مبارك سنة شوّهت سنوات
آخر تحديث GMT04:43:57
 العرب اليوم -

مبارك... سنة شوّهت سنوات

مبارك... سنة شوّهت سنوات

 العرب اليوم -

مبارك سنة شوّهت سنوات

بقلم -عبد الرحمن الراشد

الكثير سيُكتب عن الرئيس الراحل حسني مبارك، لكن القليل سينصفه. فالناس لا تتذكر من رئاسته، ربما، إلا أيامه الأخيرة، الثورة، الشارع، المحاكمة، وراء القضبان، المستشفى، «البيجاما». برهة من الزمن شوهت تاريخاً من ثلاثة عقود حقق فيها أكثر ممن سبقه. فجأة صار رئيساً بعد مقتل أنور السادات الذي كان زعيماً استراتيجياً متفرداً، غيّر المنطقة، وأنقذ مصر من مآلات خطيرة. ولكل من رؤساء الجمهورية الثلاثة نجاحات وإخفاقات، وفق سياقات تاريخية مفهومة، وأهمية رئيس مصر من أهمية مصر بوصفها دولة محورية في الشرق الأوسط تؤثر في محيطها.
مبارك، بعد اغتيال السادات، قاد البلاد إلى خارج دائرة الخطر. فالمتآمرون نجحوا في قتل السادات لكنهم فشلوا في إضعاف النظام وتعطيل مشروع السلام الذي كان الهدف الرئيسي من اغتياله. ولم تفلح الحملة الضارية من قبل سوريا وليبيا وإيران في ثني عزيمة الرئيس الجديد مبارك. ولم تدفع احتفالات المعارضة بنبأ اغتيال السادات، مبارك للهرب من تركة الرئيس القتيل، بل حافظ على خطه السياسي ووفى بالتزامات بلاده.
لم تكن وظيفة مبارك الجديدة سهلة، فمؤامرة الاغتيال، لم يعرف على وجه اليقين، عمقها داخلياً وخارجياً. ثم تلتها في التسعينات تطورات لم تكن أقل خطراً، من الجماعات نفسها. كانت سنوات صعبة من الدم حاربت فيها الجماعات الإرهابية الدولة المصرية وضربت وسط مدينة القاهرة. كانت مؤشرات على ولادة تنظيم جديد اسمه «القاعدة». واجهها مبارك وحيداً، حيث كانت القوى السياسية في الغرب، وجموع المفكرين، يضغطون ويلومون الحكومة المصرية، ويبررون للجماعات المسلحة جرائمها على أنها نتاج نقص الحريات والديمقراطية. ولم يكتشف العالم سلامة الموقف المصري إلا بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة. كسب مبارك معركة الإرهاب بثمن غال، وكاد يفقد حياته أكثر من مرة، وأخطرها الهجوم المروع على موكبه في إثيوبيا بتدبير من نظام السودان آنذاك، وكان الحاضن للإرهاب.
الاقتصاد كان المعركة الأصعب. قيل إن الثورة على الفشل الاقتصادي، مع أن مصر، نسبياً، كانت في عهده أفضل مما كانت عليه من قبل. إنما مصر، مثل معظم دول المنطقة، عانت من الإرث البيروقراطي العقيم، وتبني الممارسات الاشتراكية الاقتصادية الفاشلة، ذلك الإرث الذي حاولت حكومات مبارك تفكيكه والانتقال إلى نظام السوق، ونجحت جزئيا.
لمبارك أخطاؤه، أبرزها تمسكه بإدارة كل الدولة وقت ضعفه ومرضه. حتى أكثر محبي الرئيس الراحل يلومونه الآن. نعم، كان عليه أن ينسحب، ولو بشكل جزئي، من الإدارة التنفيذية؛ لأن ذلك أتاح لمحيطيه من أفراد عائلته وأبنائه ورجالات القصر منافسة الحكومة على أعمالها. كان مكبلاً بالمرض والعجز ولم يعمل على ترتيب خلافته بما كان متوقعاً.
أحداث 25 يناير (كانون الثاني) 2011 بينت ضعف قيادته وبطء أجهزته. لم تنجح في استقراء الوضع ولا التعاطي مع المد الشعبي ضده. فجاء خروجه مذلاً لرئيس تاريخي أعطى كثيرا لبلاده، وسريعاً مع غياب الدولة جاءت الفوضى لتذكر الناس بأهميتها في حياتهم. ثم صعد الإخوان المسلمون إلى الحكم، وكان أداؤهم أكثر من سيئ، كان خطيراً، ولو لم يتم إسقاطهم لانتهت الجمهورية المصرية التي نعرفها، من دولة تعزز الاستقرار إلى جمهورية جماعة تنشر الفوضى. رحل مبارك إلى رحمة ربّه الواسعة، ولم ينصفه التاريخ، لكن سيفعل بعد أن يسكن البحر الهائج.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبارك سنة شوّهت سنوات مبارك سنة شوّهت سنوات



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 09:55 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج السرطان 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020

GMT 11:27 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

يبدأ الشهر مع تلقيك خبراً جيداً يفرحك كثيراً

GMT 16:55 2020 الأحد ,01 آذار/ مارس

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 13:43 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إبقَ حذراً وانتبه فقد ترهق أعصابك أو تعيش بلبلة

GMT 10:25 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

يراودك ميل للاستسلام للأوضاع الصعبة

GMT 17:23 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

اختفاء جزيرة يابانية قرب الحدود الروسية

GMT 14:24 2018 الخميس ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

بوكو حرام تقتل 15 إثر هجوم على قرويين في نيجيريا

GMT 11:11 2018 الثلاثاء ,24 إبريل / نيسان

لاغارد تعلن إجراءات مشددة للتصدي إلى الفساد

GMT 10:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2020
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24