تركيا في الشمال السوري  باقية وتتمدد
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

تركيا في الشمال السوري ... "باقية وتتمدد"

تركيا في الشمال السوري ... "باقية وتتمدد"

 العرب اليوم -

تركيا في الشمال السوري  باقية وتتمدد

بقلم - عريب الرنتاوي

أردوغان يرسل بجيشه إلى شمال – شرق سوريا، مدفوعاً بأمرين اثنين: الأول؛ أحلامه العثمانية التي لم تقف عند حدود جرابلس والباب وعفرين، ولن تتوقف عند شرق الفرات، إن أتيح له البقاء والتمدد ... والثاني؛ شخصي، ويتصل بمستقبل الرجل وعائلته، الشخصي والسياسي، فهو يدرك أن بساط "الشعبية" بدأ ينسحب من تحت أقدامه، وأنه بدأ منذ انتخابات 2015 رحلة الهبوط، بعد أن بلغ ذروة غير مسبوقة، وهو لا يتوانى عن التفكير بإعادة تفصيل الدستور والقوانين على "مقاسه الشخصي"، وسط معلومات تؤكد نيته خفض نسبة الأصوات المطلوبة للظفر بانتخابات الرئاسة من 50 بالمائة إلى 40 بالمائة.
 
في الدافع الأول؛ ستلتحق مناطق شرق الفرات وما سبقها من مناطق في شمال غرب سوريا، بمصير "لواء الاسكندرون"، إن لم يجر تطويق الاجتياح التركي ودفن الأحلام التوسعية لأنقرة في الشمال السوري ... هي مهمة تقع أساساً على كاهل السوريين، بيد أنه يتعين على الدول العربية والمجتمع الدولي، أن تهب لنصرة سوريا في مسعاها لاستعادة سيادتها وصون وحدتها الترابية ... ليس الوقت مناسباً للتلاوم وتسوية الحسابات، فالتهديد يطال وحدة دولة عربية وسيادتها، ومستقبل شعبها وسلمها الاجتماعي.
 
في الدافع الثاني، يبدو أن رصيد "الخطاب المذهبي" الذي استند إليه حزب أردوغان لم يعد كافياً لتجديد "البيعة للسلطان"، هو اليوم يخاطب العصب القومي للأتراك، ويعيد انتاج خطاب "الجمعيات الطورانية" قبل أزيد من مائة عام، أملاً باستعطاف هذه الشريحة وكسب أصواتها في الانتخابات المقبلة ... أردوغان كسائر "الشعوبيّون"، مستعد لفعل كل شيء، وأي شيء، للوصول إلى سدة الحكم والبقاء فيها، وهو برهن على ذلك في أكثر من مرة خلال السنوات الأربع الأخيرة، وما حربه على أكراد بلاده وأكراد الخارج، سوى غيض من فيض ما هو مستعد لفعله... ومن المؤسف حقاً، إن بعض الإسلاميون في بلادنا، ممن فقدوا أي إحساس بانتماءاتهم الوطنية والقومية، يرقصون اليوم طرباً للاحتلال التركي لشمال سوريا، علماً بإن إسلاميي تركيا أنفسهم، أخذوا ينفضّون من حول أردوغان وحزبه، بعد أن فقد "العدالة والتنمية" ما يقرب من مليون عضو حزبي في سنة واحدة فقط.
 
المعركة مع الأتراك ليست سهلة أبداً، فسوريا خارجة مثخنة من حرب السنوات الثمانية، ولروسيا وإيران مصالح عميقة مع تركيا، لن تفرط بها، والمواقف العربية في معظمها، "ظواهر صوتية" لا أكثر ولا أقل ... لكن مع ذلك فإن ثمة أوراق عديدة يمكن تفعيلها لجعل مهمة أردوغان في الشمال السوري صعبة للغاية، إن لم نقل مستحيلة.
 
ينبغي أولاً؛ إحراز تقدم (اختراق) على مسار الحوار الوطني السوري الداخلي، وإدماج الأكراد في أنشطته، والنظر بعين التفهم لمطالبهم المشروعة، دون مبالغة أو تطيّر ... ويتعين ثانياً؛ تحقيق اختراق على دروب العملية السياسية والمصالحة الوطنية، فالجبهة الداخلية القوية، هي شرط الانتصار في معركة الحفاظ على وحدة سوريا واستقلالها ... والمطلوب ثالثاً؛ ألا يكف النظام عن إرسال رسائل الطمأنينة لللاجئين السوريين في تركيا وغيرها، يحثهم فيها على العودة الآمنة إلى مدنهم وبلداتهم، لسحب هذه الورقة التي طالما استثمرها أردوغان، في خلافاته مع أوروبا أو في حربه على سوريا.
 
كما يتعين على مجلس وزراء الخارجية العرب، أن يفتتح جلسته الطارئة غداً السبت، بدعوة دمشق لمعاودة نشاطاتها كعضو فاعل في الجامعة العربية، كما يتعين على الوزراء العرب، التفكير جدياً في توظيف الغضب والاستياء الدوليين من قرار أردوغان بشن الحرب على سوريا، لخلق أوسع جبهة عالمية مناهضة للتوسعية التركية.
 
تركيا سعت لتدمير سوريا ثلاث مرات: الأولى باحتضانها فصائل سلفية وجهادية وعصابات تحت مسميات معارضات من أجل تكريس تفتتها وتعميق انقساماتها، والثانية، بفتح حدودها البرية والبحرية والجوية لعشرات ألوف المقاتلين الأجانب في داعش والنصرة للعبور إلى سوريا والاستيطان فيها، والثالثة، اليوم، بإرسال جيشها ومرتزقتها من المسلحين السوريين لتدمير الشمال الشرقي وفرض احتلال تركي لمناطق تزيد عن ضعف مساحة لبنان.
 
القوات التركية دخلت الشمال السوري، لتبقى وتتمدد، وهي ستفعل في هذه المناطق ما تفعله كل يوم في عفرين، من عمليات "تتريك" وربط محكم بالإدارة التركية، والزمن سيعمل لصالحها، ما لم تنجح سوريا في رفع كلفة الاحتلال التركي لأجزاء من أراضيها، بالتنسيق والتعاون مع مختلف الحلفاء والشركاء و"مشاريع الحلفاء والأصدقاء" كذلك.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تركيا في الشمال السوري  باقية وتتمدد تركيا في الشمال السوري  باقية وتتمدد



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 16:30 2019 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مجالات جديدة وأرباح مادية تنتظرك

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:08 2019 الأحد ,30 حزيران / يونيو

بيان عملي لمديرية الدفاع المدني في طرطوس

GMT 18:55 2021 الأحد ,24 كانون الثاني / يناير

طالبة مصرية يطرق مشروع تخرجها أبواب العالمية

GMT 14:17 2019 الثلاثاء ,10 أيلول / سبتمبر

أحدث موديلات خواتم الذهب خريف 2019

GMT 10:27 2017 الجمعة ,11 آب / أغسطس

بيت بيوت

GMT 16:42 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

17 حيلة لجعل عطرك يدوم لفترة أطول وقت الخروج

GMT 03:56 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتع بالطبيعة والمعالم التاريخية في سلطنة عمان خلال الشتاء
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24