ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي

 العرب اليوم -

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي

بقلم - عريب الرنتاوي

أصدرت المحاكم المصرية أحكام إعدامٍ بالجملة بحق 75 من قادة وكوادر جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من بينهم قادة معروفون مثل عصام العريان وصفوت حجازي ومحمد بلتاجي ووجدي غنيم، تزامناً مع أحكام بالإعدام على المحسوبين أو المقربين من الجماعة ذاتها في دول عربية أخرى، وقد أثارت الأحكام  انقساماً وردود فعل متفاوتة في أوساط المراقبين والنشطاء ووسائط التواصل الاجتماعي ... ما يعيد الجدل من جديد حول الكيفية التي تتعامل بها الحكومات والأنظمة العربية مع الجماعة الأعرض والأكبر في المنطقة.
في توصيف المواقف الرسمية من الجماعة، تتوزع الحكومات والأنظمة العربية على مقاربات ثلاث:
الأولى؛ وتمثلها دول (تتزايد عدداً) لجأت إلى تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية محظورة، يحكم على منتسبيها ونشطائها، بأحكام مغلظة، تصل حد الإعدام ... هذه المجموعة من الدول تضم كل من سوريا ومصر وغيرها من دول عربية.
الثانية؛ وتمثلها كل من تونس والمغرب، وبدرجة ما العراق ولبنان والسودان، وتميل إلى إدماج الجماعة في العمليات السياسية الجارية في دولها، من البرلمان إلى الحكومة ... باعتبارها ركناً من أركان العملية السياسية وجزءاً من النسيج الاجتماعي لهذه الدول ومجتمعاتها.
الثالثة؛ وتضم كل من الأردن، وبدرجة ما «السلطة الفلسطينية» حيث يجري اعتماد «تكتيك مركب» في التعامل مع الجماعة، لا يصل إلى حد وصفها بالإرهاب، وتعتمد دول هذه المجموعة مزيجاً من الضغط على الجماعة مع إبقاء الباب مفتوحاً لمستويات أدنى من المشاركة المقيّدة والمضبوطة.
هذا التوصيف للمقاربات المختلفة، يرصد اللحظة الراهنة في العلاقة بين الجماعة والحكومات ذات الصلة، لكن ما تجدر الإشارة إليه، أن الدول المختلفة، اعتمدت مقاربات مختلفة، في أزمنة مختلفة ... وثمة ديناميكيات تدفع باستمرار لإعادة تعريف العلاقة وتحديد ضوابطها وقيودها ومحدداتها ... الصورة متحركة وليست ساكنة.
دول المجموعة الأولى، الأشد عداءً للإخوان المسلمين، لم يمنعها عداؤها للجماعة، من التعامل معها في بعض الفروع والساحات ... مصر التي أطلقت أحكام إعدام بالجملة ضد قادة «إخوانها»، لا تكف عن استقبال قادة حماس في القاهرة للبحث معهم في المصالحة مع فتح والتهدئة مع إسرائيل.
موقع الإخوان في دول المجموعة الثانية متفاوت ... فهم قوى ضاربة وتحتل مكانة متقدمة في الانتخابات النيابية في كل من تونس والمغرب، بيد أنهم لا يحظون بالشعبية ذاتها في لبنان والعراق، وهم وإن ظلوا خارج مواقع التأثير في عملية صنع السياسة والقرار في هذه الدول، فذاك عائد لكونهم أحزاب أقلية، بل وأقلية ضئيلة، وتتضح هذه الصورة في لبنان أكثر من العراق.
أما دول المجموعة الثالثة، فتختلف ظروفها تماماً، حماس حازت على أغلبية ساحقة في انتخابات 2006، ليس بمقدور الإخوان في الأردن الحصول على مثلها ... وفي حين أدى استلام حماس للسلطة في قطاع غزة، إلى تكريس الانقسام الفلسطيني الأخطر في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية، فإن إخوان الأردن، يواجهون مسلسلاً متعدد الحلقات، من الانقسامات الداخلية التي أفضت وتفضي إلى تآكل في مكانتهم الشعبية.
تجربة الإسلاميين (عموم الإسلاميين وليس الإخوان وحدهم) في الحكم، تكشفت عن حقيقتين اثنتين: الأولى؛ أن سد كافة السبل في وجه الإسلاميين والإخوان بخاصة، هو أقصر طريق لانعدام الأمن والاستقرار، وليس العكس، وفي ظني أن «من الإرهاب وسم الجماعة بالإرهاب»، مع كل التحفظ على جوانب رئيسة من خطابها وممارساتها .... والثانية؛ أن الإسلاميين إن تركوا وحدهم في الساحة والميدان، ومن دون وجود قوى موضوعية، معادلة لهم في الأوزان والأحجام، يجنحون حكماً للاستئثار والهيمنة و»التمكين»، بل وقد يرتدون على كل ما هو «مدني» و»ديمقراطي – تعددي» في خطابهم، ليعودوا إلى خطاب الجماعة الأصلي، وثلاثية «الجماعة/ الأمة / الخلافة».
هي معادلة معقدة بعض الشيء، لكن الإقصاء والاستئصال، ليس خياراً أبداً، وهو وإن كان أسهل الطرق على المدى الفوري والمباشر، إلا أنه أعقدها وأطولها وأكثرها كلفة، على المديين المتوسط والطويل، فهل نستفيد من تجاربنا وتجارب غيرنا المتراكمة على هذا الصعيد؟

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي ثلاث مقاربات للعلاقة بين «الحكم» و»الجماعة» في العالم العربي



GMT 09:20 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عن «معارضة الخارج»

GMT 09:18 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حرب أكتوبر المجيدة تحقق كل أهدافها

GMT 09:16 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ضباط المخابرات.. الشهداء الأحياء

GMT 09:15 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات.. صدارة بقوة شبابها

GMT 09:14 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

بين ترامب وإيران… ما ذنب لبنان

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 15:49 2020 الأحد ,02 شباط / فبراير

تزداد الحظوظ لذلك توقّع بعض الأرباح المالية

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 16:11 2021 الإثنين ,01 آذار/ مارس

بوغدانوف يلتقي السفير السوري في موسكو

GMT 06:40 2019 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

تعليق إضراب الوقود في لبنان والأزمة المالية تتفاقم

GMT 07:27 2018 الجمعة ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تختبر السيارات ذاتية القيادة على الطرق العامة

GMT 09:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

مشاورات روسية تركية في موسكو حول سوريا

GMT 12:58 2020 الأربعاء ,29 تموز / يوليو

خسائر دور العرض المصرية تدفع بعضها إلى الإغلاق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24