مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان: التغيير ممنوع

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان: التغيير ممنوع

 العرب اليوم -

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع

حازم صاغية

الربط بين ثورتي العراق ولبنان وبين المؤامرات والأوضاع الإقليميّة ربط فاسد. هذا ما تقوله أوضاع داخليّة مُلحّة في البلدين، وآراء ومواقف وأعمال تواكب هذه الأوضاع وتصفها. لكنّ الربط الفاسد هو ما ينبع من وعي فاسد، وعي تآمري ممزوج برغبة عميقة في استخدام البلدين وأحداثهما في النزاعات الإقليميّة.

في الحالتين الثوريّتين للعراق ولبنان، تعجز النظريّات على أنواعها عن تمويه دور إيراني نافر، لا بمعنى تآمري للكلمة، بل بمعنشى يسعى أن يكون موضوعيّاً، وهو قابل للبرهنة في أقوال حسن نصر الله وأفعاله، كما في تغريدات علي خامنئي. فطهران، ذات العلاقة المتوتّرة مع إقليمها ومع العالم، لا تملك التصرّف كدولة محدودة بحدودها، كما لا تملك التصرّف بما تقتضيه أحوال السلم. والعراق خصوصاً، ولبنان أيضاً، ينبغي أن يُرفض أي تغيير فيهما لأنّهما، وفق النظرة الإيرانيّة، موقعان استراتيجيّان لإيران. وفي حالات الحرب والتوتّر، تغدو التضحية بموقع حربي ترفاً لا يتحمّله قائد المحاربين.
هذا ما يفسّر أحداثاً شهدها المشرق العربي منذ ثارت المخاوف الدوليّة حيال البرنامج النووي الإيرانيّ. مثلاً: في صيف 2003 أصدر مجلس حكّام الوكالة الدوليّة للطاقة الذريّة قراراً يُلزم طهران بـ«الوقف الفوري الكامل» لنشاطاتها في تخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي الخاصّ بمعاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النوويّة، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النوويّة الإيرانيّة «من دون قيد أو شرط». في 2004 كان التمديد للرئيس اللبناني إميل لحّود عنوان الإصرار على استبعاد كلّ تغيير في لبنان. الرغبة نفسها، وبنسبة أعلى، كانت رغبة النظام السوري الذي هاله الغزو الأميركي للعراق: في العام ذاته، 2004. انتفضت القامشلي على حكم الأسد، كما صدر القرار الأممي 1559 لجعل لبنان بلداً طبيعيّاً.

المثل الأبرز والأخطر كان مشاركة إيران و«حزب الله» في قمع الثورة السورية. إذاً، ممنوعٌ التغيير في مناطق النفوذ الإيراني التي تُعدّ أحداثها أحداثاً إيرانيّة. إنّه ممنوع ما دامت طهران في حالة حرب أو توتّر. وطهران، بحكم طبيعة نظامها، هي دائماً في هذه الحال.

مع فوارق الحجم والأهميّة نقع على المبدأ نفسه في تجارب إمبراطوريّة سابقة. في التاريخ المصري الحديث هناك «حادثة 4 فبراير (شباط) 1942»، حين فرض الإنجليز بالقوّة على الملك فاروق تسليم زعيم «الوفد» مصطفى النحّاس رئاسة الحكومة. لقد فعلوا هذا خوفاً من حكومة تتعاطف مع «المحور» إبّان الحرب العالميّة الثانية، وتحول تالياً دون استفادتهم من موقعي مصر وقناة السويس الاستراتيجيين.

الإمبراطوريّة السوفياتيّة عرفت أكثر من تجربة: المطالب الإصلاحيّة الهنغاريّة في 1956 والتشيكوسلوفاكيّة في 1968 قمعتها دبابات حلف وارسو. في بولندا، أواخر 1981 أعلن الجنرال أوجياش جاروزلسكي الأحكام العرفيّة محاولاً سحق نقابة «التضامن» الحديثة النشأة. لاحقاً، في 1990 اعتذر جاروزلسكي من البولنديين على فعله هذا. قال إنه أقدم عليه مضطرّاً لكي يقطع الطريق على تدخّل حلف وارسو.

