاعتهم، وعلهم أن يتعظوا بدروس آخر التجارب: التجربة البولندية.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«التجربة البولندية» «التجربة البولندية»



GMT 16:13 2021 الخميس ,18 آذار/ مارس

بعض الأخبار من مصر وايران وفرنسا

GMT 19:04 2021 الإثنين ,15 آذار/ مارس

البابا فرنسيس في العراق

GMT 20:02 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

التراجيديا اللبنانية .. وطن في خدمة الزعيم

GMT 19:25 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

ليبيّات فبراير والصوت النسائي

GMT 20:13 2021 الإثنين ,08 آذار/ مارس

انا والكورونا و المرأة في يومها العالمي

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24