حماس وسؤال «الشرعية»
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

حماس وسؤال «الشرعية»

حماس وسؤال «الشرعية»

 العرب اليوم -

حماس وسؤال «الشرعية»

بقلم - عريب الرنتاوي

في مسعى بائس من حماس لنزع «الشرعية» عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بادرت سلطة الأمر الواقع في غزة، لترتيب اجتماع «بمن حضر» من أعضائها في المجلس التشريعي، مدججين بتفويضات من أعضائها الغائبين، لإسقاط صفة «الشرعية» عن الرئيس محمود عباس، وأعقبت ذلك، بحملة اعتقالات في صفوف حركة فتح وناشطين، ممن كان متوقعاً منهم معارضة الخطوة أو الاحتجاج عليها.
هي خطوة تصعيدية موصوفة، مع أنها ليست غريبة ولا مفاجئة، وليست الأولى من نوعها ... تملي التفكير في مراميها وأهدافها وتوقيتها وتداعياتها «المفترضة» ... وفي أحسن تقدير، وبافتراض حسن النوايا، مع أن الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة، يمكن القول إنها خطوة، بائسة، تنم عن جهل وانعدام المسؤولية... أما في أسوأ تقدير، فإنها خطوة تبنى على سياسة «الرقص على حافة صفقة القرن» التي طالما حذرنا من خطورتها وتداعياتها، عندما انخرطت حماس بقوة في مساعي إنجاز التهدئة قبل المصالحة وعلى حسابها، ولعبت على وتر «المدخل الإنساني للحل السياسي» للقضية الفلسطينية، والحل الوحيد المطروح للتداول اليوم كما بات واضحاً، هو «صفعة القرن».
من حيث التوقيت، فقد جاء بائساً تماماً، فقد كان بمقدور الحركة انتظار عودة «أبو مازن» من نيويورك، وأن تفعل بعدها ما تشاء ... أما أن ترتبط التغطيات الإعلامية لكلمته من على منصة الأمم المتحدة، بخبر عاجل آخر، عن «نزع شرعيته» من قبل حماس، فإن سؤال من سيستفيد من هذه الخطوة الحماسية، سيطرح نفسه من دون استئذان.
والمستفيدون من خطوة حماس فريقان لا ثالث لهما... ترامب في ذروة حملته السلطة والمنظمة ورئيسهما، وفي قمة مساعيه لتفكيك المشروع الوطني الفلسطيني، مشروع العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة، والترويكا اليمنية المتطرفة الحاكمة في إسرائيل، التي تطعن بوجود شريك فلسطيني، وتسعى في فرض اطواق من العزلة على الرئيس عباس، وتحمل على أولمرت وليفني للقائهما به في باريس ونيويورك.
كان يمكن لخطوة حماس أن تكون مفهومة، ومؤثرة، لو أن الحركة تنازع بقوة و»عن جد» لانتزاع الشرعية من الرئاسة والمنظمة ... لكن حماس تعرف أنها لن تكون حتى إشعار آخر، بديلاً مقبولاً ومعترفاً به، عن السلطة والمنظمة، وتدرك أكثر أن حظوظها بالنجاح في السباق على الشرعية، تكاد تقترب من «الصفر» ... فلماذا الإصرار على خوض معركة «الشرعية»، محسومة النتائج سلفاً، وهل المقصود تقويض شرعية السلطة والمنظمة، وترك التمثيل الفلسطيني نهباً للفراغ ... ومن سيملأ فراغ «الشرعية» لو قيّض لحماس أن تنجح في مسعاها الصبياني المناكف المذكور ... وهل تعتقد الحركة أنها شرعية أكثر من عباس وفتح والمنظمة والسلطة، ومن أدخل هذا الوهم المخادع في أذهان قادتها، هل هم من يسبغون الشرعية ويحجبونها عمّن يشاءون ووقتما يشاءون؟
وبلغة الشرعية، وإذا كانت مرت سنوات عديدة على انتهاء ولاية الرئيس عباس، ألم تمض سنوات مماثلة - تقريباً- على انتهاء ولاية المجلس التشريعي، لماذا الأخير شرعي والأول غير شرعي، علماً بأن ثمة اجتهادا قانونيا يمنح الرئاسة شرعية أكثر صلابة من تلك التي تسبغها حماس على المجلس التشريعي، والعهدة في ذمة خبراء القانون الدستوري، ولست واحداً منهم.
منظمة التحرير ممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني، شاء من شاء وأبى من أبى، رضينا بذلك أم رفضنا، أعجبتنا سياسة المنظمة ورئيسها أم لم تعجبنا ... ولنا أن ندخل في غمار الصراع السياسي فوق هذه الأرضية وتحت هذه المظلة، ولكن لا يجوز لفريق فلسطيني أن يثقب القارب من حيث يجلس ... ذلك انتحار وليس خيارا، يعكس ضيق أفق ويشف عن «فصائلية» ضيقة، ويبتعد كثيراً عن المصلحة الوطنية.
أما عن تداعيات خطوة حماس، فهي تعادل الصفر أيضاً، فكل ما يمكن أن يترتب عليها، هو توظيفها من قبل آلة الدعاية اليمينية في إسرائيل للطعن بوجود الشعب الفلسطيني، وليس بشرعية ممثله الشرعي الوحيد فحسب ... بخلاف ذلك، لا أحسب أن مسؤولاً واحداً في أية عاصمة من عواصم الدنيا، بما فيها آخر عاصمتين صديقتين لحماس في تركيا وقطر، قد قرأ تصريحات حماس وبيان سحب الشرعية أو توقف عندهما ... فما هي وظيفة ما حصل والحالة كهذه، إن لم يكن التوتير والتصعيد الداخليّن؟ ... ما مآلات خطوة كهذه، إن لم تكن العبث بالبيت الفلسطيني الداخلي، وتعقيد مسار المصالحة، وإرسال رسائل خاطئة لأطراف لا تنوي خيراً بفلسطين وشعبها وقضيتها وممثلها وحركتها الوطنية، ولا تضمر خيراً لحماس ذاتها كذلك؟

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حماس وسؤال «الشرعية» حماس وسؤال «الشرعية»



GMT 09:20 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عن «معارضة الخارج»

GMT 09:18 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حرب أكتوبر المجيدة تحقق كل أهدافها

GMT 09:16 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

ضباط المخابرات.. الشهداء الأحياء

GMT 09:15 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات.. صدارة بقوة شبابها

GMT 09:14 2018 الثلاثاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

بين ترامب وإيران… ما ذنب لبنان

GMT 14:34 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

تتحرر وتتخلص من الأعباء الكثيرة والضغوط

GMT 09:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الأسد 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 09:13 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

توقيع رواية أول أكسيد الحب بمديرية الثقافة بحلب

GMT 17:20 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل عرض مسرحية علاء الدين ضمن فعاليات موسم الرياض

GMT 14:43 2019 الأربعاء ,11 أيلول / سبتمبر

الطريقة المثالية لتطبيق كريمات الترطيب على بشرتك

GMT 08:13 2019 السبت ,29 حزيران / يونيو

تطبيق جديد يمسح الأصدقاء "ثقيلي الظل" من الصور

GMT 15:38 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

انفراجات ومصالحات خلال هذا الشهر

GMT 07:15 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

إليكِ أجمل إطلالات العارضة السمراء ناعومي كامبل

GMT 13:55 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

عمرو جمال يعلن عن عدم توقيعه لنادي الزمالك

GMT 18:55 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

عهد قطان في معرض فنون حلب للأعمال التشكيلية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24