تجربة العمل والحياة
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

تجربة العمل والحياة

تجربة العمل والحياة

 العرب اليوم -

تجربة العمل والحياة

بقلم -سمير عطا الله

من باب التواضع، يسمّي عبد العزيز خوجة مذكّراته «التجربة»، متحاشياً التدليل على حكاية عمر حافل في السياسة والدبلوماسية والشِّعر والأدب وخصوصاً خصوصاً، في العلاقات الإنسانية. والمذكّرات قسمان، أوّلها الطفولة في مكّة، حيث يصوّر شاعر الدبلوماسية بوداعته، حكاية عائلة بسيطة: أبٌ يسعى من خلال دكّان بسيط، برد الشتاء وحرّ الصيف، ويمتنع حتى عن برودة الطائف في الأشهر القائظة، من أجل أن يوفّر لأبنائه الحياة الكريمة والعِلم. وتضرب العائلة المأساة غير مرّة، لكنّها تجد في مواجهتها أباً حامياً وأمّاً حاضنة كما تحتضن الطيور أفراخها.

يجتذبك عبد العزيز خوجة، في القسم الأوّل من المذكّرات، حتى تكاد تنسى أنّك مقبل على تجربة سياسية نادرة ومثيرة. سرده شِعر ونثر ومشاعر بلا حدود. وما بين الأحزان والفقدان تكاتف، محزن هو أيضاً، لشدّة صدقه. وكأنّما يريد الراوي أن يقول للذين عرفوه شاعراً أنّه شاعر في نثره أيضاً. وأحياناً شاعر مضاعف، وهو يجول في أرجاء مكّة في تلك المرحلة من الأربعينات والخمسينات، بل حتى عندما يذهب طالباً إلى القاهرة. فالفتى المبتعَث إلى دراسة الكيمياء، يجد نفسه تائهاً في مدينة الشِّعر والأدب والغناء. ويكتشف بعد حين أنّ مصر سوف تخطفه من واجبه إلى شغفه. فيتّخذ القرار الصعب بالعودة إلى جامعة الرياض، بعيداً عن ضفاف النيل وما حول تلك الضفاف، ليتخرّج دكتوراً في الكيمياء، ومن ثم مدرّساً للمادّة.

لكنّ القدر ما لبث أن أعاده إلى عالم الفكر والأدب والثقافة، وكيلاً لوزارة الإعلام، إلى جانب أحد كبار الإعلاميين السعوديين، الشيخ محمد عبده يماني، نسيبه وصديقه. وبكلّ تواضع، يتحدّث عبد العزيز خوجة عن المحطّات التي تعلّم عندها أمثولات الحياة والعمل. أوّلاً في الجامعة، ثم في الإعلام، ثم في الخارجية، حيث شغل منصب السفير في مراكز سياسية شديدة الأهمّية، ما بين تركيا، وموسكو، والمغرب، ولبنان.

 كانت المرحلة الدبلوماسية مليئة بالأحداث. وعندما ذهب إلى الرئيس التركي تورغوت أوزال يودّعه ويبلغه أنّه منتقل إلى موسكو، ضحك الرئيس الصديق وقال له: «كنّا نتمنّى أن تبقى معنا مدّة أطول. ولكن ما دمت مسافراً، فأسرع في الوصول إلى موسكو قبل أن يسقط ما تبقّى من الاتحاد السوفياتي». وبالفعل، قبل أن يعثر السفير الجديد على مبنى لسفارته، ويقدّم أوراق اعتماده، كان الاتحاد السوفياتي قد انهار وقام مكانه الاتحاد الروسي. ولذلك تعيّنت عليه العودة إلى الرياض لإعداد أوراق اعتماد جديدة. يخلط السفير الجدّية القصوى بلحظة الدعابة الساخرة من النفس. يتّصل به الملك فهد عند منتصف الليل ليسأله عن تطوّرات الوضع في المواجهة بين الرئيس بوريس يلتسن والمعتصمين في البرلمان. ولمّا لم يكن لديه ما يقوله، أجاب بأنَّ يلتسن سوف يهاجم البرلمان بعد نصف ساعة. وكانت زوجته إلى جانبه فقالت له: «ماذا فعلت؟ من أين أتيت بمدّة الإنذار هذه؟» فجلس يندم ويقلق ويعدّ اللحظات. وبعد نصف ساعة بالضبط، كانت الدبابات الرئاسية تهاجم البرلمان. وبعد لحظات أيضاً، اتّصل الملك فهد من جديد يثني على سفيره وسعة اطّلاعه. «التجربة» قطاف ممتع في الشِّعر والسياسة والسرد.

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة العمل والحياة تجربة العمل والحياة



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24