لا حصانة دينية لرجل السياسة والحزب
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

لا حصانة "دينية" لرجل السياسة والحزب

لا حصانة "دينية" لرجل السياسة والحزب

 العرب اليوم -

لا حصانة دينية لرجل السياسة والحزب

عريب الرنتاوي

تطرح الانتفاضتان، العراقية واللبنانية، من ضمن ما تطرحان، إشكالية العلاقة بين "الديني" و"السياسي"، صحيح أنها ليست المرة الأولى التي تُطرح فيها هذه المسألة على جدول أعمال المنطقة بمجتمعاتها المختلفة، بيد أن الصحيح كذلك، أنها في الحالتين المذكورتين اتخذت طابعاً خاصاً، مستمداً من أمرين اثنين:
 
الأول، أنهما انتفاضتان مشتبكتين مع الإسلام السياسي في طبعته الشيعية، حيث يحتفظ رجال الدين في هذا المذهب الإسلامي، بصفة "مرجعية" – تراتبية - هرمية.
والثاني، أنهما تواجهان أحزاباً سياسية بقيادات مرجعية دينية ... ما يجعل مواجهة "الطبقة السياسية – الحزبية، أمراً بالغ الخطورة والتعقيد.
 
لا يستطيع رجل الدين أن يكون قائداً سياسياً – حزبياً، وأن يحرص في الوقت ذاته، على تسييج شخصه ودوره ومواقفه بهالة من القداسة ... رجل الدين في الأصل، شخصية عامة، وهو عرضة بطبيعة الحال، للنقد والخلاف والاختلاف، بما في ذلك التنديد والإدانة إن لزم الأمر، فالأمر يعتمد بدرجة كبيرة على طبيعة أدائه وما يصدر عنه من مواقف وتوجهات و"فتاوى".
 
ولكن حين يلعب رجل الدين دوراً مزدوجاً، ويحرص على استخدام "قُبعتين"، واحدة على شكل عمامة والثانية على شكل "برنيطة" فمن حق الناس عليه، أن يتسع صدره للنقد والاتهامات ... ومن واجبه أمام جمهوره، من مؤيدين ومعارضين، أن يبدي قدراً كبيراً من التسامح حيال هذه الانتقادات.
 
إن أخطر الأشخاص، هم أولئك الي يقودون أحزاباً دينية أو مذهبية، من دون أن يكونوا رجال دين، وأن تكون سيرتهم الذاتية، مليئة بالاتهامات والشكوك والظنون، بما فيها أبشع أنوع التعديات على المال العام والفساد وانتهاك سيادة القانون والإفلات من العقاب.
 
لا أدري لماذا يحق للبنانيين أن يوجهوا سهام انتقاداتهم لكل الطبقة السياسية اللبنانية، ويحظر عليهم انتقاد حسن نصر الله أو نبيه بري ... لا أحد هنا يتحدث هنا عن هوية هذين الزعيمين "المذهبية" أو "الدينية"، هم عرضة للانتقاد لأسباب سياسية، ولمواقفهم من انتفاضة الشعب اللبناني، وهو أمرٌ يجب أن يكون بديهياً، وأن يؤخذ بلا حساسية أو سوء تقدير.
 
والحقيقة أن بعض قادة الأحزاب، الدينية أو المذهبية، في العراق ولبنان، وفي عدد من دول المنطقة، يسعى في خلق "حصانة" لنفسه، من خلال إحاطة نفسه بهالة دينية، أو إسباغ قدر من "القداسة" حول شخصه وحزبه وتوجهاته و"محوره"... هذه معادلة لا يمكن أن تكون صحيحة، وهي لا تقف على أرض صلبة ... قد يستطيع أصحابها إقناع بعض الناس بها لبعض الوقت، بيد أنهم لن ينجحوا في إقناع كل الناس طوال الوقت، بقدسية هذه المعادلة.
 
من قال إن انتفاضة اللبنانيين كانت موجهة ضد الشيعة، حتى تتعالى صيحات "شيعة ... شيعة" في شوارع بيروت أمس الأول؟ ... ألم يشارك الشباب والصبايا الشيعة، وفي مختلف أماكن انتشارهم في فعاليات الانتفاضة، مبكراً وبأعداد كبيرة؟ ... لماذا يُحقن بعض الشباب بهذه الشعارات الغرائزية – المذهبية، ويدفع بهم إلى الشارع للتصدي لانتفاضة الشباب والصبايا التواقين للدولة المدنية، الدولة العادلة، دولة جميع أبنائها وبناتها، كياناتها ومكوناتها؟ ... لماذا يجري شحن الغرائز العدائية ضد الشريك في الوطن، لخدمة أهداف آنية وتكتيكية، والمقامرة في الوقت ذاته، بتبديد وحدة الدولة والمجتمع والهوية الوطنية الجمعية ... لماذا تجري المقامرة بوحدة البلاد والعباد، نظير مكاسب آنية قصيرة الأجل وقصيرة النظر؟

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا حصانة دينية لرجل السياسة والحزب لا حصانة دينية لرجل السياسة والحزب



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 16:12 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 09:13 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

أترك قلبك وعينك مفتوحين على الاحتمالات

GMT 10:45 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أنت مدعو إلى الهدوء لأن الحظ يعطيك فرصة جديدة

GMT 14:05 2020 السبت ,02 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 15:15 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

2- اجواء متقلبة في الجزء الأول من الشهر

GMT 16:00 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

وزراء المال الأوروبيون يناقشون موازنة إيطاليا

GMT 06:47 2019 الأربعاء ,17 تموز / يوليو

شعبة شركات الأمن والحراسة تشكيل لجان نوعية

GMT 09:10 2019 السبت ,09 آذار/ مارس

9 مارس 1919

GMT 09:57 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

التحالف الدولي يكشف عن عدد عناصر تنظيم "داعش" في هجين السورية

GMT 09:02 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

خُبراء يكشفون عن أفضل عُمر لتعلُّم وإتقان اللغات الأجنبية

GMT 06:24 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

راغب علامة يصور كليبًا جديدًا في مدينة كييف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24