الـمـتـحـف
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

الـمـتـحـف !

الـمـتـحـف !

 العرب اليوم -

الـمـتـحـف

بقلم - حسن البطل

وحده، من بين ثلاثة متاحف وطنية، لم تكن أيضاً منها قبل هذه الحقبة السلطوية ـ الأوسلوية المذمومة، يستحق متحف ياسر عرفات إضافة "أل" التعريف إليه.
واحد منها، وأحدثها، المتحف الفلسطيني في بيرزيت، يمكن أن نقول: هناك ما يضارعه في العواصم والمدن العربية، مع استثناء وحيد: هو متحف "تفاعلي" للشعب في البلاد والمنافي، وليس لجمع الآثار والمقتنيات، لكن ليس هناك، عربياً، ما يضارع أو يشاكل متحف مكرس لـ "الشاعر العام"، حسب وصف "القائد العام" للشاعر محمود درويش الذي هو "الشاعر" فحسب، ولا متحف ياسر عرفات، الذي يستحق صفة "المتحف" مبنى ومعنى، والذي هو الرئيس المؤسس!
ذكرتني معلومة من الفنان والصديق المسؤول في المتحف إبراهيم المزين، بأن "المتحف" باسم ياسر عرفات يؤمّه، يومياً، عدد من الزوار، معظمهم أجانب للأسف، يتراوح بين 250 ـ 300 زائر يومياً.. غير وفود المدارس.
سألت زائراً إلى القاهرة عن حال متحف على اسم جمال عبد الناصر، وآخر زار متحف خليل جبران في لبنان. مع الاحترام والتقدير لزعيم الأُمّة، ناصر، وكذا الإجلال للبناني صاحب كتاب "النبي" المترجم للغات عدة؛ فإن فلسطين السلطوية هذه، تمتاز بمتحف عرفات على متحف ناصر؛ ومتحف درويش على متحف جبران. كلاهما متواضع، في المبنى والمعنى.. والوظيفة الثقافية والوطنية.. والتكنولوجيا أيضاً.
بداهة، ليست بلادنا، موطن الديانات السماوية الثلاث، في عراقة وعالمية حضارة "أُمّ الدنيا" مصر، فجر حضارات العالم القديم. في بلاد النيل هناك فراعنة ينافسون في المكانة أهمية ناصر لمصر والعروبة، وهناك قادة مثل محمد علي لا يقلون في الأهمية عن دور ناصر في تحديث بلاده، أول دولة مركزية في تاريخ الحضارات.
قيل لي: إن متحف ناصر عبارة عن ثلاث حجيرات ـ غرف، واحدة لقبر زعيم الأُمّة، والثانية مسجد باسمه.. والثالثة لملابسه و"هدومه" العسكري والمدنية. بيد أن للمتحف باسم ياسر عرفات، ثلاثة مبانٍ مستقلة ومتكاملة: الضريح، ومسجد التشريفات.. وبالذات المتحف الفريد من نوعه، مبنى هندسي ومعنى تاريخي ووطني.. ووسائط تكنولوجية متقدمة.
متحف عرفات هو موجز لتاريخ البلاد وشعبها.. وأبرز شخصيات الشعب مجموعة في (لوحة الفنان: حسني رضوان) قبل الثورة والمنظمة حتى حقبة السلطة: قادة فصائل ورجال ثقافة وفكر.. نساءً ورجالاً!
من قبل المتحف، كان عليك، مثلاً، أن تقلّب صفحات موسوعة "بلدانية فلسطين" لسعيد الصبّاغ، ومن بعد، كل ما عليك هو أن تقف على شاشة مضيئة لخارطة البلاد، ثم تنقر على "مفتاحية" أو "كي بورد" اسم أصغر قرية كانت موطناً لجد جدك، وصرت لاجئاً خارجها.
تغنيك زيارات متكررة للمتحف عن مكتبة عامرة لتاريخ البلاد والشعب، لأنه أشبه بـ "دائرة معارف" تقدم لك ما تريد بوسائل سمعية ـ بصرية سهلة وجذّابة وبأدوات تكنولوجية متقدمة.. ومن ما قبل المؤتمر الصهيوني ووعد بلفور إلى زمن أول سلطة وطنية فلسطينية في التاريخ.
علمت، بداهة، ورداً على سؤال أن عدد الزوار اليومي، ومعظمه سوّاح أجانب مذهولون، لا يشمل وفود طلاب المدارس، ويعطيهم المتحف ما لا تستطيع كتب التاريخ والمناهج المدرسية "الجافة" أن تمنحهم إياه.
للأفلام الوثائقية مكانها أيضاً، وكذا قاعة للمحاضرات والأفلام غير الوثائقية.. وحتى هناك ما يشبه "معرض دائم" فني يتبدل كل نصف عام، ومنه رأينا لوحة أرضية فسيحة أنجزها إبراهيم المزين، عنوانها: "خطوات مجمّدة، أرواح طليقة" عن أحذية هي مسار جيل اللجوء في الطين، إلى الروح الجديدة للجيل الجديد.
هناك شيء "ثقافي" هو جناح خاص بكتب ومنشورات مرحلة منظمة التحرير، وهو محوسب تماماً تطلبه وتقرؤه على الشاشة أو تطبعه دون حاجة لتقليب الكتب والمجلات الدورية.. إنه متحف للرئيس المؤسّس، لكنه لتاريخ البلاد وشعبها.. ومسيرة نضال هذا الشعب. لا أعتقد أن هناك ما يضارع دور عرفات في تاريخ شعب البلاد.
للحاج أمين الحسيني صورة بورتريه، في لوحة فنية وأيضاً لأحمد الشقيري، وكذا لأحمد ياسين، وقادة الفصائل.. لكن قارئاً حسن النيّة، وصف عرفات بأنه ثالث أعظم المجاهدين بعد أمين الحسيني، والسوري يوسف العظمة.. وهذا لا ينفي أن عرفات هو أهم شخصيات فلسطين في تاريخها.. إنه "سيد فلسطين" أو الفلسطيني الأول، بلا منازع أو مضارع.
.. والمتحف باسمه، هو انسايكلوبيديا، جامعة ومختصرة في مبنى جميل التصميم، ومحتوى جامع وشامل.. يقودك من منتهاه إلى خندقه الأخير في الحصار الأخير، والوداع الأخير. سلاماً أبا عمّار!

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الـمـتـحـف الـمـتـحـف



GMT 15:25 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

السعودية وتركيا والزعامة

GMT 15:23 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

جهل أم حماقة أم جنون!

GMT 15:20 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أنفاق ونفاق

GMT 15:03 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا يعنى «إيديكس 2018»؟!

GMT 15:01 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

ماذا حصدت السعودية فى قمة الأرجنتين؟

GMT 13:09 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

شؤونك المالية والمادية تسير بشكل حسن

GMT 13:35 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

لا رغبة لك في مضايقة الآخرين

GMT 17:32 2019 السبت ,30 آذار/ مارس

آمال وحظوظ وآفاق جديدة في الطريق إليك

GMT 17:24 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

إنتاج وتطوير قطع ومكونات السيارات الكهربائية

GMT 14:53 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي على أجمل المنتجعات السياحية في ولاية فلوريدا

GMT 14:56 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

رولز رويس تطرح أولى سياراتها للطرق الوعرة

GMT 19:52 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

روسيا تختبر طائرة الحلم الجديدة وتنفذ أول تجربة تحليق لها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24