سياسة رفض التغيير في الأطراف الإمبراطوريّة كان يحكمها، أقلّه منذ 1968، ما بات يُعرف بـ«مبدأ بريجنيف». المبدأ هذا، الذي واكب غزو تشيكوسلوفاكيا وبرّره، كان يقول إنّ أي تهديد لأي نظام اشتراكيّ، في أي بلد من بلدان المعسكر الشرقيّ، تهديد للمعسكر كلّه. لهذا من الجائز لدول المعسكر أن تواجهه بالقمع. بعد عشرين عاماً، نبذ ميخائيل غورباتشوف هذا المبدأ، فتساقطت دول حلف وارسو سلماً تساقط أوراق ذابلة.
حال إيران مع بلدان المشرق لا تختلف كثيراً. صحيح أنّ الانكفاء الأميركي وفّر لها فرصاً استثنائيّة، كما أنّ فوضى السنوات الأخيرة أهدتها فراغاً راحت تتأهّب لملئه. لكنّ هذا لا يكفي بذاته. فالمشكلة التي تظهر في العراق أوّلاً وفي لبنان ثانياً، أنّ إيران لا تملك القدرة على بناء أوضاع بديلة عن الأوضاع التي تسهم في تقويضها. إنّها تحمل مشروعاً إمبراطوريّاً مفلساً ومحاصراً، ينجح في التقويض ويفشل في البناء. يكفي التذكير بالانتفاع من ثروة العراق في مواجهة الحصار. يكفي التذكير، في ظلّ الانتفاض الواسع على الفساد، أنّ طهران تقدّم نموذجاً فاسداً.
مقابل مشكلة إيران هناك مشكلة أذرعها، أكان في العراق أم في لبنان. فهذه، وبشيء من التفاوت، تريد أن تمسك بالسلطة في بلدانها ولا تريد ذلك في الوقت نفسه. إنّها تملك وتحكم ولا تُساءل. وضع كهذا قابل دائماً للانفجار، لا سيّما في ظلّ أزمات اقتصاديّة خانقة.

فلنلاحظ الوجهة: بعد الوقوف في وجه قوى مذهبيّة وإثنيّة أخرى، يدلّ العراق على وصول الاشتباك إلى داخل البيئة الشيعيّة نفسها. في لبنان، ظهر التنافر للمرّة الأولى بين «حزب الله» وبيئته، وبينه وبين بعض حلفائه...

هذا المشروع، أتمثّل بقيادته في طهران أم بامتداداته في بغداد وبيروت، لا يفتح على سياسة. فكلّما تجمّع ألف عراقي أو لبناني في ساحة ما خافت القوى المرعيّة من إيران وانتابها التوجّس. إنّها حالة لا تعيش إلاّ في هامش يتأرجح بين التوتّر والعنف، مصحوبَين بالتردّي الاقتصاديّ: فإمّا ازدهار هذا المشروع وتعفّن الشعوب المطالبة بالتغيير والممنوعة عنه، وإمّا التغيير وانهزام مبدأ خامنئي.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع مبدأ خامنئي للعراق ولبنان التغيير ممنوع



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 16:46 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 14:04 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تطرق أبواب الحكومات أو المؤسسات الكبيرة وتحصل على موافقة ما

GMT 09:27 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 15:08 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

ابرز الاحداث اليومية عن شهر كانون الثاني 2020

GMT 10:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 12:34 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 18:27 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ارتفاع عدد قتلى حرائق ولاية كاليفورنيا الأميركية إلى 23 شخصًا

GMT 13:49 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ليستر سيتي يرتدي قمصانا خاصة حزنًا على رحيل مالك النادي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24