صاحبا المقدّمتين
آخر تحديث GMT06:28:45
 العرب اليوم -

صاحبا المقدّمتين

صاحبا المقدّمتين

 العرب اليوم -

صاحبا المقدّمتين

سمير عطا الله
سمير عطا الله

الشّبَه ليس كلّياً، لكنّ مواقعه كثيرة. وفي أي حال؛ ما هي إلّا مغامرة، أرجو أن أسامَح عليها. لعلّ أثر نيكولو ماكيافيلّي في علم السياسة يقارب أثر ابن خلدون في علم الاجتماع. وفي الحالتين، هو أثر محصور بالفكر الغربي؛ لأنّ الفكر العربي لم يلتفت إلى الأول، أو ربما لم يعرف به، ولا قدّر علوم ابن خلدون بما تستحقّ، إلّا بعدما أصبح مرجعاً – وربما المرجع الأوّل – في علم الاجتماع في الغرب.

الغريب في الشّبَه بين العالم الغربي والعالم الإسلامي، أنّ كليهما عاش حياته؛ إمّا في خدمة السلطان، وإما مضطهَداً منه. وقد تنقّل ابن خلدون بسبب تلك العلاقات في مغرب العالم العربي ومشرقه. أمّا مقام ماكيافيلّي ومنفاه، فبقيا معاً ضمن حدود إيطاليا التي لم تكن قد اتّحدت بعد، في القرن الخامس عشر. ولا نعرف أيضاً - أو بالأحرى؛ لا أعرف - ما إذا كان المفكّر الإيطالي قد تأثّر، وإلى أي مدى، بفكر ابن خلدون، أو إن كان قد اطّلع عليه في الأساس. لكنّ ذلك يبقى احتمالاً كبيراً بسبب سعة الثقافة عند الإيطالي، وسعة السمعة عند ذلك العالم العربي المذهل.
الفارق الأساسي بين الرجلين، أنّ ماكيافيلّي قد ظُلم كثيراً، ولا يزال. لقد وضع الرجل عدداً من الكتب والنظريات، لكنّ العالم توقّف فقط عند ما سُمّي «الماكيافيلّية»، وهو الجزء القاسي والانتهازي من تعاليمه. وتجاهل الجميع دعواته إلى الفضائل والخير والمساواة. كما تجاهلوا الحياة النموذجية التي اختارها والده برناردو للعائلة، بعيداً عن السعي إلى النفوذ والاحتماء بالأقوياء. بل هو مَن وضع كتاباً عنوانه بكلّ بساطة «الفضيلة». وقد احتلّ منصباً دبلوماسياً رفيعاً طوال 14 عاماً في جمهورية فلورنسا، سخّر من خلاله تلك الفترة للتوفيق بين الخصوم، والبعد عن التآمر، والتبشير بالقيم الأخلاقية التي كانت سائدة منذ أيام الإمبراطورية الرومانية. لعب ابن خلدون دوراً مشابهاً إلى أقصى الحدود عندما تنقّل مستشاراً بين الحكّام؛ من الأندلس إلى مصر إلى دمشق. وإذا كان ماكيافيلّي قد عُدّ رمزاً من رموز النهضة في فلورنسا، وهي النهضة التي رعاها بالدرجة الأولى الحكّام من آل ميديتشي، فإنّ عصر النهضة في العالم العربي، لم يُسمَّ كذلك إلّا بعد قرون على صاحب «المقدّمة». وما زال الخلاف قائماً حول مفاهيم النهضة وتحديد معانيها وآثارها. إن بضع أشجار لا تصنع غابة، كما هو معروف. ولا أعتقد أنّ ثمّة مجالاً للمقارنة بين النهضة الأوروبية التي شملت جميع نواحي الحياة والآداب والفنون والفكر؛ وبين النهضة العربية التي اقتصرت على أعمال متواضعة في نقد المسبوقات.

 

syria

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صاحبا المقدّمتين صاحبا المقدّمتين



GMT 18:18 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

من شعر الفرزدق وجرير وأبو تمام

GMT 13:36 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

ذهبت ولن تعود

GMT 17:58 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ما في أنفسهم

GMT 17:56 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

لو فعلها بايدن!

GMT 17:53 2021 الجمعة ,05 شباط / فبراير

ماذا وراء إعادة صياغة اتهامات ترمب؟

GMT 10:58 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الدلو الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 11:03 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2020

GMT 14:09 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

تبدأ بالاستمتاع بشؤون صغيرة لم تلحظها في السابق

GMT 10:54 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

التفرد والعناد يؤديان حتماً إلى عواقب وخيمة

GMT 13:42 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 10:11 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 09:35 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 10:58 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تجد نفسك أمام مشكلات مهنية مستجدة

GMT 15:56 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 12:44 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 14:50 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

حافظ على رباطة جأشك حتى لو تعرضت للاستفزاز

GMT 13:28 2020 السبت ,02 أيار / مايو

يبشّر هذا اليوم بفترة مليئة بالمستجدات

GMT 14:56 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

أحوالك المالية تتحسن كما تتمنى

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 11:12 2020 الإثنين ,29 حزيران / يونيو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 09:35 2019 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ابتعد عن النقاش والجدال لتخطي الأمور
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Syria-24 Syria-24 Syria-24 Syria-24
syria-24 syria-24 syria-24
syria-24
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
syria-24, syria-24, syria-24